الانهيار

1K 68 39
                                    

- هيا أيتها الحسناء استيقظي..
فتحت عيني ببطئ على ذلك الصوت لأنظر الى سقف لا أعرفه ، مال لونه للرمادي لشدة اتساخه، اردت أن أقوم لكني شعرت بثقل جاثم على صدري و كتفي، و انتشر على اثر تحركي الم في كامل جسمي ، شعرت بظهري كأنه قطعة من الخشب ، لقد تصلّب نتيجة النوم على هذا المقعد الخشن ..
- الم تسمعيني ؟ قلت لك استيقظي حالا
ثم اخذت تضرب بعصاها قضبان الزنزانة محدثة صوتا في غاية الازعاج ، جعلني اقاوم ألمي و اعتدل جالسة
- ماذا هناك لما كل هذا الصراخ! قلت بغضب و عيناي مازالتا لم يفتحا بالكامل
- اه! عذرا ازعجنا الاميرة النائمة
قمت ببطئ و اتجهت نحوها
- حقا ما هي مشكلتك معي؟
- و من انت ليكون لدي مشكلة معك؟ قالت مقهقهة و اضافت، انا اعامل كل الموقوفين هكذا
- لكنك لم تتحدثي اليهن منذ البارحة ؟ اشرت بإصبعي الى الخلف ثم نظرت ورائي لأجد الزنزانة خالية الا مني
- حسنا خلال نومك العميق سمح لهن بالخروج ،قالت ثم تقدمت لتتكلم بصوت اقرب للوشوشة ، هناك من تدخل لإخراجهن ، اضافت بإبتسامة تهكم
- اذا هذا هو عملكم؟ تحتجزون الناس ثم يأتي احدهم ليمارس سلطته و يخرجهم
- عكس قصتك
- ماذا تقصدين ؟
- من يمارس سلطته هو من جعلك محتجزة ، و لا اتصور ان يتدخل احد لاخراجك
صدمني ما قالته ، عن من تتحدث و من هو هذا الذي مارس سلطته و لماذا يريد احتجازي!
- ارجوكِ لم افهم ما تريدين قوله!
- ليس مسموح لي بأن اتحدث في التفاصيل! انا لمحت لك و يمكن ان تستعملي ذكائك المفرط، لا بد انك أغضبت الشخص الخطأ!
لكن يزن شخص عادي و لا يملك ما تتحدث عنه و لم اتذكر اني تشاجرت مع احد غيره ، تبا ماذا يحدث هنا
- فيما تفكرين؟ قاطعني صوتها
- ابدا لا شي ! هل استطيع ان اعرف اسمك
- ساره ، اسمي هو ساره
- تشرفت بمعرفتك ساره
كلماتي جعلتها تصاب بنوبة من الضحك ، ضحك ازعجني و اثار استغرابي
- ما المضحك في ما قلت؟
- حسنا كلامك هذا يقال لفتاة تعرفتي عليها في ظروف احسن من هذه، و ليس في الايقاف!
طأطأت رأسي خجلا و أسفا لما وصلت اليه
- حسنا لم اقصد هذا! أضافت، لا اعرف مع من وضعت نفسك في ورطة لكن منذ اللحظة الاولى التي رأيتك فيها قلت في نفسي انك لا تنتمين لهذا المكان و استغربت من وجودك هنا!
- انا حقا ، ساره، لا اعرف كيف وصلت الى هنا! كل ما اتمناه ان يكون هذا كابوس و استيقظ منه لأعود لحياتي!
- أأسف لاخبارك أن هذه حقيقة يجب أن تواجهيها .
كلماتها رغم معرفتي بالحقيقة قبل نطقها جعلتني اتألم، جعلتني أعي أنني وضعت نفسي في المكان الخطأ و انه للمرة الاولى في حياتي لم اقدّر عاقبة افعالي، كان صوت في نفسي يخبرني ان لسيلين علاقة بكل هذا ، لم اتهمها مباشرة وهي اكبر في نفسي من ان تكون سببا في هذا، لكن ما حصل لي لا بدّ ان يكون في علاقة بها ، انها المرة الاولى التي اقبع فيها في مكان قذر كهذا وسط اناس قذرين ، في حياتي كلها لم اتخيل ان انزل لهذه المنزلة من الضعف و اللاحيلة ! في لحظة غضب مني لعنتها و لعنت الساعة التي احببتها فيها، لعنتها بكل الحب الذي في قلبي لها و كل الشوق! عندما تحب تصبح عاجزا تماما عن لوم من تحب عن اي مصيبة تحدث لك و تعلم في قرارة نفسك انه سببها تصبح اعمى و اصم و ابكم ، لا ترى امامك سوى ملاك مهما اوقعك في مصائب انت في غنى عنها ، بعد مريم لم اكن اظن ان قلبي سيقع ثانية، ظننت انني تعلمت الدرس و انني اصبحت اقوى، لكننا رغما عنا خلقنا ضعفاء امام الحب ، نُطعَنُ منه مرة تلوى الاخرى و لا نتعلم ، تضيع في غياهبه كرامتنا و قيمتنا لكننا لا نتخلى عنه ! هو بعد الموت من اكثر الاشياء غرابة في هذه الحياة
- هل انت بخير؟ قاطعني صوتها
عدت مبتعدة عنها الى المكان الذي كنت اجلس فيه
- لا تهتمي سأكون بخير
تهاويت على المقعد ، كثير من الافكار تزاحمت في عقلي في نفس الوقت ، اي ذنب اقترفته ليحدث لي ما حدث! طبعا اقترفت ذنبا وهو من اكبر الذنوب، خنت الثقة و خنت اقرب الناس لي، من كنت أمنه و أمانه و ثقته، طعنته في ظهره دون أن يرف لي جفن! أنا الان اجني ثمار ما اقترفت، غمرتني حالة من الحزن فقط لسؤال صدر منها، انا حقا لست بخير ، بسبب ما فعلت ، و بسبب هذه الحال التي اوصلت لها نفسي
- ميار هل تحتاجين شيئا ما ؟ هل انت جائعة؟ او ربما شرب قهوة سيشعرك بقليل من التحسن؟
كان صوتها بعيدا و كأنه يأتيني من فوهة بئر مكثتُ في أعماقه، لم اُجبها كل ما شعرت به هو برد سرى في جسدي فتكورت على نفسي و أغمضت عيني ربما أستيقظ بعدها لأجد أن كل هذا مجرد حلم بشع!

لقاء ... ( متوقفة ... الى إشعار آخر )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن