فرصة أم خدعة

382 3 0
                                    

كانت زينب ذات ال ٣٠ ربيعا فتاة رقيقة وجميلة ،صغيرة الحجم وقصيرة ،ذات عيون عسلية واسعة وبشرة صافية خمرية وشعر بني طويل ذو لمعة ،طوال حياتها تبحث عن السعادة وملت من انتظارها ، لقد عاشت الامرين منذ ان كانت طفلة وبالرغم من نعومة مظهرها الا انها فتاة صلبة وقوية ، بعد وفاة والديها وهي في الخامسة اضطرت ان تعيش مع عمها وابنائه الذين اساءوا اليها كثيرا ولكنها كانت حالمة بمستقبل مشرق بعد انتهائها من دراسة التمريض وحصولها على الشهادة بتفوق رغم كل الظروف وعلى الرغم من عملها لاعالة نفسها كانت تحلم باليوم الذي تترك فيه بيت عمها وزوجته وابنائه الذين صعبوا عليها الحياة ، اليوم اتمت عامها الثلاثون،لقد اصبحت ناضجة وتعرف كيف تأخذ قرارها،لقد رشحها استاذها للذهاب الي الغردقة للعمل كممرضة شخصية لرجل اعمال اصيب في حادث ، وستقيم هناك طوال فترة علاجة ،لقد ارتئت انها اول خطوة لتتحرر وقبلت الوظيفة واليوم ستخبر عمها بذلك ،بعد ان عادت من عملها في المشفى حوالي التاسعة دخلت المنزل ووجدت زوجة عمها كالعادة تشاهد التلفاز وعمها يتحدث بالهاتف فانتظرت حين انتهى وقالت له: عمي اريد ان احدثك بموضوع.
قال عمها بتأفف : خيرا يا زينب
فأخبرته عن قبولها بالوظيفة وبدأ بالصياح فورا قائلا: انتي غير محترمة لقبولك مثل تلك الوظيفة ، اتريدين ان تعيشي مع رجل في منزل واحد دون زواج؟
صدمت زينب من تفكير عمها وشهقت قائلة: انه رجل كبير يا عمي ويسكن في قصر كبير ويوجد من الخدم والعمال ولن اسكن مع الرجل في غرفته بل لي غرفة منفصلة .
كانت زينب تعلم ان عمها سيثور لانه اراد تزويجها من ابنه لكي تخدمهم جميعا وليس حبا فيها ولكنها رفضت ومن يومها وهو لا يطيق لها كلمة ويعاملها هو وزوجته بالسوء .
هنا تدخلت الزوجة قائلة : يا فتاة اذا خرجتي من هذا البيت لن تعودي له مرة اخري وهذه كلمتي الاخيرة ،لن اتحملك بعد الان ،لقد ربيناكي وكبرتي ورفضت الزواج من ابني ،لقد ارغمنا على بقائك هنا حتى لا يتكلم عنا الناس بالسوء لكن الان اذهبي ولا تعودي .
نظرت اليهم زينب ودموعها تغلبها وقالت ؛ حسنا سأذهب ،امهلوني فقط اسبوع .
ضحكت زوجة عمها وقالت : بل الي الغد فقط ، يكفي هذا سترحلين في الغد .
ركضت زينب الى غرفتها بعد ان واجهت كل هذا الكره والحقد وبكت بكت على حالها بكت على طفولتها بكت على قسوة الحياة كيف لها ان تعيش مع هؤلاء الناس طوال تلك السنين ، مسحت دموعها واخذت قرارها بالرحيل غدا لتسكن مع احدى زميلاتها في غرفة مستاجرة لبقية الاسبوع ولحين الرحيل وبدأت في لم اغراضها وهي تتسائل ماذا تخبئ لها الحياة ، وهل سفرها فرصة ام خدعة اخرى من الحياة القاسية.
في الجانب الاخر كان (علي بدر الدين) رجل اعمال معروف يعيش في قوقعته السواداء المظلمة لقد اسودت الحياة في عينيه بعد ان فقد بصره في حادث سيارة وتمنى ان يفقد حياته.
كان على في الاربعين من عمره ،طويل وعريض ذو بشرة فاتحة وشعر اسود وعيون زرقاء ، بدأ مشواره العملي بعد والده في مجال التجارة ثم اصبح من كبار رجال الاعمال في الدولة ،وتزوج من امرأة جميلة وانجبت له فتاة جميلة لكن يشاء القدر ان يسلبه كل ما هو جميل لقد اكتشف خيانة زوجته له في ليلة مشؤومة جعلته يقود سيارته بجنون ووقع له حادث كاد ان يودي بحياته وفقد بصره وفقد حبه للحياة من يومها وهو يجلس مع ظلمته يكره نفسه وكره ابنته لشكه انها ابنته ،هل يعقل ان تخونني! ماذا فعلت لها ؟ تسائل كثيرا هل هو اخطأ عندما اهتم بعمله وتركها بمفردها لكن ماذا عليه ان يفعل لقد دللها بجميع الطرق ولم تشتكي مطلقا لماذا فعلت هذا ، بعد ان يأست محاولة والده ووالدته لاخراجه من عزلته قرروا جلب ممرضة ترعاه في المنزل لانه يرفض العلاج بالرغم من وجود امل في استعادة بصره مرة اخرى ،لقد قال الطبيب ان السبب نفسي وليس عضوي وذلك من الصدمة فعليه فقط التحلى بالامل ومحاولة نسيان الماضي .
لقد مر على هذه الحادثة سنة وهو منعزل لا يكلم احد الا بالكاد ويعيش مع وحدته وظلمته ويفكر في الانتحار طوال الوقت لينهي مأساته ،اجل هذا هو الحل للخلاص انه ينتظر فرصة ،فرصة لانهاء معاناته وافكاره التي تقتله هل يفكر بشكل صائب ام انه يخدع نفسه بالخلاص .

الحب أعمىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن