نحنُ البَشَر

50 4 0
                                    

قبلَ بِضعةِ أيام شاهدتُ فيديو يَتَحدث عن الاعتداءات التي تَعرضتْ لها لوحة
" الموناليزا".
من المُحزن أن تَتَعَرض هذه التُحفة الفنية الى كرهٍ شَديد .

أن الَلوحة الجميلة مُحَصنة و مَحفوظة بشكلٍ جَيد بل إنهم حتى يَحفظونها بدرجة حرارة مُناسِبة كي تَبقى مُحافظة على جماليتها و تناسُق ألوانها.

بعد مُشاهدتي لواحد من أغرب الاعتداءات لهذهِ اللوحة و التي صدرتْ من شاب تنكر على هيئة إمرأة عجوز و لطخ زجاج اللوحة بالكعك !
هذا الشيء أثار رَيبَتي ، أكثر و أكثر
بعد سماعي كلماته " هُناك أشخاص يحاولونَ تَدمير الكوكب ، فكرْ بالارض ، فكرْ فقط."
هذا ما قاله بعد تلطيخه لزجاج اللوحة !

رغم مُعارضتي الشَديدة لفكرة الاعتداء على اللوحة إلا أن كلماتهُ جعلتني أفكر بالامر.
" بالفعل ! مالذي سيحصل لو حافظنا على بيئتنا كما نُحافظ على هذه اللوحة؟"
" مالذي سيحصل لو قُمنا بالاعتناء بالنباتات و الحيوانات؟ "
" مالذي سيحصل لو قَدَّرنا النعم المُحيطة بنا من كل مكان ؟"
فأن كُلَ شيءٍ في هذا الكوكب هو عبارة عن تُحفة فنية صنعها أعظم رسام .
الشجر ، السماء ، الجبال ، البحار ،نحنُ البَشر !
كُلَ شيءٍ يقعُ عليهِ نَظرنا.
لمَ قَدَّسنا تلكَ اللوحات الغير قابلة للمس و التي لم يستطع الكثير رؤيتها؟
بدلاً من ذلك نستطيعُ أن نَهتم و نُحب ونُقدر كل ما يحيط بنا من لوحاتٍ فنية قابلة للمس و الرؤية بل بعضها يعود علينا بفائدة كبيرة .
رغم أننا نحنُ البشر مصدر إِنبعاث السواد و ثنائي اوكسيد الكاربون.
فالنباتات جميلاتُ اللون ، فواحاتُ العِطر ، كثيراتُ التسامح يأخذنَ المُلَوَث و يُعطِينَ النَقي !
حتى الحيوانات لها نفسُ المُساهمة.
و بِهذا الكلام أنا لا أقصد الاساءة للفن و لكن أظنُ أننا بالغنا بالتقدير .
كانتْ مُجرَد مَساحة بَيضاء فارِغة و كانَ هوَ رَسامٌ ماهر ، فَوَضع كل شعورٍ لَطيف في تلك المساحة الفارغة . فما دَخلُنا نحن؟
هل كانتْ مشاعرنا نحن ؟ هل نحنُ من رَسمها ؟
كلا، .....
إذاً مالذي يدعو للاندهاش المبالغ هذا ؟
بدل من النظرِ لها مِنَ الهاتف يُمكنني أن أفتحْ نافذتي القريبة مني و أنظر الى أقرب زهرة.
إنها صِفة مُتواجدة في الكثيرِ منا .
إننا نُبالغ بكل شيء.
نُبالغ في التقدير ، في التفكير ، نُبالغ في الأخذ و البعضُ مِنا يُبالغ في الشر!
إن قُمنا بسؤالِ أحد الاشخاص عن لَوحة "الموناليزا" و عن رأيهِ بها ، سَيُجيب بنفس الجواب المُعتاد و هو أنهُ مَفتون بجمالِها و حَلاوةِ ألوانها و دِقةُ التصميم ولكن الحقيقة أنهُ ليسَ مُهتم بها لتلك الدرجة .
ماذا لو تَوقفنا عن الاسراف في ما يُحيطُ بِنا ؟
ماذا لو تَوقفنا عن إستعمال كُل ما هوَ مُضِرٌ للبيئة ؟ لأن ذلك سَيعودُ علينا أيضا .
ماذا لو إستطعنا حِماية كُل ما هو مُهَدَد بالإنقراض؟
فَبِذلك سَتَستَمر الأرضُ الكريمة بالعطاء.
بِذلكَ نحنُ سَنُغَلف أرضنا بالحُب .
بِذلك ستستمر الحياة بالإستمرار دون أوبئة او أي شيءٍ آخر يُهدد حياتنا بالخَطر.
كُل شيءٍ يُحيطُ بنا يستَحقُ حُبنا ، يَستَحقُ إهتِمامُنا .
كُل ما خَلَقَهُ البارئ عزَ وجَل يَستَحقُ التَقدير.
و لا يستطيع أي شخصٍ تقليدهُ.
و إن عملهُ عزَ وجَل كامِلٌ، لا يوجَد به ِأي نقصٍ ،
إذاً ألا يستحقُ هوَ التَقدير؟
نحنُ البَشر ،
دائماً نَنْظُر للأشياء من ناحيةٍ واحِدة و هي كيف نظرَ لها الذينَ سِبَقونا .

لهُ اسمٌ في قلبكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن