العودة لنقطة الصفر

68 3 0
                                    

نظر علي لابنته ليلي التي بدأت في البكاء لانها تشعر بالخوف وشعر بالعجز الفعلي ،كان يريد احتضانها والتخفيف عنها وفي نفس الوقت يمسك نفسه عن ذلك ، وقال لها بعصبية: لماذا تبكين ؟ اجابت من وسط بكائها : انا خائفة منك ، وانتحبت بصوت عالي ، فأغمض علي عينيه وتذكر جميع ذكرياته معها من يوم ولادتها واول خطواتها واول كلمه وتفاجأ من نفسه انه احتضنها بشدة ودفن رأسه في عنقها يشم رائحتها وهو يشعر انه افتقدها جدا وكم كان قاسيا جدا لابعادها عنه كل هذه الفترة ، حملها وقال لها : لا تخافي مني فأنا سأحميكي حتى من نفسي ، وضحكت ضحكة كبيرة وهي تحتضن وجهه بيديها الصغيرتين وقبلته على خده ، دخل علي المنزل وهو يحملها فتفاجئت والدته ووالده وشعرا بالسعادة لتلك الخطوة وفاجئهم على بعودة نظره اليه وهو يقول : اعتذر عن كل ما سببته لكم من الام ، ابي وامي لقد عاد لي بصري مجددا ، ارجوا أن تعطوني فرصة لاعوضكم عن ما اقترفته من اثام ، قامت والدته لاحتضانه ودمعت عينا والده من الفرح وقال له : عدت في الوقت المناسب يا بني ، لقد افتقدتك كثيرا وتعبت من العمل وحدي ، قبل يدي والدته ومسح دموعها ، ثم توجه الى والده وانزل ابنته من حضنه وقام بتقبيل يد والده قائلا : ابي العزيز سامحني .... بعد كل تلك المشاعر قال لهم :سأصعد لاغير ملابسي بعد اذنكم ...واهتمت الناني بابنته ليلي وصعد هو لغرفته ليفكر كيف سيصالح زينب وبعد استحمامه و تغيير ملابسه وحلاقه ذقنه ، ارتدى بدلة رسمية وكان وسيما جدا بتلك الهيئة وقرر ان يتحدث مع زينب في غرفة المكتب ، ارسل احدى الخادمات لطلبها ، نزلت زينب وهي ترتدي فستان ابيض جميل يظهر جمال جسدها ، طرقت الباب وهي متوترة وسمعت صوته العذب وهو يقول : تفضلي ، كان علي متوترا للغاية من تلك المقابلة ولكنه اظهر رباطة جأش وابتسم لها برسمية وهو يقول : تفضلي اجلسي ، جلست زينب وهي تنظر لأصابع يدها التي تحركها معا بتوتر ، قال لها : اعتذر لكي عن عدم اخباري لكي بأني استرجعت بصري ، لم تنظر اليه ولكنه رأى الحزن باديا على وجهها ، اكمل حواره قائلا : لا استطيع ان انكر مساعدتك لي في احلك اوقاتي ، لقد كنتي ملاكي الحارس الذي اعادني على الطريق المستقيم ، ابتسمت بحزن وبدأت دموعها بالانهمار لتوقعها ما هو آت ، ضيق علي عيناه عندما رأي دموعها وقام وهو يكمل ويمشي باتجاه النافذة : ارجوكي لا تحزني فمن الصعب علي رؤية دموعك ، لكني مضطر ان استعيد حياتي كاملا ثم اقرر نوع علاقتي بك ، لا استطيع ان انكر انجذابي الشديد لكي لكني بالكاد اعرفك ، وماذالت ثقتي بالنساء معدومة ، ارجوكي زينب كوني ضيفتي لفترة لنتعرف على بعضنا افضل ، التفت ليراها وقد تحول وجهها لقطعة من الحجر وتجمددت دموعها في عينيها ولم تعد تبكي ووقفت تنظر اليه بلا مبالاه قائلة : هل انتهيت ؟؟
فأومأ برأسه اجل ، فهمت بالانصراف دون أن تقول شيئا فجرى ورائها قبل أن تصل الى الباب وامسكها من يدها وتدارها قائلا: لم احصل على جواب ، فنظرت اليه بكره وقالت : الم يصلك الرد ؟؟ فضيق عينيه وهو ينظر الى عينيها ولم يرى فيهما نظرة الشغف والحب التي كانت تنظرها له فيما سبق ، فنفضت يدها عن يده وقالت : انا سأرحل ولن احل ضيفة عليك ، وارجوا ان تنعم بالراحة وحدك من دوني ، أنا سأرحل الان ان لم يكن لديك مانع سيد علي ، حملق فيها علي بعدم تصديق ولم يستطع ان يمنعها عن الرحيل فهي محقة ، لقد اهانها واهان انوثتها ، لكنه لم يستطيع أن يعترف بينه زبين نفسه انه يحبها ... لقد سيطرت عليه تجربته القاسية ولم يستطع الاعتراف بحبه واحتياجه اليها وشعر بالضعف بعد رحيلها ، فجلس على كرسيه بانهيار ولم يعد يعرف ماذا يفعل .
جرت زينب الى غرفتها وهي منهارة من البكاء واخرجت حقيبة السفر وبدأت بوضع كل اغراضها بها الي ان سمعت طرقا على الباب ، فمسحت دموعها وقالت : ادخل ، فدخلت والدة على التي رأتها وهي تخرج من غرفة المكتب منهارة ، وحينما دخلت الغرفة تفاجئت بزينب تلملم اشيائها فقالت لها : ما هذا يا بنيتي ماذا تفعلين؟؟؟ ارتمت زينب بحضنها وهي منهارة وحكت لها ما قاله لها علي ، فمسحت الام على شعرها وهي تقول : اعطه قليلا من الوقت فليس من السهل عليه الثقة بجنس النساء بعد ما حدث ،ارجوكي لا ترحلي ، قامت زينب وهي تعتذر وتقول : اسفة سيدتي لا استطيع البقاء هنا ، استأذنك الرحيل .... اشفقت السيدة العجوز عليها لأنها رأت مدى جرحها وقالت : اذهبي يا بنيتي لن امنعك لكنك ستذهبين الى شقتك التي هديتك اياها ، خاولت زينب الرفض لكن والدة علي اصرت وقالت: سأحضر المفتاح وعقد الشقة لكي ، انها ملكك وذلك لن يوفيكي حقك في مساعدتك لابني على استرجاع حياته ، اتمنى لكي التوفيق بنيتي واتمنى ان يفيق ابني سريعا قبل أن تضيعين من يده ، قبلتها زينب واحتضنتها واكملت لم اغراضها وفي تلك الاثناء جهزت والدة على عقد الشقة ومفتاحها واخبرت السائق ان يوصلها الى المطار وارفقت ايضا بطاقة لحساب بنكي خصيصا لها لتنعم بحياة هانئة مستقرة ، نزلت زينب لتودع من في القصر واحتضنتها ليلي وهي تبكي ، لكن زينب اخبرتها انها ستأخذ اجازة وتعود بعد مدة وقبلتها على وجنتيها ، لم يستطع على وداعها فقد كان منهارا من رحيلها ونظر عليها من نافذة غرفته ورئاها تركب السيارة وقبل أن تركب نظرت باتجاه غرفته ليتراجع قبل أن تراه وهبطت دموعها بغزارة على خدها وهي تودع الجميع ، رحلت زينب عن القصر وشعر علي بحياته فارغة من بعدها لكنه يخاف ، يخاف من الحب ،يخاف من الفشل ، يخاف من الماضى ، فقرر دفن نفسه بالعمل لينسى ، يجب ان انساها .
بعد رحلة الطائرة وصلت زينب لشقتها الجديدة التي كانت في حي فاخر وحبست نفسها في الشقة لمدة تسبوع وهي منهارة تماما ، بالكاد تأكل وتشرب ، كانت تبكي فقط على حب لم يبدا لينتهي ، بعد لملمة شتات نفسها عادت الى عملها بالمشفى وبدات تعيش حياة روتينية هادئة كئيبة لم تشعر بطعم الفرح مطلقا ، عادت لنقطة الصفر من جديد ، عادت للوحدة وعدم الامان والحب وكل ذلك بسبب خوف علي من الماضي ، لم تستطيع ان تغيره ، لقد فقدت قلبها بين عينيه .
أما عن علي فأصبح آلة عمل لعينة خولت حياة من حوله الى جحيم وأصبح شخص عصبي جدا وتعيس .
ظل على هذه الحالة مدة ثلاثة اشهر الى أن استيقظ على خبر في الجريدة .... لقد اعطت ميمي تصريحات للصحافة بأنه كان يضربها ويخونها وارفقت كل ذلك بصورة له مع زينب في وضع حميمي وقالت انها ستقاضيه وتطلب تعويض عن اذيتها الجسدية والنفسية فجن جنونه ووجد نفسه يسافر ليحمي زينب من تلك الافعى .

الحب أعمىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن