| مَلحمةٌ بيولوجِيّةٌ | ✓

أطفال القُطنِ أيضًا يُعانونَ.

°°°

كرّرتُ كثيرًا:
«بسم الله الرحمن الرحيم.»
لأنني كنت خائفًا من مواجهة البراءة الجديدة علي، الأطفال الذين لا يعانون سوء التغذية أو اليُتم أو أيًّا مما نعيشه يوميًّا، قد يتبين لنا في وقت ما أنهم أيضًا يتألمون.

كنت إلى جانب ثلاثة أطباء ليسوا مساعدين، وليسوا شبابًا، أي أنهم متمرسون وذوي كفاءة عالية، ربما حتى ممرضوا الطفل هم في الحقيقة جراحون؟ أظن ذلك.

«يعاني من الشلل في ساقه اليسرى، بجانب الربو، وأهم ما في حالته هو قلبه.»

هو يعاني من مشاكل في عضلة قلبه كليًّا، إذ أنها في بعض الأوقات تفقد السيطرة وتجعل تدفق الدم إما جد سريع أو جد بطيء، وسبب هذا حتى الآن غير معروف.

تساءلت:
«منذ متى وهو يعاني كل حالة على حدة؟»
إن أغلب المصطلحات في الملف مكتوبة بالإنجليزية، وأنا إنجليزيتي عامية وعسكريّة لا غير، وتباعًا فأنا أنتظر الملف الذي يترجمونه إلى الفرنسية إذ أني أتقنها، وكي ألفت النظر لأمر مهم حيال هذا؛ الأطباء ثلاثتهم أجانب.

أثناء حديثهم ظهر القلقُ على وجوههم الممتعضة، أجابني الممرض الواقفُ بجانبي: «الربو منذ كان عمره سنة، أما الشلل ومشاكل القلب فبدأت منذ شهر، حالته تسوء».

بدوا لي متعاطفين كليًّا مع حالة الطفل، ليس أمرًا سيئًا، لكن كيف ستكون ردود أفعالهم إن شاهدوا جثث الرّضع التي تخرج من مستشفياتنا كل أسبوع؟
لن أقول هذا على أية حال؛ لأنني روبر وورك، الطبيب الألماني المبجل الوقور، ولست عمر الفهري، الطبيب التونسي الذي يتقاضى أجرًا بالكاد يطعمه.

قلت:
«سأرى الطفل.»

لم أستطع انتظار الملف أكثر من هذا، فولجت في الغرفة التي تبدو أنها واسعةٌ جدًّا، أنظر في أنحائها بترقّبٍ لرؤية مريضي الصغير، ثم قلت: «مرحبًا».

تحامل على نفسه وعدّل وضعية جلوسه رادًّا التحية بوجه بشوش شاحب، وما لبث أن ألقى تساؤلاته عقبها:
«أهلًا! هل أحضرت معك الدواء؟ الجميع لم يفعل لكنك ستفعل سيدي، صحيح؟ هل سيكون من الصعب أن أمشي مرة أخرى؟»

كان يبتسم، وأنا لست شخصًا يهون عليه كسر ابتسامة طفل صغير.
بادلته الابتسامة، وتقدمت إلى جانبه وجلستُ على سريره، أحطت كفيه اللذين يصرخان بأنه هزيل جدًّا. بدأت أحدثه: «مارك، أنت حقًّا مشرق جدًّا، أوتعلم ماذا؟»

هز رأسه وظل يبتسم حتى مع حقيقة أنني لم أجب إيجابا على استفساراته السابقة.

قلت:
«أنت بين أيد أمينة، ولأنك فتى جيد وتأمل خيرًا؛ فإن الله سيزيل عنك كل سوء، فقط اطلب منه ذلك دائمًا.»