زهرةٌ و شَمس

62 5 3
                                    

امتلكتُ زهرةً في يدي و شمساً في السماء
إثنان من الاشياءِ المُحببة لقلبي، أهيمُ بالنظرِ إليهما.
فأنا اغفى على عبقِ زَهرَتي و أستَيقظ على نورِ شمسي.
إعتدتُ في كُل إمتحانات حياتي على وجودِهما ، أثقْ بِهما لن يُفارقني أبداً ما حييتْ.
زهرًة لا تموت و شمساً أبدية.
في واحد من اصعب الامتحانات المُرعبة للحياة و الذي أجبرني على خوضِ معاركٍ طاحنة مع أُناسٍ
جُرِدوا من الانسانية !
فقدتُ الامل هناك
فقدتُ الامل عند اجتيازي لِكُل المراحل عدا الاخير.....
وصلتُ أخيرا الى المحطةِ الاخيرة من امتحاني الطويل.....
لكني ...
لكني توقفتُ هُناك بتعب ، أُحدقُ بصمتٍ !
الرعبُ إنتشر ، السوادُ طَغى على أرجاءِ العالم .
و أنا كنتُ المُكَلفة بعملية ِالانقاذ!
تملكني الخوفُ من هَولِ المناظر!
لم استطع الاستيعاب .
و لكنني قطعتُ أشواطاً طويلةً للوصلِ الى هُنا.
لن أتوقف !

دخلتُ مَحطتي الاخيرة و أعلنتُ حَربي على أشرارِها.
كانتْ عِبارة عن غابةٍ مُرعبة ، دامية مليئة بالكائناتِ المُقرِفة ، الغَدّارة، مليئة بالفخاخ المُحكمة و الغير مُتوقع حِدوثها.
كانتْ الحياةُ تُمازُحني أليس كذلك؟
ولجتُ الى الغابة و أنا كُلي علم بفشلي المُحتم.
تمسكتُ بزهرتي المُستقرةُ في جيبي و نظرتُ الى شمسي التي بَهَتَ نورها.

"كُل شيءٍ سيكون على ما يُرام "
هذا ما قالتاه!
................

بعد صراعٍ قوي ، و ذبولي الشديد.
خرجتُ و أخيرا .
تبقى....
تبقى فقط الصعود الى ذلك الجبل الشاهق كي أرفعَ راية النصر.
سأواجه المشاكل بالتأكيد!
و أولها كان "من أنا؟"
فأنا أذكُر حينَ دخلتُ هذا المكان و لكن يبدو انني خرجتُ منهُ فاقدةً لنفسي!
خرجتُ و أنا مُلطخةٌ بِسوادهم القاتم.
لم أعد قادرة على إستعادة وعيي.
أنا أصبحتُ واحدةً منهم!
لكن....
إلتَقَطَ أنفي رائحةٌ عبقة، خفيفة .
أدخلتُ يميني في جيبي لأجد زهرةً في غايةِ الجمال
تجملتْ بالأبيض و خجلتْ خدود أوراقها فتصبغتْ بلونٍ ورديٍ لطيف.
" أنا ، هل تذكُرينَ مَن أنا؟
لا بأس حتى إن لم تفعلي ، فأنا بجانبكِ دَوماً"
ذلك ما حدثتني بهِ الزهرة.
بدأتُ أسترجع ما فقدهُ عَقلي.
أنا.... نفسي الحقيقية لم تَمُتْ بعد !
بكيتُ بحرقة ظناً مني أني صِرتُ واحدةً منهم.
رفعتُ رأسي الى السماء ، فأبصرتُ القمر المُعتم هُناك ،
السماءُ أيضاً أمطرتْ لتواسيني.
كُل شيءٍ كان صعباً عَلي.
تلك الزهرة و كلماتها الرنانة لم تَكُن كافية لي.
تَوَقَفَتْ.....
توقفتْ الامطارُ فجأةً و عيناي أبصرتْ نُورَاً يلوحُ في الافق.
إنها الشمس من جديد!
تذكرتُها ...
شمسي!
ها قد مدتْ يدها للمُساعدة
وقفَ جَسَدي بتصنم!
كُل شيئٍ يُشير إليَّ و يقول " هيا واصلي الطريق ، فنحنُ لازلنا بجانبك"
عادَ الاملُ الى قلبي .
جَسَدي شعرَ بالحرارة تلسعهُ بعد أن كان جثة باردة في تلك الغابة.
أول خطوة تلتها الثانية ثم الثالثة و ها أنا ذا أركضُ بكل ما أُوتيت من طاقة!
كل شيءٍ مرعب ، تلك الوجوه ، هؤلاء البشر ، الرماد و الحُطام ، كل شيء..
كل شيء سينتهي قريباً و سَنُبصر السلامَ من جديد.
ركضتُ بقوة و أنا أبكي ، أبكي من السعادة !
رفعتُ نَظري الى السماء فرأيتُ شمسي تبتسم لي و تلحق بخطواتي،
أخفضتُ بَصري الى زهرتي المُتموضعة في يدي ، فنزلتْ دموعي من الفرح ،
لمعرفتي بعدم موت الاخيّار بعد.
الصالحين لا يزالون هنا، رُبما مُختبئين في مكانٍ ما يطلبون النجدة.

تعثرتُ في الطريق ، تسلقتُ الجبل ، خشيتُ السقوط و الدموع كانت تهطل بقوة.
و صلتُ هناك....
لِقمة الجبل ،
ركضتُ بقوة الى المقدمة و أنا حاملةً لزهرتي.
وقفتُ بثبات و رفعتُ زهرتي البيضاء نحو السماء ، نحو شمسي الساطعة،
مُعلنةً بذلك إنتهاء الحرب ، مُعلنةً حلول السلام الابدي!
رَفعتها بقوة للاعلى و أنا ألهثُ من التعب ، لكن الامر كان يستحق .
رؤية الظلام يختفي و يَتبدد ، كُل شيءٍ قد عاد الى الحياة من جديد.
عادتْ الأرض الخضراء، الضحكات العالية و الآمال البراقة.
كُل شيء كان مُرعباً
كُل شيء صار حُلواً .

إستيقظتُ من نَومي و أنا مُتعبة .
هل كان حُلُماً؟ أجل إنه كذلك!
كنتُ حزينة أنهُ كان حُلما ، فلو كان حقيقة لأستطعتُ تحقيقَ السلام لهذا العالم.

ذهبتُ الى مدرستي كالعادة،
وجدتُ صَديقتاي
ناديتْ عليهما
فأستدارا نحوي و الابتسامة تشق الوجه
و فعلتُ أنا المَثل ، لانني.....
تبسمتُ لانني عثرتُ على الجواب لسؤالي
" هل كان ذلك حلما؟"
كلا ، ليسَ كذلك .
عندما حدقتُ بوجه ِصديقتاي ، عرفتُ الاجابة
عرفتُ مَن تَكونان!
إنهما " زهرةٌ و شَمس"
قصيرة القامة كانتْ زهرتي و الطويلة كانتْ شَمسي.
ذلكَ المُختصر لمشاعري نحوهما،
هم كُلَ شيءٍ لي !
كم هي جميلة علاقة الاصدقاء.







لهُ اسمٌ في قلبكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن