تَحَرُج

63 5 3
                                    

حينَ سَماعي كلماتهم " ناقِصاً" ،" طُفولياً" و "يعيشُ في عالمهِ الخاص" . ظننتُ ما قالوهُ أيضاً.

لكن..... في صباحِ يومٍ مُشمسٍ ، حيثُ النَسيمُ العليل و عطرِ الربيع الفواح ، حيثُ تَفتح أزهار السوسن ،
إلتقطتْ عَيناي صورتهُ، و سمعتْ أُذناي ألحانَ صوتهُ و قلبي شَعَرَ كلماتهُ.

وقفتُ أُحدق بهِ في ذهول !
وقفتُ أُحدق بجمالِ المَنظر .

لم يكُن من الطبيعي رؤية المياه طافيةً في السماء. تلك القطرات الصافية قد اكسَبتْ السماءُ الزَرقاء لَمعاناً و زادتها بَهاءً.
و اكتملَ جمال هذا المنظر بقهقهاتهِ السعيدة المُنتشرة في الفضاء ، و حدقتيه القهوائيتان.
بدى الامرُ صَعبُ التصديق !
رؤية بشريٍ يحومُ في بركة المياه الخلابة المُتواجدة في السماء؟

" هل لي بمساعدتكِ يا آنسة؟"
اخرجني هذا الصوتُ من شرودي .

" عفواً؟"
قلتُ أنا .

" لقد كُنتِ تُحدقين بي لفترةٍ بعضَ الشيء طويلة ، فهل كُل شيءٍ بخير؟"

أدرتُ ظَهري عائدةً الى وجهتي بعدَ أن فسرتُ للرجل أن شرودَ ذِهني كان السبب.
تجولتْ قدماي في أرجاءِ المَكان بين حشود الناس .
و حين تَموضعتْ يدي الُيمنى على جهة القلب ، تذكرتُ المنظر الخلاب مرةٍ أخرى.
لمَ خالجتني تلكَ المشاعر برؤيتهِ؟ و لمَ رسمتْ عيناي ذلكَ المَنظر و جعلتهُ هوَ سيدهُ؟
حينها فقط علمتُ أنُه ليسِ ببشريٍ عادي!

و بعدَ بقائي في ذلكَ المكان لبضعةِ أيام ، كان قد حان موعد رحيلي عنه.
رحلتُ عَنهم و أنا مُحملةً بالذكريات الجميلة ، الكلمات الرَنانة و الالحان السَعيدة.
و عندما كان عقلي يُعيد عليَّ مُحادثات الاشخاص الذين قابلتهم ، حينها....
تذكرتهُ!
سيد المنظر الخلاب ، تذكرتهُ!

"لمَ أشعرُ انك تتصنع؟"

" لكي اتمكن من العيش بينهم "

" إذاً ، أنتَ  َتقول انهم مُتصنعون ، يبدو أنني لستُ الوحيدة التي ظنتْ ذلك .
لكن أنتَ لستَ مُضطراً لفعل ذلك"

" بلى أنا كذلك ،
فَبعد أن ارتديتْ قناعاً يَشبه خاصتهم ، تمكنتُ و أخيراً  الَتخلص من كَلماتهم."

" و هل أنتَ سعيد بذلك؟"

" لا بأس ، طالما لازلتُ مُحافظًا على ذاتي الاصلية.
ففي بعض الاحيان على الإنسان أن يرتدي ملايين الأقنعة لكي يتمكن من النجاة "

" أنتَ لستَ بِحاجة الى إرتداء أي قناع ،
أنتَ بِحاجة فقط الى إلايمان بنفسك"

" لكني مُتحرج !
هُم يجعلونني أشعر بالاحراج و الكره لنفسي الحقيقية .
لا أحد يستطيع فهم الامر ، إنهُ معقد .
هم يسخرون مني فقط لأنني أغوصُ بمشاعري طوال الوقت،
فقط لانني ُأبالغ في تقدير أي شيءٍ بسيط حتى و أن كانت حياة ورقة شجر صغيرة ، أظلُ أُفكر إنها تملك بيتاً و عائلة طالما هي كائن حي .
الامرُ مُحزن حقاً!
يظنون أنني لازلتُ مُتمسكاً بطفولتي، 
يخبرونني أن هذهِ المشاعر من سلوكِ الفَتيات و ليسَ الرجال!
منذُ مَتى و المشاعر كانت تَعرف مخلوقٍ مُحدد؟"

" يبدو أن مُحاولة الخُروج من القطيع صعبةٍ للغاية ،
أليسَ كَذلك يا سيد المنظر الخلاب؟"

قد تظن أنَ الامرَ سَهلا في البداية . فَبعد سَيلاً من المُحاولات و الخطط و التعب ، ستصل الى الباب المَنشود
و سَتخرج من عالمهم المُزيف و لَكنك رُبما  سَتعاني في العالم الآخر ،
أو رُبما لن تخرج أبداً .
فَفي عالمنا هذا باتَ الخيرُ شراً و الشرُ خيراً .
فَتباً لزمان أهلكَ كيان قد مُلَئ بالزهور و سعى جاهداً أن ينشر الفرح والسرور.
بالمُختصر،  هذا هو مَصير المُتَميزون هُنا.

لهُ اسمٌ في قلبكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن