الحلقة 4

874 42 122
                                        

جلست ربى وحيدة في غرفة الجلوس، تعانق نفسها ببطء، تغمرها الأفكار والهموم، بينما يتسلل الصمت إلى أرجاء المنزل.

دخل أشهم، رجلاً قاسي الملامح، لم ير ربى من قبل، فقد كان في مهمة سرية حين كانت في المستشفى، ولم يلتقِ بها عند وصولها إلى بيت الجد.

نظر إليها نظرة سطحية، وظنّها إحدى الخادمات.

قال بصوت حاد:
"اذهبي وأحضري لي بعض القهوة."

لم تجبه ربى، وظلّت صامتة كعادتها.

كرر كلامه بغضب:
"أنتِ لم تسمعي؟ اذهبي فورًا!"

غضب أشهم وبدأ يتحدث عنها بغطرسة أمام الجميع، منتقدًا صمتها وعدم استجابتها، قائلاً:
"هكذا الخدم يتصرفون، بلا أدب، لا قيمة لهم."

حينها دخلت والدته، التي لم تعجبها تصرفات ابنها، وعرفت على الفور من تكون ربى.

قالت له بغضب:
"كفى يا أشهم! هذه ليست خادمة لتتكلم عنها بهذا الأسلوب."

ثم نظرت إلى ربى وقالت:
"إنها بنت عمك  حسن، ابنة عمك ، فاحترمها."

توقف أشهم للحظة، ثم اقترب من ربى بفضول، ونظر إليها بتمعن.

قال وهو يمد يده لمصافحتها:
"أنا أشهم... تشرفت بمعرفتك."

ابتسمت ربى بابتسامة خافتة، ولم ترد على أكثر من:
"تشرفت."

ثم التفتت ومضت بهدوء، تاركة خلفها جوًا من الدهشة في المكان.

خرجت ربى بهدوء من الغرفة، تاركة أشهم ووالدته وحدهما.

نظرت الأم إلى ابنها بنظرة صارمة وحزينة، وقالت بجدية:
"يا أشهم، احترم ربى، فهي لم تأتِ إلى هنا عبثًا."

تنهدت قليلاً ثم أضافت:
"هي عانت كثيرًا في حياتها... من عذاب والدتها وزوجة أبيها التي كانت تُعاملها بقسوة لا تُحتمل."

وقفت بثقل في صوتها، وكأنها تذكر ألمًا عميقًا:
"كانت زوجة الأب تضربها وتُذلها، وتجبرها على الأعمال الشاقة، وهي لا تزال فتاة صغيرة."

نظر أشهم إلى والدته بدهشة، ثم قال بهدوء:
"لم أكن أعلم كل هذا... لن أسمح لأحد أن يؤذيها بعد الآن."

أومأت الأم برأسها، وابتسمت بابتسامة حزينة، وقالت:
"فهي بحاجة إلى من يقف بجانبها الآن."

جلس الجميع حول مائدة الطعام في بيت الجد، إلا ربى التي بقيت تجلس على الكرسي بعيدًا، مترددة.

نادت أم صقر بصوت حازم:
"ربى، تعالي واجلسي معنا فورًا."

نهضت ربى بسرعة وجثت بجانب العائلة، تناولت الطعام ببطء، بينما بدأ الحديث يتصاعد.

كانت الأجواء عادية، ولكن أشهم كان سيد الكلام، يتحدث بثقة وحيوية عن أعماله ومهامه في الضبط والتحقيق.

وراء الضوء الرمادي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن