كذبة

1.8K 68 14
                                    

لانجز ما قررت فعله كان يجب أن أستخدم شبكة علاقاتي و أدّعي أن القصة تخصّ صديقتي، بعد تعب و بحث تحصلت على إسم طبيب صاحب عيادة خاصة جعل من الاجهاض الغير القانوني رزقا له، كنت اود أن أعرف عمر الطفل قبل خوض أي خطوة إلى الامام، إكتشفت من خلال هذه الازمة التي أعيشها، أزمة الحبّ، أن كل شيء في حياتنا يشترى بالمال، كل من عرضت عليهم أموالا كي يصبح لديّ إسم مستعار ، زاغت أعينهم أمام الاموال الكثيرة التي قدمتها لهم. علمت أخيرا أن الجنين بعمر الشهر و النصف و هذا ما جعل ضميري يرتاح قليلا ، ذهبت للطبيب الذي كنت ألعنه في داخلي عن عمله البغيض رغم أن فيه نجاتي، حددت موعدا معه تحت إسم مستعار زيفته السكريتيرا الخاصة به بعد أن دفعت مبلغا ليس بالقليل ، شهر و نصف عمر الجنين جعلني أملك وقتا كي ارتب غيابا لائقا يقتنع به مالك دون إثارة شكوك، الغياب سيكون على شكل رحلة مع إلين بثلاثة أيام لأنني أشعر بالملل و التعب بسبب غيابه المتواصل في العمل، و في كل الاحوال ما كان لمالك أن يرفض خاصة و أنني أخبرته أن أبي هو من أهداني هذه الرحلة مستغلّة علاقته المتوتّرة به و غياب أي تواصل بينهما كما لم يكن لمالك أن يأخذ إجازة في ذلك التوقيت، أما إلين فأخبرتها أنا الامور تسير على نحو سيء مع مالك و كان يجب أن أرتاح و أبقى مع نفسي قليلا لكنني سأدّعي أنها معي حتى تختفي من الوسط فلا يراها لا هو و لا عائلتي ، ادهشتني قدرتي على الكذب ! كان كل شيء مرتّبا بشكل لم اصدّقه و كان القدر يسايرني و يذهب مع أفكاري أين ما ذهبت، لم يكن قبل اليوم مطيعا لكن لميار هذه سحر يطوّع الاقدار...
ذهبت صباحا على الموعد و بعد التحاليل و الاجراءات جاء موعد الدخول لغرفة العمليات ، كاد قلبي يخرج من مكانه خوفا ، ماذا لو حدث شيء طارئ ؟ ماذا لو أوقعتني الحياة في فخها؟ كل ما كنت أذكره وجه الطبيب المبنج وهو يقول أشياء لم أفهمها و غبت عن الوعي. إستيقظت لأجد نفسي وحيدة على فراش في غرفة بيضاء ، لم أشعر بأي ألم كنت أقول أشياء حتى أنا لم أفهمها لتطلّ الممرضة و تخبرني أن كل شيء على ما يرام، بدأت أستعيد وعيي شيئا فشيئا و اُدرك فداحة ما فعلت ، بدأت دموعي تنهمر في صمت رغما عنّي و بدأت اُفكّر أي شخص هذا الذي من أجله تخليت عن حلم كنت اُريد أن أحياه! إنها ميار، هي من أوقعتني في هذا ، هي من أوصلتني لهذا الحال، كذب و خداع و خيانة ... لقد فقدت ضميري لأجلها! بعد اليوم لن تكون لأحد غيري لن أجعلها تفلت من هذه العلاقة التي أرادت أن تسير بقاوانينها، بعد اليوم ستكون قوانيني أنا التي تسود ، تخليت عن أغلى ما عندي لأجلها فلن يكون لها سبب مهما كان قويّا للرحيل ستكون لي و أكون لها رغما عن مالك و أبي و أي عراقيل يمكن أن تعترضنا. عندما تحيى قصة يحكمها الجنون ستفشل في تعداد الاشخاص الذين ستصيبهم الصدمة لو عرفوا حقيقتك، لن ترا سوى نفسك و الشخص الذي من أجله قررت أن تركب قطار جنونك ، لا العائلة و لا الاصدقاء و لا المعارف ذا أهمية لديك، نفسك وحدها و من أحببت يقودانك نحو المجهول...
