ذكريات على حافة الهاوية

52 10 3
                                    

مضت ثلاثة أيام منذ دخول رين ، ظل مساعد غوجو ينتظر سماع الصفارة لكي يتدخل لكنه لم يسمعها طوال هذه المدة تساءل ما إذا كانت الفتاة رين بخير أم أن شيء أصابها منعها من إستدعاء النجدة ، في ظل توتره سمع صرخة مدوية من الداخل جعلته يرتجف بشدة ليحمل الهاتف لكنه لم يستطع التحرك إنتشرت هالة قتل في المحيط الخاص بالمبنى و لم يسعه سوى مراجعة نفسه في محاولة لتمالك أعصابه كي يتصل بغوجو ، أخيرا بعد أن زال الضغط تمكن من التنفس و إتصل به ليتحدث " غوجو سان هناك شيء غريب يحدث داخل المبنى و الآنسة رين لم تخرج منه أو تصفر بعد أخشى أنها واجهت عوائق أخرى جعلتها تصرخ بشدة " رد عليه  " لا تقلق ، سآتي عما قريب "  ثم أغلق الهاتف في وجهه بطريقة أحسته أنه كان سيستهر في الأمر لدرجة أنه لم يتبقى سوى شفقة في قلبه على رين .
في تلك الأثناء ، داخل المبنى ، تنظر رين بلا حياة إلى اللعنة أمامها جسدها مثقوب تماما من كل زاوية و الدماء تسيل كالشلال من جسدها لدرجة جعلتها تشك في حياتها ، كانت مرتمية على الجدار بطريقة مأساوية مع عين مفتوقة يمكنها لمح نفسها الصغيرة أمامها بآخر عين لها ، دوما تجلس في الزاوية مهما إختلفت الأوضاع ، سواء بين الكبار أو الصغار لم تستطع يوما فهم عقلهم و طريقة تفكيرهم ففظلت البقاء بعيدة عنهم ، كانت أمها دائما ما تشارك الابتسامات معها لكن في سن معينة إختفت تلك الإبتسامة من على وجهها و لم تعد تتذكر متى كانت آخر مرة رأتها فيها كل ما يمكنها الشعور به هو أنها كانت سعيدة جدا في ذلك الوقت لكن تلك السعادة لم تدم و إستبدلتها بشعور العجز ، كانت عاجزة في كل مرة يرمقها والداها بتلك النظرة ' ليتك لست موجودة ' ، لم تفهم سبب نفيها سواء من قبل أسرتها أو باقي العائلة لكنها حاولت مرارا إصلاحه عن طريق تغيير نفسها لكن كل ما جنته عبارة عن لا شيء بمرور الوقت إعتادت ذلك و لم تبالي بأحد لأن ما وضعته كمبدأ في ذلك الوقت " إذا لم يهتم أفراد عائلتك لك فلا أحد سيفعل لذا ليس مهما " كانت دائما تحاول التأقلم و صدقت بأن ليس لها القدرة على التغيير ، الآن هي نادمة على عدم إدراكها حدقت بعجز في ذاتها و لم تتمكن سوى من ذرف الدموع " لا تق-في هنا-ك فق-ط تح-ر-كي ، إفع-لي (بصقت الدماء ) شيئا " كانت قواها العقلية في آخر مرحلة لها لذا دخلت في آخر حوار لها مع ذاتها إذ ردت بصوتها الطفولي" لمذا ؟! هل علي فعل ، إنت بأمان طالما أنك هنا ليس عليك الكفاح و ستبقين في أمان ، إستسلمي و خذي الأمر الواقع أنت ضعيفة لولا ذلك لما وصل بك الحال لهذه الدرجة " حاولت إيهام نفسها بأن هذا هو الصواب لكن ليس بعد الآن لأنها تدرك جيدا أن حياتها ضاعت بسبب هذا التخاذل ، ما معنى الموت إذا لم تقاتل من أجله لذا ردت بعنف يكتنسه جنون آخر قطرة من إدراكها " إستسلام ، لقد فهمت كان علي الأستسلام أليس كذلك ، ناه أنت تدركين كلانا يدرك أنه من صفات الضعفاء هل أنا ضعيفة؟! لا ( وسعت عينها ) أنا قوية ، أستطيع فعلها ، لم أبحث عن القوة يوما لكن هذا لا يعني أنني لا أمتلكها ، الموت ليس سهلا لكن بما أنني وصلت إليه بالفعل فلا أستطيع سوى محاربته حتى يأخذ آخر رمق ، أنا لن أموت يوما كالنكرة ، لقد رأيت نظراتهم لنا أليس كذلك ، نظرات الإستنكار و الإستحقار ، حتى لو كانت تلك نظرتي عن نفسي فلا يعني ذلك أني أسمح لأي أحد آخر بأن ينظر لي بها ، أنا قوية رغم أنف الجميع قوية أفهمت " ساد صمت بين الفتاتين لتظهر ملامح الصغيرة أخيرا منذ بداية مواجهتها كان يغطيها ضباب أسود لكنها الآن إتضحت ، لم تكن الفتاة تشبهها أبدا عكسها هي بدت الفتاة بشعر أبيض صاف و عيون سوداء كالفحم و بشرة نقية و مبهجة كالثلج تمتلك ملامح هادئة و باردة ، بدى و كأنها إستعادت جزء من ذاكرتها لتبتسم الأخيرة لها " أليس كذلك ، رين سان أنت لم تكوني يوما ضعيفة لا طالما كنت قوية سعيدة لأننا إلتقينا من جديد " تلاشت الفتاة و بدى و كأنها تعود إليها بينما رين بقيت باهتة ، رجعت لها ذاكرتها عندما كانت ذات خمسة سنوات ، كانت صغيرة و جميلة لذا أحبها والداها لكن إتضح لاحقا أنها لعنة أو هذا ما قالته جدتها تم لاحقا ختمها عن طريق طقوس غريبة منذ ذلك اليوم لم تعد تتذكر ذاتها حتى هذا الوقت ، شعرت بالألم يسلك طريقه من قلبها إلى باقي أعضائها ، صرخت بقوة ثم سمع صوت كسر للقيود التي كانت تكبح قوتها لتغطيها هالة مرعبة كانت قوتها ببطئ سحبت يدها نحو المعادن التي إخترقتها لتزيلها متحملة معاناتها كي تعيد تشكيل جسدها بعد ذلك إستعادت ببطئ مظهرها الأصلي لتقف بتوازن ثم تستل سلاحيها و تفتح عينيها  لتلمع و هي تناظر اللعنات ببطئ ، حان وقت تصفية الحساب.

لما و اللعنة أصبحت ملعونة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن