هدنة

80 2 0
                                    

بكت زينب كثيرا هذا اليوم ، ارتدت بلوزة بكم ولفت وشاح على رقبتها لاخفاء اثار ممارساته عليها ونزلت الى المطبخ لتأكل شيئا وهناك قابلت ليلي ابنة علي ، كانت فتاة جميلة جدا وصغيرة بعمر الثالثة والنصف ، كانت طفلة مليئة بالحيوية جميلة تشبه اباها بشدة بشعره الاسود وعيناها الفيروزتين ، كانت الطفلة تشرب الحليب في المطبخ فدخلت زينب وبدات الفتاة بمحادثتها وهي تقول: انتي ممرضة ابي الجديدة صحيح،  فابتسمت زينب وقالت : أجل يا صغيرتي انا هي . ابتسمت الطفلة بحزن وهي تسأل : وهل سيحبني ابي مرة اخرى.
شعرت زينب بألم شديد في قلبها فقامت واحتضنت الفتاة الصغيرة ونزلت على ركبتيها وهي تقول: اباكي يحبك جدا وسيظل يحبك للابد .
قالت ليلي : لكنه يغضب عند سماع صوتي ويصرخ بي .
قالت لها زينب : كل ذلك سيتغير قريبا ، سيعود اباكي القديم عما قليل ، ولحين عودته ماذا تريدين ان تفعلي ، قالت الفتاة ببراءة : اريد نزول حمام السباحة .
قالت لها زينب: اذا هيا فالنستأذن جدتك وننزل لنعوم .
قالت الفتاة بحزن : انا لا استطيع السباحة كان ابي يعلمني لكنه الان لا يحبني .
اكدت زينب ان اباها يحبها لكنه مريض وستحاول اقناعه ان يسبح معهما.
اساذنت زينب جدة الفتاة وذهبت لغرفتها لترتدي مايوه السباحة القديم الذي لديها وبعد ان ارتدته سمعت طرقا على الباب فاعتقدت انها ليلي لكنها وجدته علي ، فغرت فاها وهي تقول : علي !!!!
قال لها بوقار : ايمكنني الدخول ؟
فترددت قليلا ثم قالت : تفضل.
كان يرتدي بنطال جينز مع تيشيرت خفيف ويرتدي نظارة سوداء تخفي عينيه الجميلة  وشعره الرائع مصفف كعارضين الازياء ،فكاد قلبها يتوقف لرؤيته.
دخل غرفتها وظل واقفا بعد ان اغلق الباب قائلا : لقد تعبت يا زينب .
قالت باندهاش: وكيف يمكنني مساعدتك؟
قال بهدوء : لا تتركيني.
قالت بتعجب : أنت لا تريدني ان اتركك !!!!!
لم تتوقع زينب ان يقول هذا الكلام ،لقد قرر التقدم خطوة للخروج من عزلته ويجب ان تستغلها فقالت له :
لقد حاولت كل شئ لتهينني وتجعلني ارحل وعندما انوي الرحيل تقول لي ذلك!
انزل رأسه قليلا وهو يقول : ارجوكي اعطنا قليل من الوقت ، لما لا نعقد هدنة .
ابتسمت زينب لكلامة وقالت : وهل ستساعدني في الهدنة ام ستقلب كل شئ على رأسي .
ابتسم قليلا واجاب : ساحاول ان اضبط نفسي.
قالت زينب بلؤم : اذا سنبدا من الان ، ان ليلي تريد نزول حمام السباحة .
تغير وجهه على الفور وقال: لا ،انا لن اقضي وقت مع تلك الفتاة .
اقتربت منه زينب وامسكت يده قائلة : لما لا علي ... لما؟؟؟
ابتعد عنها قائلا : ليس لكي شأن.
قالت وهي تواجهه :انت جبان
التفت اليها وصفعها صفعة قوية اوقعتها على الارض ، قامت فورا وامسكته من ياقته وقالت: انت غير مدرك لما تفعله ولذلك لن احزن منك لكنك اب وتلك الطفلة ابنتك ورأيت الشبه بينكما انها ملكك واذا كنت تخاف ان لا تكون ابنتك عليك بعمل تحليل DNA لتتأكد وليس الهروب والانغلاق على نفسك مع افكارك السوداوية التي تدمرك وتدمر من حولك .
اندهش على من ردة فعلها وامسك وجهها بين يديه وقبل خدها واخذها داخل صدرة وبدأ يتكلم بتأثر قائلا:  انا خائف ، خائف  ان لا تكون ابنتي ،خائف من المجهول ،خائف لاني لا اعرف ماذا افعل اذا كان التحليل يثبت انها ليست ابنتي ، ارجوكي افهميني .
