الفصل السادس
كانت تتنقل بين ضيوفها كفراشة تتنقل بين الزهور، ترتشف رحيق السعادة من طيب كلماتهم وابتساماتهم الرقيقة، تشعر بأنها عادت مجدداً تفيض بالحيوية، تتناقص سنوات عمرها كثيراً وكأن السعادة تعيدها سنوات إلي الوراء، حيث كانت في كنف أبيها تنهل من حب والديها وحنانهما قدر تشاء.
ذهبت إلي المطبخ تحضر المزيد من المشروبات ثم توقفت علي بابه تتطلع إلي الجميع، لطالما كانت قراءة الوجوه هوايتها، البعض يبدون سعداء مثلها، والبعض يتحدث بجدية.. مثل غادة التي تقف جوار أختها ميسون وزوجها وليد إلي جانب فاتن _صديقة الأولي_تتحدث غادة بحماس بدا علي ملامح وجهها بوضوح فتبتسم فاتن بحب، كم كانت تتمني لو كانت الأخيرة زوجة ابنها كرم ولكنه النصيب، وها هي فاتن قد جاءها نصيبها بدورها وستتزوج بعد انتهاء عامهم الدراسي ذاك.
حين مر كرم بخاطرها ابتسمت ، لقد تحدث مع والده اليوم مهنئاً إياه بعيد زواج سعيد، كم أراحها ذلك كثيراً، توقعت أن يسعد زوجها بذلك بدوره ولكنه بدا غير مبالي بالمرة، ورغم ذلك تظل هذه الخطوة هامة لها لتشعر بأن بذرتها الطيبة التي زرعتها في أبنائها منذ الصغر باقية بداخلهم مهما حدث، في الجانب الآخر وقفت هيام تتحدث مع رياض بملامح متجهمة بعض الشيء، ربما تشتكي له تصرفات مالك كما فعلت منذ قليل معها، اقترب منهما مالك بكوبين من العصير منحهما إياه وبدأ بدوره يشترك بالحديث معهما ربما مبرراً تصرفاته لأخيه يشرح له حرصه الشديد علي طفل انتظراه لمدة عامين كاملين، ابتسم رياض معتذراً وذهب تجاه والده، قطبت قمر حاجبيها وهي تلاحظ صمت زوجها وتجهمه بينما يتحدث معه اللواء فاروق _صديقه ورفيق دربه_استأذن رياض منهما وهو يسحب كرسي والده جانباً ليحدثه في حركة أدركت منها قمر أن الأمر لن يمر علي خير، تعرف أن زوجها يكره أن يمسك أولاده بكرسيه يحركونه كيفما يشاءون، يشعره هذا بالعجز فيُثار غضبه حد الجنون، وهذا ماحدث فقد بدا عزيز ثائراً يتحدث بعصبية فأسرعت تضع الصينية التي تمسكها علي الطاولة، تسحب كوب من العصير وتتجه تجاههما بسرعة، قائلة:
_اهدي ياعزيز، الناس بتتفرج عليكم._يولعوا.. انتِ مش شايفة تصرفات المحروس ابنك؟
_وأنا عملت إيه يعني؟ كنت عايزك في موضوع.. أقولك.. خلاص مش مهم.. أنا سايبلكم الحفلة السخيفة دي وماشي.
_رايح فين بس يارياض؟
_رايح في ستين داهية.
قال كلماته وغادر بخطوات غاضبة بينما مالت قمر تجاه زوجها وهي تقول:
_هدي أعصابك ياعزيز، متفرجش الناس علينا أبوس ايديك.انتفخت أوداجه وهو يقول:
_وهم لسة هيتفرجوا؟ ماخلاص عزيز السكري بقي فرجة بسببك ياهانم، أنا مش عارف هلاقيها منك ولا من ولادك._خد اشرب كوباية العصير دي هتهديك.
صفع الكوب من يدها قائلاً بغضب:
_مش شارب.
![](https://img.wattpad.com/cover/310435917-288-k366633.jpg)
أنت تقرأ
انشق قلب القمر
Randomبين ذراعيها وطنهم تحمل علي كاهلها همومهم وكلما ضاقت بهم الدنيا كان صدرها ملاذهم،إنها قمر بقلب أبيض ينير عتمة دروبهم.. تُري إن جاء يوماً وانشق قلب القمر كيف سيكون حالهم؟