أخذت وصفة الطبيب كانت عبارة عن أدوية لتخفيف الالم و مقاومة التعفن ، كان كل همي في أسئلتي هل لزوجي أن يعرف ما فعلته فكانت كل إجابته أن طمأنني و هذا دوره! يجب أن أبتعد عن مالك لمدّة اسبوع او أكثر ربما يستمر خلالها نزيف قليل ، أخبرني أن الاجهاض له تأثيرا نفسي فضحكت في داخلي فهو لا يعرف أنني فعلت ذلك لأجل شخص ما، هذا غريب و لكنه حقيقة ، هذه المرأة أغلى مما كان في رحمي، لو أخبرته أنني من فترة قصيرة كنت أكرهها لما صدّق ذلك ! لو أخبرته أنها إمرأة للعنني في سره !
أخذت سيارة اجرة و ذهبت للنزل الذي سأقضي فيه بقية الايام الثلاث، مررت في طريقي لصيدلية و أخذت الادوية اللازمة، كنت في كلّ لحظة ألعن ميار حبّا فيها ليس كرها لها! استلقيت على الفراش و قد بدأ الألم يدبّ في كل جسمي و كان ألم عقلي أشدّ ، كنت كمن يمشي أعمى في مكان يجهله و الان عاد بصري ، مالذّي كنت افكر فيه عندما أخذت هذا القرار أي جنون هذا الذي يقودني نحوها ؟ كيف سأعيش مع هذه الكذبة و كيف لو عرف مالك ما فعلته بطفل كان ينتظره على أحرّ من الجمر؟
أخذت المسكنات اللازمة لكن الألم أبى أن يغادرني عندها فكرت أن صوتها فقط يمكن أن ينسيني ما أنا فيه فإتصلت بها دون تردد و قبل أن أنطق بحرف قالت
- سيلين حبيبتي هل كل شيء بخير؟
- أنا بخير! لماذا تسألين ؟ هل إتصلت بوقت غير مناسب؟
- لم أعتد أن تتصلي بي في هذا الوقت!
ربما كان كل اتصال مني يجعلها تخاف إن كان حدث شيء ما مع مالك ، أما سؤالها إن كنت بخير جعلني اتوتّر، ربّما بطريقة ما عرفت ما اُخفيه! لكن كيف لها أن تعرف؟ الخوف يجعلك كثير الغباء و يجعل عقلك عاجزا عن التفكير. هكذا هي العلاقات السريّة و هكذا هو الحبّ الممنوع يجعلك تعيش كل لحظة خائفا متوتّرا أن يكشف سرّك ، يشعرك كأنك تقف على جرف هاوية ستسقط فيها أي لحظة ، ينعدم الامان من حياتك و يتسلل القلق و التوتّر لقلبك فيستوطن فيه، هي تعيش خوفا واحدا أما أنا فأضفت لنفسي خوفا آخر أكبر بكثير من أن يعلم مالك بعلاقتنا ، ستكون صدمته بما أقدمت على فعله لأجلها و كأنه لا يساوي شيئا في حياتي ، ستكون أعنف و أشدّ.
- أنا وحيدة في البيت و شعرت بالملل ، كما أنني إشتقتك و أردت سماع صوتك
- لقد إشتقتك أكثر، صوتك يُنسيني تعبي و غربتي، قالت بسعادة بعدما عاد الاطمئنان إلى نفسها
- إذا كيف يسير عملك؟
- لا شيء جديد نفس التحديات اليومية التي إعتدنا عليها
- هل عرف متى تستطيعين القدوم؟
- و لما عليّ القدوم ؟ قالت بمزاح
- اه ! إذا لا تفعلي
- أنا أمزح، فقط أردت أن ترضي غروري و تقولي كم إشتقت إلي، و كم أنك وحيدة بدوني
- حسنا الحقيقة لست وحيدة ، هناك إلين و مالك و ... قلت مقهمقة فقاطعتني
- تبّا لك مغرورة
- و تعشقين غروري
- بل أحببتك أكثر لأنك مغرورة و قويّة
- حتى لو إستعملت قوّتي لأجعلك خاضعة لي ؟
- سأخضع لك في كل شيء و تخضعين لي في الفراش! قالت هامسة فشعرت بكهرباء سرت في جسدي سرعان ما تحولت لألم فضيع حتى كدت أتأوه من شدّته فكتمت انفاسي، ما كان يجب أن اُثار و انا على هذه الحال فحاولت تغيير الموضوع و قطع الاتصال بأسرع ما يمكن لأبتلع المزيد من دواء تسكين الألام ثم أغوص في نوم عميق.
عندما إستيقظت وجدت هاتفي يكاد ينفجر من كثرة الاتصالات به مالك ، إلين و حتى ميار ، تملّكني الخوف مما يكون ربما قد حدث! إتصلت مباشرة بإلين لتخبرني أنّ مالك إتصل بها كثيرا و لأنها لا تعرف ما الامر الذي جعله يفعل ذلك فهي لم تجبه، يبدو أنه إتّصل بي مسبقا و لأنه لم يجدني فقد إتصل بها لعلمه أنّها معي
- سيلين بربّك أين أنت؟ قال بغضب ظاهر على صوته
- أنا آسفة لقد تعبنا اليوم كثيرا من التجوال فعدنا لنزل و نمنا مباشرة
- هل تتذكرين أن هناك شخصا ما ، هو زوجك ينتظر منك إتصالا لطمأنته؟ كان يصرخ غضبا وصوته يكاد يخرج من سماعة الهاتف ، إنها المرّة الاولى التي يغضب فيها بهذا الشكل
- حبيبي حقّا أنا آسفة لقد غصت في النوم و كذلك إلين كنّا متعبتين جدّا و...
جائني صوته مقاطعا
- لقد تغيّرت جدا سيلين ! لا أعرف من أين أتت فكرة السفر هذه الآن و بدوني، ثم تصلين هناك و تتجولين و تمرحين مع صديقتك و تنامين كلّ هذا الوقت و تتجاهلين وجودي ! لكن هل تعلمين حتى دون سفرك أصبحت تتجاهلين وجودي ! إن كان هناك شيء ما تفكرين فيه فهذه فرصتك، لديك الوقت الكافي الان لتفكري جيّدا بعيدا عني
كان يقول كلماته بحنق ظاهر و كانت تخترقني كالسهام ، كلّ غضبه هذا لأنني لم أتّصل به ، إذا ماذا لو عرف ما اُخفيه ! توترت كثيرا كان يواصل تشنجه و كانت ميار تتصل بنفس الوقت مرّات و مرّات و لم أفهم لماذا إنها المرّة الاولى التي تفعل فيها ذلك، خاصة وأنها تعلم أن في هذا الوقت لا بدّ أن مالك بجانبي ، حمدت الله أن هاتفي على وضع الصامت و لا يمكن له أن يعرف أن هناك شخصا آخر يتصل بشكل هستيري ، كدت أنسى كيف أتنفس ، صوت مالك و اتصالات ميار أفقدتني عقلي لكنني عدت لأكثر كلمة قالها ووقفت عندها
- ماذا تقصد بشيء اُفكّر فيه؟ قلت مدّعية الغضب
- أنت من يجب أن تجيبي على هذا السؤال ، علاقتنا لم تعد كما السابق، لم تعودي كما السابق، لقد أصبحت شخصا بارد المشاعر شاردة طوال الوقت ، أعود من العمل لأجدك ملتصقة بهاتفك لا تكادين تتركينه، حتى جسدك لم يعد يستجيب لرغباتي، أين سيلين التي كنت عندما ألمسها تذوب بين يدي ؟ هل ظننت أنني لم أشعر بذلك؟ هل أنا غبيّ بنظرك؟
- لا أعرف ما تلمّح له لكن كل ما قلته ساخافات من صنع خيالك ، ثمّ لما إنتظرت حتى اُسافر لتتحدث في هذا الموضوع؟ أتعرف لماذا؟ لأنك شخص أناني لا تريد أن تراني سعيدة او مستمتعة بدونك، أنت شخص متسّلط تريد أن تمضي كامل اليوم في العمل و اُمضيه وحدي و تعود لتجدني قد جهّزت نفسي لك لتستمتع...
قلت الكثير من التراهات التي أعلم أنا نفسي أنها غير صحيحة ، لكني كنت اطبق المثل الذي يقول أحسن وسيلة لدفاع الهجوم، ما من سبيل كي أتنازل الان و أقول له أنه على حق، و أن كل ما يشعر به صحيح، أنني احب شخصا آخر غيره، هي إمرأة و هي صديقته الاقرب إلى قلبه و أنني اليوم بالذات تخلصت من بذرته التي زرعها في رحمي و التي كان ينتظرها! عندما فكرت في هذا كله مرّة واحدة إكتشفت أنني شخص شرير و لا حدود لشرّ الذي أقوم به... في تلك الاثناء لم تكف ميار عن الاتصال! ما بالها ! هل كان هذا ما ينقصني !
- هل هذا حقّا ما ترينني عليه، أناني و متسلط؟ قال بصدمة
- أنت كذلك ! قلت و قد كادت أعصابي تنفجر
- حسنا سأقول لك للمرّة الاخيرة، الآن فرصتك للتفكير جيّدا و تعيدي النظر في علاقتنا ، عودي إلى هنا بقرار.
قال كلمته و قطع الاتصال في وجهي ، هذا كثير بالنسبة لي و لن أستطيع تحمّله !
عاودت الاتصال بميار التي شغلت بالي بإصرارها
- أين أنت سيلين؟
- لما كلّ هذه الاتصالات ؟ هل أنت بخير؟ ألا تعلمين أن مالك في هذا الوقت يكون في البيت
- لكنك إستطعت الاتصال بي! إذا هو ليس هناك؟
- لقد خرج لتوّه ليشتري بعض الاغراض فعاودت الاتصال بك
- أنت تكذبين!
- عفوا! قلت بصدمة بل بصدمتين من تلك الكلمة التي تقولها لي للمرة الاولى، و بحقيقة أنها تعرف أنني أكذب
- أين أنت الان سيلين؟
-أ ... أنا ، تلعثمت و لم أجد ما أقول بل لم أعرف لما أنا خائفة منها الان! حتى مالك لم أخف منه بهذه الطريقة
- اليوم و بالصدفة إتصل مالك و بالصدفة كذلك قرّرت أن اجيبه فأخبرني أنك سافرتي مع إلين ، لما لم تخبريني بذلك؟ و لما واصلت كذبك حتى الان؟
هذه الليلة لن تمرّ بخير، كنت متأكدة أن القدر لن يسايرني كما تخيلت وهاهو يوقعني في مصيبة أكبر من الاخرى، مرّ وقت طويل وهي تتجاهل إتصالاته ها هي الان تقرر أن تجيبه ليخبرها عن سفري !! أي صدفة حمقاء هذه ! لكنني لست من الاشخاص الذين يتنازلون ، فأنا اواصل عنادي حتى آخره، حتى ولو كنت أنا المخطأة
- أولا لا أسمح لك أن تنعتيني بالكاذبة، لا تتجاوزي حدودك معي ميار ، ثانيا سافرت لأنني اصبحت متعبة من تواجدي مع مالك، و هل تعرفين بسبب من ؟ هذا بسببك
- أنت تلقين اللوم عليا الآن ؟ أنا المذنبة إذا؟ حسنا أتفهم أن مشاعرك مضطربة و أنك تعبت من تمثيل دور الزوجة المطيعة معه! لكن مالذي يجعلك تخفين سفرك عنّي؟ ارجوك إحترمي ذكائي قليلا لا اريد إجابة ساذجة.