احتضنته هي الاخرى وربتت على شعره وقالت : انها ابنتك وانا اضمن لك ذلك ،الم تلاحظ عينيها الفيروزتين كعينيك ، وخلعت نظارته ومررت يدها على عينه فأغلقها وتنهد ،الم تلاحظ شعرها الاسود الحريري الجميل ومررت يدها في شعره ولاول مرة منذ سنة يبتسم، اه من ابتسامته لقد قفز قلبها من مكانه عند رؤيتها كم هو وسيم وجميل ، اقتربت منه اكثر وطبعت قبلة على خده بحياء ، فامسكها من وسطها وقربها اكثر منه واحتضنها ، لم يكن بين جسدهما اي فواصل وتعلقت هي برقبته تمنحه الحنان والامان ،فدفن رأسه في عنقها قائلا: رائحتك جميلة ، فابتسمت وقالت: انه اللافندر فأنا احبه ،فدفن انفه في شعرها وشمه قائلا: انتي شهية وبريئة .
لاحظ بيديه انها ترتدي لباس السباحة ولاحظ ان ظهرها مكشوف فابعدها عنه قائلا : هل ستنزلين هكذا .
انحرجت زينب وقالت : كنت سارتدي فستان صيفي فوق المايوه قبل ان تأتي.
قال بلهجة غريبة : هناك عمال رجال كثيرون في الفيلا ، وحمام السباحة مكشوفا لذا عليك ارتداء ما هو افضل الا اذا كنتي تريدين ان ينظر اليكي الرجال.
غضبت زينب قليلا ثم ادركت ان تجربته السابقة ستجعله مرتابا وادركت حالته وفورا قالت له : اذا سارتدي شيئا اخر يستر جسدي لكن بشرط ، قال : ما هو شرطك؟
قالت له :تعالى معي ومع ليلى واقضي معنا بعض الوقت . هز رأسه فورا بالرفض .
قالت له : اذا سأنزل هكذا .
امسكها من زراعها بقوة كبيرة لدرجة المتها وقال : ان لم تخلعيه سأخلعه انا نيابة عنكي .
شهقت قائلة : اجننت ، من انت لتخبرني ما افعل وهل من رأيك ان هذا ما اتفقنا عليه من هدنة ؟ علي لقد اخبرتك ان كنت تريد ان تطلب شيئا عليك عمل شئ بالمقابل.
تركها ومسح على شعره بغضب وقال : سأنزل لكني لن اتكلم معها .
رضيت زينب بسعادة كبداية وقالت له : اذا فالتذهب الى غرفتك حين انتهائي من تغيير ملابسي وسأحضر اليك ،فوجئت به يتمدد على السرير وهو يبتسم قائلا: فالتفعلي ذلك انا لا ارى ، غضبت زينب وقالت: لكني اراك واستحي ان افعل ذلك امامك، ذكرها بأول لقاء بينهم وقال: انسيتي انك كنتي عارية امامي من قبل ولمست جسدك بيدي هجمت عليه تضربه وهي تقول : أنت وقح وعديم الذوق فاعتدل وامسك يديها واوقعها عليه ونظر لوجهها بالرغم من عدم رؤيته لها وقال: احب غضبك فأنتي رقيقة كالفراشة ، ابتسمت وهي تقول : انت هو الضخم ،احتضنها بقوة وقام حاملا اياها يزنها فوجدها خف الريشة ووضعت زراعيها حول رقبته وهي مبتسمة وسعيدة وفجأة سمعوا طرقا على الباب قطع عليهم خلوتهم وكانت ليلى ففتحت لها زينب ودخلت وهي تقول بمرح : أنا مستعدة يا زيزي فانتبهت لوجود اباها بالغرفة وكان رد فعل الفتاة عفويا بان ركضت اليه واحتضنت قدمه وهي تقولي :أبي فلم يحرك ساكن بل حاول أن يسيطر  على غضبه وشعرت زينب أنه سيؤذي الفتاة اذا لم تبتعد فأمسكتها برقة وأبعدتها عنه قائلة : سيجلس اباكي معنا في الحديقة ونحن نسبح . قفزت الفتاة تهليلا وقالت : هيه ابي سيلعب معي اخيرا ويعلمني السباحة ،أخبرتها زينب أن تنتظرها بالاسفل وستأتي بعد خمس دقائق واغلقت الباب وهي تراقبه واقتربت منه وامسكت يديه وقالت: ارجوك لا تحرم نفسك من فرصة الحياة يجب عليك أن تساعد نفسك بالخروج من ذلك النفق المظلم وتستعيد حياتك وبصرك وشغفك .
نفض يدها وتحدث برسمية قائلا: لا تضغطي علي ايتها الممرضة لقد تعاهدنا على هدنة وليس ان استعيد حياتي التي لا تعلمين عنها شيئا .
ابتعدت عنه وهي تشعر بالالم من جراء رفضه لها ،لكن على الاقل سينزل للجلوس وهي خطوة كبيرة ،
اسأذنته ودخلت الحمام لتغيير ملابسها وارتدت شورت طويل وفوقه بلوزة نصف كم ساترة لصدرها وظهرها وخرجت وهي تقول : هيا بنا يا علي بك لننزل .
أمسكت يده فنفض يدها وقال : سأمسك بكتفك وعليكي توجيهي ولا تحاولي لمسي مرة اخرة ، اضطربت لهذا التحول ولكنها بحكم خبرتها تفهم صعوبة نزوله لرؤية الخدم والعائلة بعد غياب ، فسيشعر بالامان اكثر بالأنغلاق على نفسه الى أن يثق بها.
نزلا سويا الى البهو ورأتهما والدته التي كانت تجلس مع حفيدتها وقامت وهي تنوي ان تهنئ زينب لأقناعة بالنزول ولكن زينب حذرتها بإشارة من يدها الا تفعل وفهمت السيدة على الفور ،انه تقدم لم يحلموا به خلال السنة الماضية أن يترك غرفته ، نادت زينب على ليلي وخرجا جميعا الى الحديقة وبعد تعرض علي لأشعة الشمس القوية شعر بألم في رأسه وفي عينيه فارتدى نظارته السوداء وحاول الا يعطي للامر اهمية وجلس على شازلونج امام حمام السباحة وتحت شمسية كبيرة  وبدأت زينب وليلي في اللعب بالماء .... بعد قليل شعر علي بالنعاس وغاب عن الدنيا في نوم عميق ، انها اول مرة ينام بدون ادوية ، شعر براحة غريبة وهو يستمع الى صوت ابنته وزينب معا كانه اوركيسترا حالم يدعوا للهدوء والاسترخاء ، لاحظت زينب غفوته وابتسمت للطفلة واستمرا في اللعب ساعة كاملة ثم امرت الخادمات بأخذها واحضار الطعام في الحديقة لمحاولة اقناعه بالغداء تحت ضوء الشمس ليستفيد من اشعتها ... جلست بالقرب منه على مقعد اخر ونظرت له حالمة وهي تفكر ،كيف كان في الماضي
ماذا لو احبها ،هل سيسمعها كلمات الغزل التي تتمنى سماعها منذ أن كانت في السابعة عشرة ، كان وسيم ورجل فريد من نوعه ،بالرغم من عنفه معها شعرت بان هناك شيئا يشدها اليه ، كالفراشة التي تقترب من النار ،
هل سيحرقها ، تنهدت بحيرة ولاحظت احدى الخادمات انها احضرت الطعام ،فوضعته على الطاولة بجوارهما وبدات بإيقاظه.
نادت عليه مرة : علي بك ،لكن لا استجابة ومرة اخرى : علي بك ،فمدت يدها لتلمسه ففوجئت به يمسك يدها بعنف لدرجة أنها صرخت من الالم وقال : قلت لكي لا تلمسيني مرة اخرى .
حزنت زينب وقالت : وكيف اوقظك لتأكل هل بفرع شجرة .
جلس وقال: الزمي حدودك معي ايتها الممرضة.
حزنت زينب لرسميته بالكلام لكنها قبلت بالتقدم في خروجه من الغرفة ،فقالت له : لن اكررها سيدي والان عليك ان تأكل لأخذ ادويتك.
قال لها : سأكل بغرفتي ونهض واقفا قالت زينب ان الشمس مفيدة لك قاطعها بيده قائلا: يكفي هذا اليوم .
فسارت امامه ووضع يده على كتفها واوصلته لغرفته واعطته ادويته وتركته يرتاح .
نزلت للتحدث مع والدته قليلا ،فامسكت بها السيدة العجوز وقالت : انتي ملاكي كيف اقنعته بالخروج من غرفته لقد حاولنا كثيرا . قالت زينب : سيدتي لا تتحمسي كثيرا اشعر انه سيتقوقع مرة اخرى على نفسه انا اريده ان يشعر مرة اخرى بالغضب ليخرج و يعبر عن مشاعره المكبوته ، أنه يحاول العودة مرة أخرى لملاذه الامن ، هل يمكنني طرح سؤال عليكي ؟ قالت السيدة : بالطبع ، قالت زينب : أين والد علي بك ؟؟؟؟
قالت الوالدة بحزن : أنه بالعمل دائما ،منذ الحادثة حدثت مشاجرة بينهما وقال له والده انه ضعيف وغير كفؤ في اختياره لزوجتة فضحتنا بين الناس ومنذ هذا اليوم وهو لا يخرج .
تنهدت زينب وهي تقول: علي التحدث للطبيب المعالج لقياس حالته النفسية واعطائه ادوية تساعده على اجتياز المحنة ،قالت الام : انه رافض لاي علاج نفسي من أي نوع .
قالت زينب : سنحاول كل شئ الى ان يقبل العلاج ، شعورها يقول ان الهدنة لن تطول والحرب القادمة اصعب مما فات.

الحب أعمىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن