🍁 الفصـل الثَّـالـث.

181 48 84
                                    

** تَـمَّ نشر هذا الفصل في الثامن من مايو، لعام ألفيْن واثنيْن وعشرين.

َ
َ
َ
َ
َ
َ

كُنتُ أجحظه بنظراتٍ قاتلةٍ، يتطايرُ منها الشَّـررُ؛ بينما هو جالسٌ على الكرسيِّ أمامي يأكُـل باستمتاعٍ.

= كُـفِّي عن النَّظـر إليَّ!
أردفَ يُطالعني، قبل أنْ يلتهم آخر لُقمةٍ من الشَّطِيرَة.

شهقتُ بعدمِ تصديقٍ من بجاحته، وأردفتُ: " تجعلني أبتاعُ لكَ كل هذا الطَّعام، وأدفع ثمنه أيضًا، يا لكَ من وغد! "

وضعَ قطعةَ البيتزا في يده مكانها قبل أنْ تصل إلى فِيه. ثُـمَّ أمعنَ النَّظر بي دون أنْ يُجِيب.
= لماذا تنظُـر إليَّ هكذا؟
أجابَ بنبرةٍ مُخيفةٍ، بعد لحظاتٍ من الصمتِ:
" أفكِّـرُ كيفَ أقتلكِ... وإنْ قتلتكِ، أين أدفنُ جثَّتكِ يا تُـرى؟ "

ابتلعتُ ريقي بخوفٍ، وهو ينتقلُ بعينيه بين تقاسيم وجهي. وتوقَّفتْ حدقتاه عند عُنقي.
هل سيخنقني؟

= لا يجب أنْ نصل إلى هذا الحدّ من أجل كتابٍ، أليس كذلك؟
_ إذن، ما كان عليكِ أنْ تُخلِّي بالاتِّفاقِ!
= بربِّـكَ سأدفعُ لطعامِك خمسة أضعاف ثمن الكتاب.
_ هييي هييي لا تتحدَّثي وكأنَّكِ الضَّحيَّـة. ستدفعين خمسة أضعاف لأنَّـكِ خَدعتِنِي مُنذُ خمسةِ أيَّـام.
= هل أنتَ مُختلٌّ؟ أيُّ منطقٍ هذا؟!

تنهَّـد تنهيدةً طويلةً، ومسح يديه بمحرمة، قبل أنْ يُشير إليَّ بيده.

= ماذا؟
_ أعطِنِي رأسَكِ.
= لـِمَ؟!
_ إنْ لم ترغبي في الدَّفع، أعطِنِي رأسَكِ.

ناظرتُـه قليلًا بحيرةٍ، قبل أنْ أتقدَّم برأسي للأمام.
ارتفع عن كرسيِّه قليلًا، ثُـمَّ أمسكَ وجهي يثبِّـته عند زاويةٍ مُحدَّدة، وقال بابتسامةٍ خبيثةٍ صغيرة:
" لقد قرَّرتُ عقابكِ. "

طقطقَ أصابعَـه العشرة والابتسامة ما تزال تعلو ثغره، بينما بدأتْ يدي اليُسرَى بالارتعاش.
يبدو أنَّـه ينوي خنقي حقًّا!

_ أغمضي عينيكِ!
= ماذا ستفعل؟!
_ أغمضيهما!

أغمضتُ عينيَّ، ليسَ لشيءٍ إلا لثقتي في أنَّـه لنْ يخنقني أمامَ هذا الجمع الغفير.

ثانية... اثنتان... ثلاث...
صرخةٌ عاليةٌ صدرتْ منِّي وانتشرتْ في الأرجاءِ.

أمسكتُ جبيني بألـمٍ، أشعُـر بلسعةٍ قاتلةٍ.
رمقتُ بامتعاضٍ ذلك الذي يضحك بينما يقومُ بالنَّفخِ في إصبعه الأوسط، وكأنَّـه مُسدَّس.
لقد ضربني بوسطاه على جبيني.

أوراقُ الخريـفِ المُتساقِـطة. 🌿حيث تعيش القصص. اكتشف الآن