«غريب »

34 3 0
                                    

_8_

وصلوا اخيرا، كان بيت كبير ولم يشبه المنازل العامة يبدو انه من عائلة ثرية بعض الشيء، لكن، ..وكأن الضجة التي كانت هناك لم تكن كافية،اصبح الحشد مضاعف!
لاحظ اوتو انزعاجه، قال :
-حسنا إن أبي كان مختار القرية السابق لذا فإننا معتادون ع المآدب الكبيرة اهاها، اسف ان ازعجتك الضجة!

كان يتكلم بصوت عالي كي يسمعه انليل .. أومئ انليل فقط، بعدها اخذ أوتو بيده وأوصله الى مكان ما، وصلوا لمكان هادئ بعيد عن الضجة، ودخلوا غرفة ما، ارتاح تعبير أنليل المنزعج سابقا، قال أوتو:
-حسنا يبدوا الانزاج عليك واضحا لا داع للأكل في مكان الضيوف، فلتأكل معي هنا، مارأيك؟
نظر انليل اليه بدهشة باهتة، ضحك فقال:
-اوه حسنا هذا أفضل بكثير ،اعتقدت ان رأسي سينفجر في أي لحظة سابقا هاها

ابتسم أوتو وقال :
- عندما يجهز العشاء سأجلبه لك ،يمكنك التجول في المكان حتى حينها
-حسنا

خرج أوتو، واغلق الباب، ...تلفت انليل ليلقي نظرة ع الغرفة، كانت غرفة الفتى مرتبة جدا، لقد بدا عليه انه يحب التنظيم ،انليل دقيق الملاحظة فقد لاحظ طريقة ارتدائه لملابسه ومدى نظافتها .

وكان يحتفظ بمكتبة فيها الكثير من الكتب ، تجول في غرفته لفترة، لم يكن في غرفته مايثير الاهتمام حقا،سرعان ما شعر بالملل، لذا هم بالخروج، ولكن عندما
فتح الباب تفاجئ،  كانت هناك أمرأة ع الباب، كانت ع وشك طرق الباب، ..

قالت بدهشة:
-اوه لقد افزعتني!
دهش انليل، ولكنه قال:
-اه ياسيدتي استميحك عذرًا

كانت السيدة في منتصف عمرها، عدلت تعبيرها وابتسمت وقالت:
-قال اوتو انه جلب صديق له، اوه يا الهي انا سعيدة جدا، اوتو لم يجلب احدهم من قبل ولم يكن له أصدقاء ، ما اسمك يابني ومن اين انت ؟

شعر انليل بالحيرة قليلا، لكنه أجاب:
-اوه حسنا، هذا شرف لي، انا انيل ومن بلاد ....أنا من بلاد الكرج

-اهاها انا لا اعرف اين يقع ذلك اعتذر، لكن اريد ان اطلب منك طلب

دخلت وهي تتكلم،
-اريد منك ان تعتني بأوتو، انت اول صديق لولدي الصغير ،لذا إذا اذيته بأي طريقة انا ..انا لن اسامحك ابدا ..!

سخر انليل في داخله، لم يعرف الفتى إلا منذ يومين، لكنه اعتاد النفاق، قال:
-حسنا اعتمدي علي.

ابتسمت السيدة وقالت،
-حسنا، لا اريد ان تخبره بما اخبرتك، لأنه قد يغضب مني، ...تنهيد، لا اريد ان اخسر احد اخر ..

وبدا عليها الحزن ..
لم يشعر انليل بالشفقة بل بالسخرية لطالما كان الناس هكذا، يتسببون بشيء ولكن لا يتوقعون نتائجه وعندما يحين ميعاد النتائج يتفاجئون بشدة!

غادرت السيدة ، ذكرت السيدة ان العشاء سيجهز قريبا ويستطيع أن يتشارك مائدة العائلة إذا أحب ...استلق انليل ع السرير وظل يحدق بالسقف ....ربما لم يكن من الحكمة مجيئه، لكن لما يفكر بالامر؟  في اسوء الاحوال سوف يقتلهم جميعا ،لم يكن القتل عنده يمثل شيءً كبيرا ،رغم حبه للنظافة وكرهه لمنظر الاحشاء والدم هو لم يحب استخدام الطرق الوحشية .

بعد فترة دخل أوتو بالطعام ووضعه ع المائدة ، كانت الغرفة واسعة يفصلها قاطع، نصف يستقر فيه السرير ودولاب فيه كل اشيائه وهو القسم الأصغر ،أما القسم الثاني فهو يشمل المائدة وثلاث كراسي ، وكذلك المكتبة ،جهة الباب كانت تطل ع المائدة وما إلى ذلك، لم يكن اوتو يستخدم المائدة كثيرا للاكل فغالبا يستخدمها للدراسة، نادى اوتو انليل لكنه لم يرد لذلك تجاوز الحاجز ليرى بأن الأخ قد غط بالنوم بالفعل
هل استغرق هذا الوقت فعلا يا الحرج!
فكر اوتو، ثم سار يحاول إيقاظه.
ناداه ، ...لكنه لم يستيقظ، شعر بالحيرة قليلا، ...
ناداه عدة مرات أخرى عندما لم يبدو هناك امل استيقاظه، اقترب منه وناداه بصوت اعلى ،أستيقظ انليل فورا، ...وظل يحدق فيه بشكل غريب ...ابتعد أوتو بسرعة وأستغرب نظراته المفاجئة
لكن انليل استمر بالتحديق طويلا حتى ارتبك أوتو ...قال:
-اوه انـ ...انا ...،اعني الطعام جاهز،

لم يجب انليل، وبقى ملصقا عينيه ع وجهه كأنما هو يتذكر شيءً ما ،كان تعبيرا غريبا إذ فتح عينيه وقطب حاجبيه ،فتح فمه ليقول شيء ما لكنه لم يفعل.

قال انليل اخيرا بعد مدة من الصمت:
-اهـ ..حسنا

بدأوا بأكل الطعام، شعر أوتو بالغرابة، ... كان انليل غريبًا، تحديقه اربكه لذا قال اوتو:
-اه هل هناك شيء ما ع وجهي

قال انليل بعد الصمت ...
-أستر ...؟

دهش اوتو وقال،
-ماذا؟

توقف انليل، ثم عاد إلى رشده ليقول :
-انت فقط تذكرني بأحدهم ....

عرف انليل من كان يشبه ....لقد كان يشبه الساحرة أستر ..!!
كانت الملامح متشابهة جدا، لكن بعد التدقيق هناك بعض المنحنيات ع وجهه والتي بدت اكثر طفولية منها ،اوتو كان مشرقا ع عكس استر كان شعرها احمر قان كلون الدم بينما هذا الفتى كان ذو شعر ذهبي، لكنهم اشتركو بنفس العيون الشهلاء المشرقة، رغم ان عيون استر كانت تحمل هالة مظلمة وغامضة، أما هذا الفتى فبدأ ابلهًا ورقيقا بدلا من ذلك  ،يبدو انهم متشابهين لكنهم ليسوا كذلك في ذات اللحظة، ربما يكون الفتى من اسلافها!  لكنه رافقها حتى آخر لحظاتها هي لم تنجب، كيف يكون ذلك؟! عند إعادة التفكير استر أكثر غموضا مما اعتقد قد تكون اخفت ذلك عنه ،أو ربما هو من اقاربها فقط، كلما فكر كلما زادت اثارته، اشتعلت نظراته و كبت ضحكته، يبدو ان الامر سيزداد اثارة!

انليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن