كُنت مسعاي فكيف للمساعي ان تُناسا...كُنت شامخا وفي كل موقف مهابا..كُنت جدي وفي كل احتضان عبق الطهارا..لا تلفظ "لا" للسائل ولا تنسى السؤال عن كل قريبِ وقرابا.
تسعى لرزقك سعياً مُجابا و بعرقك بَنيت بيتاً وعيالا..عشت بكرامة نفسك راضياً ، وبأمجادك فاخراً ، و على أخطائك نادماً.
كُنت جدي وفي كل حكاية رونق وعدالة..جادا عند الحاجة ، عفويا متسامحا عند التسلية والبلادة..كُنت جدي اشكيك طول الهم واستمرار الغم فتطالبني بالتفاؤل قائلا :
-استبكي علي ليلة موتي خائباً؟
-هل تسألني السؤال الذي لا جواب له الا عندك ولا وجود له حتى غيابك؟!
-كلا اذاً لن تبكي اريدك ضاحكاً على رفاتي داعماً وواقفاً عند دفني وسباتي اريدك انت انت مبتسماً في وجه المحبين تمسح الدمع وتَسنِدُ الظهر انت انت للعائلة عطوفاً محباً وكريماً وعسوفا وللقربى جاداً وسائلاً ورغيباً ورغوبا وللاصدقاء ناصحاً وشروفاً وداعِماً ورؤفا ولشريكة حياتك رقيقاً ومحباً ومغروراً وعنيدا ولشهواتك فاضلاً مبتعداً مقتنعاً سعيدا وللمجدِ والعلمِ ساعياً وتواقاً وشغوفا.كُنت جدي عندما تراني شغولا مشغولا فلا يكن لي مأكل ولا مناما تأخذني لنأكل طعاما...كُنت جدي عندما تراني معتلا مريضا تحملني راكضا للعلاج والراحة...كُنت جدي اينما تراني تناديني لمرافقتك في العمل والسياحة.
كُنت جدي في وقت مرضك انام عندك ، ساعدك عند الوقفة وعكازك عند المشية وسندك عند الحاجة...كُنت جدي تندهني بأسمي فأجيبك بالركض نحوك عجلا ترسلني للدواء ولبن الروبة مسرعا وعند القيادة تصيح فيه على رسلك مبطئا.
كُنت جدي على غبائي ضاحكا ساخرا مبتهجا وعلى اخطائي تضربني مغضبا...كُنت جدي بكبريائك حديديا صارما ولكلامي غير سامعا وللنصيحة غير مقتنعا...كُنت جدي للعمل محبا نشيطا وللحياة مبتهجا انيقا وللعائلة مسؤولا رحيما...كًنت جدي بكل ذكرياتي احببتك وسعيا بكلامك امجدتك.
كُنت جدي و في ليلة موتك سلمتُ عليكَ مبتسما ثم احتضنتك باكيا محترقا.
أنت تقرأ
وداعيات(farewells)
Poesíaمجموعة من القطع النثرية القصيرة ، لكل قطعة اسلوبها وموضوعها واسرارها واسبابها ، تمثل خلاصة أكثر من سبع سنوات من التجارب الكتابية والتعبيرية. 2015-?