02 ⇇ اقتحامُ ضال

22 3 0
                                    

حلَّ المساء بالفعل وقد انتهت جميعُ حصصِ هذا اليوم المقيت وبذلكَ قد حان وقت العودة إلى المنزل .

أسيرُ على رصيفِ الشارعِ ولا أسمع سوى أصوات الأحذية التي تضرب على الأرضِ بجواري ومحركات السيارات التي تسيرُ على الشارع . أفكرُ في الطريقة التي سيستقبلني بها والديَّ بعدَ أن عَلمَا درجات اختبارات الفصل السابق ، لا حاجةَ للتفكيرِ حتى ، أنا أعلم بأنني سأوبخ وبشدةٍ كالعادة !

_ أهلّا أمي .

رميتُ جملتي عليها ثمَ غادرتُ من دون التفوه بحرفٍ آخر إلى غرفتي في الطابق الأول . سمعتها تقول بنبرةٍ مرتفعة ومستاءة بشكلٍ ما : انزل إلى الأسفل بعدَ تغيير ملابسكَ والاستحمام .

لم أعلق بشيءٍ .. فقط فعلتُ ذلكَ بلا تردد ، وبالفعل قد استحممتُ ونزلتُ لتناول العشاء معهم .

نجلس جميعًا أنا وأخي الصغير إضافةً إلى كلا والداي ، ولا يصدر منا صوتٌ سوى ارتطام الملاعق في الصحون .

لم يبقى الوضعُ الصامت على حالهِ بل قطعهُ قول والدي بصوتهِ الأجش وهوَ يقطبُ حاجبيهِ مجعدًا المنطقة بينهما : كيفَ حال الدراسة ؟

هوَ يعلمُ تمامًا كيفَ حالها ولكن كيفَ يفوتُ فرصةً تنغيص العشاء عليّ ؟ ، أجبتهُ وأنا مازلتُ أُثبتُ إلى الصحن متناولًا طعامي ببطئ : بخير .

شعرتُ بهِ يومئ ، ثمَ ما لبثَ حتى أردفَ : إذًا .. لمَ مازلتَ في المركز الثاني حتى الآن ؟

اكتفيتُ بالصمت فما لي من جوابٍ غيره وهذا ما جعلَ من والدي يتمادى فبدأ يصرخ ويقول بعدَ أن رمى الملعقة على الطاولة : هل تعتقد أنَ هذا كافي ؟ وجودكَ في صف النخبة ليسَ كافيًا على الإطلاق ، عليكَ أن تكون نخبة النخبة لأستطيع وضع عينياي في عيون زملائي متفاخرًا بك ، ولكن ابتلاني اللهُ بإبنٍ عاق لا يجيدُ سوى الحملقة في وجهي .

وضعتُ الملعقة ونظرتُ لهُ بلا أدنى تعبير يُذكر ، رؤيتي لا مبالي هكذا تزعجهُ جدًا فهوَ يريدني أن أبكي أمامهُ وأطلبُ الصفحَ منه ، ولكنني تعمدتُ النظر لهُ بهذهِ الطريقة وبفعليَّ هذا قد انتهى بهِ الحال يمسك رأسي منَ الخلف ويضربهُ بعنفٍ على الطاولة .

حقيقةً .. لم يتأذى جزءٌ مني سوى أنفي الذي بدأَ ينزف بشدة وشفتي كذلكَ جُرِحَت بفعل ذلك .

شَرِعَ يحاول ضربي مرةً أخرى ، كيفَ لا وأنا قد حملقتُ بهِ متعمدًا إثارةَ حنقهِ زيادةً ولم أعد أُبالي بما قد يفعلهُ بي ، ولكن ما أوقفهُ هوَ صراخ أمي عليه بأن يتركني .

لذا فعلَ ذلكَ بعدَ أن ألقى عليَّ جملتهُ المستشيطة بلا أدنى مراعاة : إن كنتَ ستستمر بمستواكَ السيئ والمتدني هذا ، لا تتوقع مني أن أتشبث بكَ فقط لأنكَ ابني ، أقسم إنني سأرميكَ بأقرب قمامة وأنقي نفسي منكَ أيها الحثالة عديم الفائدة .

دقت أجراس الموتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن