الخاتمة
كانت تجلس علي سريرها تضم قدميها إلي صدرها وتفكر فيما قاله لها مصطفي في لقائهما الأخير، لم يستقر قلبها رغم الحنين إليه ، تنهدت وهي تغلق أهدابها فتراءت صورته أمامها، همست بشوق:
_وحشتني._انتِ كمان وحشتيني قوي ياقمر.
إنه صوته الحبيب هل جاء إليها؟ فتحت عيناها بسرعة تطالع محيطها فتلاشت صورته وبقي الفراغ أمامها، تنهدت مجدداً وهي تنهض وتتجه إلي خزانتها وتفتح بابها تخرج صورة من تحت ملابسها وتذهب بها مجدداً إلي السرير ثم تجلس عليه.. تطلعت إلي صورة حبيبها الذي يشغل أفكارها.. مدت أناملها تمررها علي ملامحه الوسيمة رغم سنوات عمره التي تعدت الستون ، صرخ قلبها بحنين..
تعلقت بك وكأن الكون لا يحتوي غيرك من الرجال، وأعشقك بقوة حتي أنني أراك في كل شيء حولي، فلا أري فنجال قهوة دون أن أتذكر جلوسنا سوياً كل في شرفته نتناول القهوة ونتحدث علي الهاتف في كل شيء ولا شيء، ولا أسمع فيروز دون أن أتذكر عشقك لصوتها وكم مرة استمعنا إليها تحت ضوء القمر ولا أعد طعاماً دون أن أتذكر حديثك عن أناملي الذهبية التي تعد أفضل طعام تذوقته علي الإطلاق رغم أنك أبرع مني في الطهو ولا أبدل حتي ملابسي دون أن أختار اللون الفيروزي، أتذكر كلماتك.. ترن في أذني.. "الفيروز يليق بكِ قمري"، حتي بائعة الفول والفلافل لا أذهب إليها حتي أراك تتجه نحوها فنتلاقي ونتسامر معها فتخبرنا أن الصباح لا يحلو دون قمر ومصطفي حتي أنها نادتني يوماً قمر مصطفي فاحمر وجهي خجلاً وكدت أوقع طبق الفول أرضاً فأسرعت تسند الطبق قائلاً "تخجلين من قمري! ماذا ان علمتي أنك لستِ قمري؟ "طالعتك حائرة وقد داومت علي قولها لي فابتسمت مردفاً"لستِ قمري فقط بل صرتي قمري و شمسي ونجومي.. سمائي وأرضي.. زادي وهوائي.. أنتِ روح مصطفي وقلبه ودنياه ياجنتي".
شعرت يومها بأني ملكت الدنيا ومافيها، أردت أن أصرخ عالياً" أحبك يامن يسري اسمك في شراييني، يشهد الله أني لم أحب ولن أحب سواك وبداخلي ألف وألف نبضة تهواك.. كم تمنيت لو تلاشت بيننا المسافات وصرت ملك يمينك أنام وأصحو علي صدرك وينادونني بإسمك"
لكني لم أفعل.. كنت أجبن من أن أصرح بالعشق ومازلت أخشي التصريح بحبك وكأن عشقي إثم وليس نعمة مهداة من ربي، كيف نظرت إلي هذا الحب الطاهر هكذا؟ وكيف تحملت ضعفي ياحبيبي كل هذا الوقت؟ لإنك تحبني أليس كذلك؟ نرتضي العذاب في الحب مادام الحبيب منا قريب حتي يصير القرب جحيماً حين نشتاق للمحبوب وبيننا وبينه قاب قوسين أو أدني.. نمد يدنا إليه نبغي ضمه إلي صدورنا واستشعار خفقات القلوب المتسارعة، نبغي السكن والأمان فنجد الحواجز تُوضع والمسافات تكبر فنعجز عن الاحتمال. وقد عجزت ياحبيبي عن الاحتمال وأردت مني قراراً بوصال.. وهاقد جاء الوقت الذي يجب أن أنفض فيه ضعفي، أن أكسر قيودي وأقاوم خوفي، أن أتمسك بك كما تمسكت بي لا أفلت يديك أبداً.. نعم لن أتأخر أكثر.. أعدك ياقلب قمر"
![](https://img.wattpad.com/cover/310435917-288-k366633.jpg)
أنت تقرأ
انشق قلب القمر
Randomبين ذراعيها وطنهم تحمل علي كاهلها همومهم وكلما ضاقت بهم الدنيا كان صدرها ملاذهم،إنها قمر بقلب أبيض ينير عتمة دروبهم.. تُري إن جاء يوماً وانشق قلب القمر كيف سيكون حالهم؟