كنت أبحث حقّا عن جواب يمكن أن تقتنع به، خانني عقلي المدّبر الان و تركني وحيدة في مواجهتها، ما من سبب من منظورها طبعا يمكن أن يكون حقيقيّا ، كيف ساُبرّر نفسي لها دون الاتيان على فعلتي التي فعلت من أجلها!
- حسنا ميّار أنا حقّا متعبة ، ليس جسدي فقط بل نفسي كذلك مرهقة و لا أملك إجابة تشفي غليلك ، قبل إتصالك كنت أتشاجر مع مالك و هذا كثير ميار، أكثر من أن أتحمله، قلت بصوت هادئ هدوء الانهزام
- إن كنت لا تملكين إجابة إذن هناك شيء ما تخفينه، أو ربما شخص ما! قالت وقد سايرتني في هدوئي لكن كلماتها الاخيرة و ما كانت تلمح له أشعل بركانا في قلبي، عندما قالها مالك لم تعنيني ، كنت فقط أخاف من إكتشافه للأمر لإعتبارات اخرى لم تكن تتعلق لا بشخصه و لا عالقتنا و لا ما هو مفروض أن يكون حبّا بيننا، لأنه لم يعد هناك حب، على الاقل بالنسبة لي! لكن عندما قالتها هي ، وهي من هي بالنسبة لي ، وهي تعلم أنني خاطرت لأجلها بزواجي و أنني معها مهددة بفضيحة لإسمي و لعائلتي ، بل لا تعلم عن ماذا تخليت لأجلها تلميحها جعل نيران الغضب تسري في عروقي ، كيف لها أن تفكّر بذلك ! كيف لها أن تتهمني بالخيانة !
- لا اُصدّق ما نطقت به الان ، هل تقصدين أنني أرى شخصا آخر؟ إذا لأفهم كلامك، أنا إمرأة متزوجة سعيتِ كي تسقطيها في شباكك و عندما إستسلمت لك أصبحت تفكرين أنها ربما هي عاهرة تقع لأي شخص يريدها وهي الان سافرت مع شخص ثالث لتستمتع بحياتها ! هل هكذا يفكر عقلك الذي يجب أن أحترم ذكائه آنسة ميار ؟ قلت بغضب جعل كل جسدي يتألم ، لكن ألم روحي كان أشدّ ، ما كنت أتخيل أن تفكر بي بهذه الطريقة المشوّهة و ما كنت لأقبل ذلك.
- حسنا أنا أعتذر لم أكن أقصد ذلك لقد...
قاطعتها
- إعتذارك غير مقبول ميار، و كنت تقصدين كلّ كلمة قلتيها لستِ من اولائك الذين يتكلمون دون تفكير، أنا أعرفك جيّدا. و حتى إن لم تفكّري جيّدا قبل قولها، فهذه الفكرة يبدو أنها راسخة في عقلك، أنا بالنسبة لك مجرّد إمرأة خائنة ارتمت بين يدي صديقة زوجها و ارادت في اول مناسبة تسليم جسدها لها ... أتعلمين شيئا؟ حقّا أنا المذنبة، أنا من أوصلت نفسي لهذا الوضع السخيف ..
- كفى سيلين ارجوكِ ، قالت و قد ظهر الندم على صوتها، لقد جننت حقّا لأنك لم تخبريني عن سفرك ، اتصلت الف مرّة و لم تجيبي و قد ذهب بي عقلي الغبي بعيدا ، أنا أغار سيلين ، أحترق كلّ يوم بمجرّد التفكير أنك يمكن أن تكوني بين يدي أي شخص حتى ولو كان مالك ،وهو أحقّ بك منّي، ارجوك اُعذري غيرتي و حبّي لك
كان صوت في قلبي يقول لي سامحيها و صوت آخر في عقلي يخبرني أن ما قالته ليس له علاقة بالحبّ و لا الغيرة ، بل بنظرتها إلي، الخيانة مسألة متشعّبة و معقّدة ، أحيانا يكون لها أسباب واضحة تتعلّق بالشّريك ، و أحيانا تكون بسبب أنانيتنا التي تطلب المزيد و جسدنا الذي لا يشبع ، عندما خنت مالك معها ، لم يكن لنقص أعيشه في علاقتي به لم يكن لحرمان أو جفاء ، لم يكن بسبب مالك ، بل بسببها، كان جسدي دون علم منّي يطلب المزيد فأتت هي و كأنها أدركت ذلك و ظننت أنها الشخص المناسب ، و لم أكن أتخيل للحظة أن قلبي سيدخل على الخط ليبعثر أوراقي .. هذا ما جعلها ربّما تفكّر أنني كثيرة العلاقات و أنني مستعدّة للخيانة مع أي كان و هذا ما سيجعل علاقتي بها تتوتّر ، كان هذا شجارنا الاّول لكنه كان من الحجم الثقيل جدّا!
أحيانا يكون دليل برائتك بين يديك لكنك لا تملك الشجاعة لإظهاره ، لأن بإظهاره تصبح مذنبا أكثر في عيني من تحب ، فكيف يمكن أن اقنعها أنني أجهضت طفله لأجلها! تفكيرها الغبي ذلك هو أرحم من أن تعرف هذه الحقيقة.
كانت تقدم إعتذاراتها مرارا و تكرارا لكنني لم أعد اريد سماع صوتها و لا ما تقوله فقطعت الاتصال وهي تتكلم ، عدت لاعانق وسادتي، تملكني حزن شديد و إنفجرت باكية ، قتلني ما فكّرت فيه ونحن مازلنا في البداية ، شعرت بغضب شديد منها و من نفسي التي اوقعتني في قصة لا أعرف إن كنت بحجمها أو لا!
أمضيت اليومين المتبقيين في الراحة و الاكل لم افكّر في شيء فقد كان عقلي عاجزا عن التفكير ، سأستسلم لكل ما يحدث و أترك الامور للوقت كما تعلّمت منها.
عدت للبيت و كان مالك في عمله ، إتصلت به و أخبرته بعودتي، و تجهزت لليلة ربما ستكون طويلة ، لكن عكس ذلك عاد هادئا و كأن شيئا لم يكن، و ربما هذا أخافني أكثر ، إحتضنني بشوق كنت أشعر بصدقه ، قبلني ، جلسنا و سألني عن سفرنا و كلّ ما فعلناه ، و طبعا هذه قصة كاذبة جهزتها بإتقان و رويتها له ، كما لم أنسى أن احضر له هدية لتكون الكذبة كاملة و مثالية. جاء وقت النوم و عكس ما توقعت لم يطالب بشيء فقط احضان و قبل ، قال أنه لابدّ أنني متعبة من السفر و يجب أن أرتاح فإبتسمت له تأكيدا ، في كل الاحوال لا أملك حلاّ آخر ، لكن كان شيئا في داخلي يخبرني أنه ربما هو الهدوء الذي يسبق العاصفة.
