_17_
شعر اوتو بالدهشة والاستغراب وخليط من المشاعر الاخرى ،تقدم ناحية ذلك التمثال الذي شابه نيا، لا بل طابقها، أنه محتار ،لما يقام تمثال لها في هذا القصر البعيد، … اقترب وكوب وجه التمثال ودنى لينظر عن كثب، كانت نيا تحمل لمحة الدهشة والثناء في وجهها وبدت ملامحها حية لكنها من حجر، كانت أقصر منه، تدلى شعرها خلف ظهرها ،فقد شعرها حيويته وتحول الى حجر لونه البني الساحر انحسر وصار طي النسيان، جلدها الرقيق اصبح حجر ابيض لامع لما هناك تمثال لها هنا؟ اقترب ليتحقق من كل شبر من ذلك التمثال بعد فترة انتبه لشيء، …لعيون هذا التمثال بريق مميز، غريب ان يمتلك التمثال بريق كهذا البريق، ….
امسك اوتو خدها، وفاضت عينيه بالدموع ،قال:
-نيا هل هذا انت؟ادرك الامر اخيرا، ليس التمثال لها انها هي التمثال، لقد تحولت نيا لحجر، هذا النوع من أنواع السحر قوي وليس شائع ،لكن ذلك لم يمنع ان يعرفه اوتو خاصة كونه يهتم بموضوع السحر ويقرأ عنه دوما رغم عدم مقدرته ع تعلمه.
تراجع اوتو وحدق بالتمثال بصدمة ويأس …نيا ذهبت ..أدرك ذلك أخيرا، أجش الفتى بالبكاء، ترابطت أفكاره انيل، لما جلبني الى هنا، لما اصر ع المكوث أنه يعلم، لا بل يعلم علم اليقين كذلك لأنه الفاعل أجل هو الفاعل ولا احد سواه !!
لقد خدعني ،وانا الغبي اعتبرته كشخص يمكن الوثوق به …كـ صديق .شهق وفاضت عيناه، ارتجف ،شعور بالغباء والذنب
انا الغبي هنا ….تعالى صوت بكاءه عندما أدرك كمية الغباء في تصرفاته-اوتو مالذي تفعله هنا ؟
جاء الصوت من خلفه، صوت هاديءً جدا لم يكن سوى انليل الذي عاد مبكرا للبحث عنه، لقد أدرك كل ما حدث، لقد عرف اوتو كل شيء ، لكنه هاديء بشكل غير متوقع كأنه متوقع من هذا أن يحدث،
مسح اوتو وجهه بكم يده، وانقض ع انليل يمسك ياقته، صاح به :
-انت!! لقد خدعتني!!اشاح انليل ببصره ،ولم يقل شيء، رغم انه في مواقف مماثلة سيضحك بقوة ويكشف عن نفسه.
رفع اوتو يده وصفع ع خد انليل، لم يرد انليل.
تراجع اوتو يبكي ويقول:
كيف تجرؤ على خداعي بهذا الشكل، لما لم تقتلني، ما هو مبتغاك ؟!غطى اوتو وجهه بيديه وانهار باكيا ع ركبتيه، توسل بهدوء تحت انفاسه مرتجفا:
-اقتلني ارجوك، لا وجه لي للعودة دونها …نظر انليل اخيرا ناحيته، أظهر نفسه واجنحته، اشاح اوتو يديه لينظر ارتعب لكنه اغلق عينيه مستعدا لما سيحدث، تقدم انليل ناحيته بخطوات بطيئة نمت القشور السوداء المدرعة ع طول يده لتشكل أظافره شفرة حادة ،رفع يده ونظر نحو رقبة الاخر بنية نحره، لكنه لم يتحرك تجمد هناك فقط، بعد بضع دقائق انزل يديه وقال:
-كما ضننت، انا لا استطيع فعل هذا…فتح اوتو عينية، ثم قال ساخرا
-لا تجرؤ حتى ع قتلى، الم تتعب تمثيل هذه المسرحية بعد!!
صرخ اوتو، بعدها وقف وركض ليخرج من هناك فورا، التفت انليل ليشاهده يغادر، ويتلاشى بعيدا لم تتغير ملامح انليل كانت متجهمة بشكل غير محسوس
لم يعرف ما كان يشعر في تلك اللحظة، لكن ما كان يعرفه
هو أنه لم يكن يمثل .………
كما توقع انليل غادر اوتو المكان نهائيا ،ذهب انليل لينام، في الحقيقة ع الرغم من كل قدراته الا ان النوم كان مهم جدا بالنسبة له اعادة التشغيل هي التي تعيد له نشاطه وهو لا يتصور التخلي عن هذه العادة، نام مباشرةً شعر انه متعب فقط، عندها صار يتذكر ماحدث عندما التقى والديه
لم يعرف لما طرأت هذه الذكرى فجأة ع عقله
………بعد أن وصل انليل الى مركز مملكة نيبور لم يطل المكوث وقد اقتحم القصر الملكي ،لم يهتم بكم قتل من الناس في النهاية وصل الى الملك، او والده الملك -كي- عندما اقتحم قاعة القصر وجد الملك -كي- والده يجلس ع للعرش وهو رجل في منتصف عمره ملتحي يملك شعر أسود طويل وعيون سوداء كذلك، خمن انليل أنه ورث العيون الزرقاء من والدته،
كان الملك هاديء وهو يجلس هناك، ذو ملامح وقورة لا تحمل أي شيء من المشاعر وإلى جانبه أحد الفتية بدا انه اصغر من انليل بعدة اعوام، انه اخوه كما قيل عنه ،أنه بديله ….يملك وجها بشوش وملامح طفولية وشعر ذهبي وكذلك عينيه ،لا يتذكر انليل وجهه بدقة، لانه لم يهتم به ببساطة ولم يركز أو يُطل النظر ..دخل انليل، وقد نشر جناحيه وضمهما في آن، ورفرف بهيمنة كنوع من التهديد لكي يظهر أنه ذو الكفة الاثقل هنا ، كانت القاعة هادئة إلا من خطوات اقدام انليل البطيئة التي تقدمت نحو العرش خطوة بخطوة، جلس الملك هناك بهدوء بينما كان الفتى متوترا، خيل له أنه كان يرتجف
قال انليل بعد أن وقف أمامه مباشرةً، بضع مترات تفصل بينهم :
-أبي.تردد صوته في أعماق قاعة القصر الفارغة كان صوته عميقا وثقيلا، ووجهه قاتم
نظر الفتى -ولي العهد الجديد- الذي بجانب الملك ناحية والده، وهو فضولي من ردة الفعل التي سوف يبديها
عندها وقف الملك على قدميه وتقدم عدة خطوات ببطء ووقار ،كان حضوره ثقيلا، هالة ملك قديم ،قال:
-انليل ،عدت اخيرا،… كانت أمك تتمنى هذا اللقاء ،لكن أحبذ لو تبرر فعلتك اولا،لما قتلت كل هؤلاء الأبرياء ،ان طلبت لقائي فأنا لن ارفضك.قال ذلك بلهجة ثابتة،ومن دون ابداء اي مشاعر فيها ،هكذا هو الملك الفخور لنيبور وطالما كان
صمت انليل ، واستمر يحدق في وجه أبيه ثم قال:
-اين هي امي؟
هو لم يعرفها حقا لكنه يحمل شبح لها في ذكرياته، وطالما كان فضوليا نحوها.اغلق الملك عيناه، تنهد ثم قال بنفس اللهجة السابقة مع بعض الأسف في صوته:
-امك توفت منذ ميلادك الثاني عشر.
توقف، ثم استطرد وهو يلتفت نحو الفتى خلفه
-هذا هو اخوك الاصغر اليوشا
تقدم الفتى اليوشا ورحب بأنليل بابتسامة ودية قائلا:
-لطالما سمعت عنك الحكايات، اتشرف بلقائك!
لقد دلل الملك هذا الفتى كثيرا ،حتى اصبح اكثر رقة، فكر انليل
لم يرد انليل ،وحدق في ذاك البديل الابله
توتر اليوشا، ضحك بإحراج
قاطعهم الملك قائلا:
-انليل انا انتظر تبريرك لما فعلت كل هذا؟! لما أثرت الفوضى
نظر انليل إليه وقال بعدها بينما أظلم وجهه وصارت نظرته خطيرة :
-انا هنا لأنتقم، أنت الذي تسببت في لعنتي انت الذي طردتني وطردت عمتي!قال الملك باستغراب:
-مالذي تقوله، ومن هي عمتك؟!-انا هي عمته !
أنت تقرأ
انليل
Historical Fictionتَسرب بِيان مِن أحد الكهنة وهي مخطوطةٌ قَديمة، اثرية مفقُودة لأجيال فيها حَقيقة أن رماد العنقاء يهب المرء قوة عظيمة يقارع معها الجبابرة من الاقوياء..!! كان في المسألة شك كبير، شرط الاستخدام ان يستعمل ع طفل سيولد حديثا في مراحل تكونه، فقد كُتب ذلك ال...