في الصباح و على غير العادة إستيقظت قبله لاُجهّز له فطور الصباح، كانت دهشته كبيرة ، لكنّه لم يستطع إخفاء سعادته، لقد إشتقت أن أكون في وضع طبيعي معه كزوج و زوجة، إشتقت لحياتنا الهادئة المليئة بالحبّ و الشغف، رغم أن قلبي إمتلأ بغيره إلا أنني أحتاجه و تعوّدت على وجوده في حياتي ، و طبعا هو كان أكثر شوقا منّي لذلك. قبّلته و غادر إلى عمله و عدت لفراشي. كلّما كنت وحيدة أبت إلا أن تجتاح تفكيري، بعد شجاري معها لم اجب على عشرات الاتصالات منها ولا على الرسائل الكثيرة، و لا على إعتذاراتها المتكرّرة ، كان يجب أن اُعاقبها على تفكيرها الساذج ، لابدّ أن تمحو تلك الصورة الخاطئة التي كانت في عقلها ، لم أخنه لمجرّد الخيانة، بل خنته لأجلها هي، وهي بالذّات ! رنّ جرس الباب ليخرجني من أفكاري التي أعادت مشاعر الغضب في نفسي ، ربّما مالك نسي شيئا ما و عاد ليأخذه فما من أحد آخر يمكن أن يزورني في هذا الوقت المبكّر ، فتحت الباب وأنا أقول مبتسمة
- حبيبي هل نسي....
كانت تقف أمامي كلّها مرّة واحدة، تسمّرت عيناي و أنا أنظر إليها مباشرة في عينيها غير مصدّقة ما أراه، هل هي حقيقة أم شبحها أم أحدا يشبهها ! لا أعرف كم من الوقت وقفت هناك بفم مفتوح يريد أن يقول شيئا لكنّه فشل في ذلك ، دفعتني بلطف إلى الداخل و أغلقت الباب ، كانت تحمل باقة من التوليب البنفسجي، كيف عرفت أنني اُحبّه! كيف يمكن أن أغضب من إمرأة تعرف أسراري ، قرأت مرّة أن من يهدي لك التوليب البنفسجي يريد أن يقول لك أنك تملك قلبه، الورود رسائل غير مكتوبة ترسل من الروح إلى الروح ، مع الباقة كانت تحمل علبة اخرى يبدو أنها شوكولا ، وسط دهشتي بوجودها و صمتي وضعت ما بيدها على الطاولة و إقتربت مني أخذت يدي و قبّلتها بلطف مفرط و قالت بصوت اقرب الى الهمس
- أنا آسفة، لم أستطع تحمّل غضبك منّي
فذاب قلبي لوقع كلماتها لقد سافرت كلّ هذه المسافة لتعتذر و هاهي تقف أمامي بجمالها و حضورها الطاغي ، رغم قوّتها فهي تملك ذلك الجانب الرقيق ، تملك كمّا من الحنان ينسيك لما تملّكك الغضب منها ، إحتضنتني بشوق و إعتصرت جسدي بلطف بين يديها ، أخذتُ وقتا ليعود وعيي و ادرك أنني بين يديها فبادلتها العناق بكلّ الحرمان الذي عشته و أنا أنتظرها! حتى نسيت أنني شبه عارية بثوب نوم قصير لا يكاد يخفي جسدي..

ميار ...

كان أنفي يبحث عن رائحتها التي أدمنتها، غاص في عنقها ينتهل منها و كأنه كان عاجزا عن الاستنشاق قبلها ، إنها المرة الاولى التي أراها بثوب نوم قصير يظهر أكثر ممّا يخفي من جسدها الذي رأيته في حلمي عاريا تماما ، لكنه هكذا أكثر إغراء! كانت يداي تجولان بلطف تتحسّسان مكامن الانوثة في جسدها، شعرت بحرارتها ترتفع و أنفاسها الساخنة على رقبتي تثيرني أكثر ، أبعدتها قليلا و رفعت وجهها أنظر في عينيها الساحرتين و شفاهها المكتنزة الشهية، إذا هكذا هي صباحا تبدو قابلة أكثر للأكل ! قبلتهما بلطف و كانت يداها تتخذان طريقا نحو وجهي لتحتضناه، أصبحت القبلة نهمة فجأة و فُتحت الشفاه و تدافعت الألسن ، كان مذاقها حلوا حدّ الهلاك، شعرت بكلّ جزء في جسدي يقف إجلالا لها، يداها الان تتخلّلان شعري القصير بعنف ، انفاسها تسارعت و صدرها يعلو و ينخفض بسرعة ، و مع علوّه كنت أشعر بنهاية نهديها التان أصبحتا بارزتين أكثر، فلم يعد ليدي صبر حتى تمسكهما بلطف ، كنت اريد إكتشافهما قبل تذوّقهما، يداي تمرّدتا الان و بحركة خفيفة أزحت ثوب نومها الحريري عن كتفيها فسقط مسرعا أرضا و كأنه ينتظر مثلي هذه اللحظة ، نظرت لجسدها اندهشت لشبهه المفرط بذلك الذي رأيته في حلمي، لكن بتفاصيل أدقّ و أجمل و أجمل مافيه أنه حقيقي! أعادني للواقع صوتها الهامس
-ميار...
يال جمال إسمي بين شفتيها ! أمسكتْ يدي و إقتادتني نحو غرفة النوم ، كنت أنظر إليها من الخلف و هضبتاها الشامخاتان يتناغمان ، ترتفع واحدة فتنخفض الاخرى ، جسدها ابيض صافٍ كصفاء الحليب، متفجّرا انوثة و أغراء ، وقفتْ بجانب الفراش و سحبتني بلطف لتحتضن عنقي و نغوص في قبلة مثيرة اخرى ، دفعتها نحو الفراش و اخفضت فوقها اقبل شفتيها، رقبتها ، نهديها و كانت خلال ذلك تفتح أزرار قميصي و تخلعه ثم بنطالي و ما تحتهما لأكون أنا كذلك عارية تماما مثلها ، أمسكت يديها أعلى رأسها كي لا تتحرك ، اريد أن ألتهم جسدها و أسمع آهاتها فقط، في نشوتها نشوتي و لا أحتاج الان أن تفعل أي شيء في المقابل، كنت اريد أن ألثم كلّ جزء كان يومّا ما محرّما لمسه، اليوم بات كله مسموح ، لم ارد للمرّة الاولى معها أن تكون عنيفة، مازلت اخفي لها مفاجآت اخرى ليستمرّ شغفها بي ، في الجنس يجب أن لا تلقي كل ماتملك من خبرة في سلّة واحدة، عليك أن تظهره على مراحل كي تجعل من تحبّ متلهفا كلّ مرّة للقائك و إكتشاف ما تخفيه من مفاجئات ، ألمسها و كأنني ألمس شيئا قابلا للكسر ، مارست معها الحبّ كأنني امارسه أوّل مرّة، بدهشة العقل الذي يرا للمرة الاولى جسد إمرأة عارٍ، بكل ما زرعت الحياة حبّا و حنانا في قلبي ، إكتشفت كلّ تفاصيلها المخفية الجميلة الورديّة، قبلتها كأنني اقبل شفتيها ، تذوقتها غصت فيها و لم ادرك حتى شعرت بها تتلوى تحتي و تهتز و آهاتها ملأت الغرفة و أصبح إهتزازها إرتعاشا لأتذوّق رحيق وردتها حلو المذاق ، لم يفتني أن أنظر لوجهها الجميل وهي تبلغ نشوتها بعينين مغلقتين لذّةً ! عدت عندها لشفتيها ، يجب أن اُذيقها من مائها العذب الذي ذهب بعقلي ، وضعت رأسها على صدري عانقتها مخللة أصابعي بين خصلات شعرها الذهبي قبّلت يدها كما تقبّل يد الأميرات فقالت ما لم أكن أتوقع ، كلمة انتفض لها قلبي كفراشة خرجت لتوها من شرنقتها لتكتشف الحياة!
- اُحبك...

... يتبع

لقاء ... ( متوقفة ... الى إشعار آخر )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن