رنين جرس الباب كان ما فصله عن ذكرياته التي تتابعت داخل عقله ثم سرت في مجرى دمه تشعل به النار.
نار من الغضب.
من الألم.
ومرارة الخداع.
جمع الصور واعادها الى الصندوق ثم اتجه الى باب المنزل ليفتح فقابله وجه مازن القلق قبل ان يسترخي وجه الأخير قائلا بعد زفرة ارتياح طويلة.
:- يا اللهي مراد لقد كدت اموت رعبا لماذا لا تجيب على الهاتف اعتقدت انك تعبت مرة اخرى.
نظر اليه مراد ببرود ثم سأل بهدوء بينما يلقي نظرة على الساعة المعلقة على الجدار بجوار الباب.
:- كم الساعة الأن مازن؟
اجلى مازن حلقه وتململ في وقفته قبل ان يجيب.
:- الثالثة.
:- الثالثة ماذا؟
:- صباحا مراد ماذا بك.
:- وهل تعتقد مثلا ان هذا وقت اتصالات هاتفية؟.
:- انا اتصل بك منذ الساعة الثانية عشر لقد عدت بالكاد في العاشرة وانا..
قاطعه مراد ولا زال محافظا على لهجته الهادئة..
:- كنت نائما هل هناك اي شيء اخر تريده مازن.
عبس مازن بحيرة وعينيه تنظران بعمق الى مراد.
:- هل كنت نائما بنفس الملابس؟ ثم لماذا تتحدث هكذا.
تنهد مراد ثم اجابه بهدوء.
:- اعذرني مازن لازلت متعبا وبالكاد اتحمل الوقوف هل يمكنك الدخول او الرحيل لأن لا طاقة لي لمزيد من الحديث على الباب.
تنحى جانبا سامحا له بالدخول لكنه رفض.
:- لن ادخل انا فقط، لقد اتيت لأنني قلقت عليك ارتاح الأن وغدا سوف اتيك.
هز مراد رأسه بموافقة وانتظر حتى رحل مازن عن الباب فاغلقه وعاد ادراجه الى المنزل لكن هذه المرة تحرك الى غرفته ليبدل ملابسه وينام لعل جسده يرتاح ويصمت عقله عن الضجيج قليلا.
******************************************
تنفس الهواء بعمق وهو يتذكر اليوم الأول الذي اتى فيه الى هذا البلد وفي نيته الاستقرار فيها.
كانت بلاد مجاورة لبلاده وخطوته الأولى لجعل شركة عائلته بالوراثة شركة عالمية كما يتمنى.
هنا في هذا المطار قبل خمسة عشر سنة كان يخطو وفي عينيه نظرة أمل وطموح عال يتخيل نفسه ينتقل من بلد الى بلد ناشرا فروح شركته فيهم رافعا اسم عائلته ليراه كل العالم يتمنى داخله ان يكون والده فخورا به.
قبل خمسة عشر سنة اتى هذه البلاد خال البال يرفرف قلبه سعادة وحماسا.
لكن الأن هو ات بهموم ثقيلة تثقل صدره.
وذكريات مريرة تدمي قلبه.
تحرك خارجا من المطار يتجه الى ركن حيث منفذ لشركة تأجير سيارات شهيرة طلب سيارة واتت خلال ربع ساعة.
قد السيارة عبر الطرقات التي يعرفها عن ظهر قلب حتى وصل الى منزله.
او ما كان منزله قديما.
لقد كان هذا المنزل اول منزل عرضه تاجر العقارات عليه وقد خطفه من اول لحظة رغم انه لم يكن اقرب منزل للشركة لكنه كان الأقرب الي قلبه.
كان في الطابق الرابع عشر برؤيا مميزة للمدينة وللمرفأ ذا غرف واسعة وتصميم مريح عائلي اشعره بالدفئ.
حينما اختاره لم يكن يعلم انه سيكون منزل الزوجية الخاص به ايضا لم يعلم انه سوف يدخله يوما حاملا بين زراعيه زوجته الجميلة الضاحكة.
لقد عاش تسع سنوات وحيد داخل هذا المنزل وعامين متزوج وهجر البيت لأربع سنوات.
هجره دون ان يعلم.
تنهد بعمق وعينيه تتابع كل تفصيلة في باب المنزل الخشبي الأسود الأنيق الذي للعجب لا يغطيه الغبار وكأن هناك من ينظفه.
رفع يده يمرر انامله على مقبض الباب الفضي والنقوش الصغيرة على حوافه.
لقد عبر هذا الباب وهو وحيد لملايين المرات وعبره معها لملايين اخرى مرة وهما ضاحكين ومرة وكلاهما عابس ومرة وهما يتشاجران ومرات ومرات ومرات.
نظر حوله للردهة الواسعة التي تضم منزل واحدا اخر ثم عاد بنظره للباب خاصة للنباتات الصناعي على جانبي الباب اتجه لنبات يشبه سرو الليمون وعبث بين وريقاته الكثيفة حتى لامست يداه الشيء المعدني المألوف.
اخرجه وابتستمة شجن ترتسم على شفتيه.
لقد كانت فداء تعاني من فوبيا ضياع المتعلقات الشخصية اهذا كانت تحتفظ بنسخة من كل شيء مهم بالنسبة لها ومنه المفاتيح.
فتح الباب والذي فتح بسهولة وادخله الى منزله.
منزله الذي كان نظيفا براقا كأنه لم يمس.
كما لو انه عاد اربع سنوات الى الخلف.
خطوة داخل المنزل.
طافت نظراته في انحاء المكان ومع كل غرض يقع عينه عليه كانت حمة من الذكريات تتقد داخل شرايينه.
********************************************
:- فداء حبيبتي لقد عدت.
وضت مفاتيحه وهاتفه ومحفظته داخل الطبق الزجاجي الذي تضعه فداء على الطاولة التي تجاور باب الخروج والتي تشبه الخزانة وبداخلها توضع الأحذية ويعلوها مرآة لتتأكد ان كل شيء بخير قبل الخروج وهي تضع هذا الطبق هناك تحديدا حتي لا ينساهم حينما يستعد للخروج.
مع رنين المفاتيح داخل الطبق سمع صوتها قادم من جهة المطبخ.
:- انا هنا حبيبي في المطبخ، اعد الطعام.
:- طعام!
تعجب بينما يتقدم الى الداخل يخلع سترته وربطة عنقه بينما يتقدم وصوته يخرج عاليا حتى يصلها.
:- طعام؟! مع كل احترامي لمحاولاتك فداء ولكن اخر مرة دخلتي المطبخ كدنا نموت بحالة اختناق بعد ان تفحم الطعام.
ابتسم بينما يستمع الى صوتها المتذمر بينما يضع سترته على يد المقعد.
:- كان هذا خطأ لن يتكرر ثم لا تحكم قبل ان تذوق سيد مراد ثم لا تضع سترتك على يد المقعد مراد ضعها في الغسيل.
قهقه على جملتها المعتادة ثم عاد يحمل السترة ليضعها في سلة انيقة تضعها في غرفة الغسيل ثم اقترب من المطبخ يشاكسها.
:-انت لم تخلقي لطهي الطعام عزيـ ...
توقفت الكلمات في جوفه كما توقف قلبه عن النبض وهو يراها امامه فاتنة....
شعرها الأسود كان مموجا بكثافة غجرية تتساقط تموجاته على نعومة ظهرها يلامس نهايته انحنائة خصرها.
التفتت اليه وابتسامة براقة تنير وجهها وعينيها تنظران اليه بشغف وحب والزرقة فيهما تسحره كأحجار الزفير.
هبطت عيناه على جسدها المغطى بقميص واسع فتحت ازراره الأولى فتساقط عن احد كتفيها مظهرا رسمة مزخرفة غير واضحة من مكانه هذا.
بالكاد وصل القميص الى منتصف فخذيها مظهرا جمال قدها المياس جاعلا الدماء تغلي داخل شريينه ....
همس بصوت اجش منفعل....
:_ لماذا ترتدين احدي قمصاني يا شقية ...
ضحكت بينما تتلاعب بحاجبيها و تدور حول نفسها بطفولة..
:_ جميل علي اليس كذالك.... لا اعلم لماذا لكن اشعر ان ملابسك احلى من ملابسي.
اقترب منها قائلا بسخرية.
:- حقا؟! اذا لماذا تستمرين في شراء الملابس؟ هيا اعترفي انك تريدين سرقة ملابسي ايتها المحتالة الصغيرة.
عادت تضحك بينما تقترب منه هي الأخرى حتى اصبحت بين زراعيه تنظر اليه بشقاوة وتلاعب.
:-لا اريد سرقة ملابسك عزيزي فهي ملكي بالتباعية من الأساس لكن للصراحة لقد اشتقت اليك وانت غائب في العمل يا سيد مراد لهذا ارتديت قميصك.
:- انت تلعبين بالنار فداء هل تعلمين ذلك.
صوته الهادئ الهامس اخبرها جيدا بما يقصده والذي لم تكن تجهله ايضا لكنها عادت تتلاعب متصنعة البرائة.
:- الطعام مراد على اخراجه من الفرن اتركني.
هز رأسه رافضا بينما يرفع يده يتتبع خطوط الرسمة على كتفها برقة.
:- ليس قبل ان اعرف ما هذا.
:- انه وشم مؤقت هل اعجبك.
حاول فك طلاسم الوشم الصغير الذي كان مكون من كلمتين مزخرفتين يشكلان معا قلبا رقيقا.
:- لا استطيع قرائته.
:- انه kaderin hediyesi.
:- وما معناه هذا؟ هل هذا فرانكو؟.
ابتسمت ثم اجابت بينما تبتعد عنه ذاهبة الى حيث الفرن لتطفئ النار.
:- لا هذا ليس فرانكو انها اللغة التركية.
:- وما الذي تعنيه هذه العبارة.
ابتسمت بينما تعود لتقترب منه قائلة بحب.
:- انه يعني هدية القدر.
ابتسم بحنان ثم سأل متصنعا الجهل.
:- ولمن هذه العبارة يا ترى سيدة فداء.
:- لرجل اهداه القدر لي فآتاني في وقت كنت فيه ضائعة حزينة ومرهقة كنت كمشردة بلا وطن او مأوى فكان لي هو المأوى والملجئ الأمن، كان تعويض من الله لكثير من الألم والوحدة والنبذ، لك انت مراد.
اقترب منها يسعى لقتناص قبلة يخفف بها من حدة مشاعره التي يكاد قلبه ينفجر من كثافتها ولا يستطيع لسانه التعبير عنها لكنها افلتت منه ووقفت تتمايل امامه قائلة بدلال.
:- ألم ترى شيء اخر في مختلف.
التقط معصمها وجذبها اليه يدفن كفه الأخرى بين خصلاتها الغجرية.
:- مؤكدا لاحظت تموجات شعرك الخطرة تلك لقد ذكرتني بأغنية لعبد الحليم.
تمايل بها بينما يسمعها بهمس اجش كلمات الأغنية.
"بحياتك يا ولدي امرأة.
عيناها سبحان المعبود
فمها مرسوم كالعنقود
ضحكتها أنغام وورود
والشعر الغجري المجنون
يسافر في كل الدنيا
قد تغدو امرأة يا ولدي يهواها القلب هي الدنيا"
*******************************************
اخذت كفه بين يديها تحركه معها ببطأ حتى ادخلته الى الغرفة وهي تقول بلطف.
:- احذر الباب حسنا لقد وصلنا.
وقفت على اطراف اصابعها تزيل الوشاح الذي ربطته على عينيه ثم هتفت بسعادة وهي تتلمس الأساس الذي رتبته بصورة رائعة ثم قالت بطفولة.....
:_ ما رأيك، لقد قضيت اليوم كاملا في اعادة ترتيبها.
ابتسم بفخر وهو بنظر الى غرفة الاستقبال التي اسبحت تأخذ طابع دافئ انثوي .
:_ انها رائعة فداء عليك التفكير بجدية في اتخاذ تصميم الديكور كعمل لكن لم يكن عليك ان تتعبي نفسك كان من الممكن ان ارسل اك شركة ديكورات تنهي لك ما تريدين.
هزت رأسها برفض بينما عينيها تنظر بوله لما صنعته والفخر مشترك بينهما.
:- لا لقد كان مجهودا رائعا لقد شعرت لأول مرة انني افعل شيء احبه شيء خاص جدا، هل اخبرتك لقد ارسلت الصور الى امي وبشرى ولبدور ايضا لقد اعجبهم ايضا انا سعيدة جدا مراد لم اعلم ابدا انني يمكنني ان اكون سعيدة اهذه الدرجة من مجرد تنظيم غرفة.
:- انهة ليست اي غرفة حبيبتي انها غرفة الاستقبال في منزلنا، لكن هذا لا يعني ان تجهدي نفسك لهذه الدرجة في النهاية نحن لا نستقبل الكثير من الضيوف.
:_ اخبرتك لم يكن مجهودا سيئا على اي حال انه ممتع بالإضافة الى.
رفرفت بأهدابها ببرائة ثم قالت بهمس كأنها تخبره سرا والعبث يلمع داخل مقلتيها..
:- اخبرك سرا ..... انا امتلك زوج متحكم غليظ لا يوافق علي ان اعمل ...
ابتسم بمكر ثم اقترب منها حاولت الركض لكنه امسكها من خصرها مانعا ايها.....
ليحملها بنعومة واضعا اياها علي طاولة عالية قريبة بينما يقول بلطف....
:_ اذن لكي زوج سيء يا صغيرة...ولا يوافق على ان تعملي.
هزت رأسها بإيجاب ...
:_ اسوء مما تتوقع حتي انه يحبسني هنا وحدي طوال اليوم لا اخرج نهائيا هل رأيت كم هو سيء.....
لهجتها المدللة ونظراتها المشاكسة كانت كلحن عزفته دقات قلبه .
اتسعت ابتسامته وهو ينظر الي وجهها الساحر ثم قال متصنعا الحزن....
:- يا له من قاس هذا الرجل اذا هو يرفض ان تخرجي للعمل ويسجنك هنا من اذا كان امس في المول؟ غريبة كأنها انت ....حسنا بما ان زوجك سيء فأنت لن تذهبي معه في رحلة العمل القادمة التي سوف يذهب اليها سيدة فداء....
صاحت فداء بسرعة ....
:_ من قال هذا ان زوجي افضل زوج في الدنيا.... انها رحلة .....
قهقه بقوة بينما قفزت هي لتنزل من اعلي الطاولة ثم قالت بينما تنظر اليه بلطافة واستعطاف زائف....
:_ انت سوف تأخذني معك صحيح ....
عاد يقهقه بينما يقول وهو يقرص وجنتها بستفزاز.....
:_ نعم سوف أخذك معي وهذا ليس بارادتي صدقيني انا فقط لم اعد استطيع الاستغناء عنك ليوم واحد ايتها الساحرة.
التمعت عينها بوميض خافت زاد من سحر عينيها بينما تقول بهمس منبهر.
:_ اتعلم...... انت رائع مراد... حقا....
ابتسم لها بمشاكسة غامزا.
:- اعلم.
بادلته الابتسامة بينما تسأل بحماس.
:_ متي سوف نسافر لأستعد؟....
:_ بعد الغد يا ايتها العجولة..... الأن أنا جائع هل اخترعتي لنا شيء جديدا؟ امس كانت المعكرونة لذيذة جدا انا متحمس لتجربة الأكلة الجديدة.
ابتسمت بفخر بينما تصفق بكفيها قبل ان تقول بمرح .....
:_ الطعام جاهز سيد مراد خمس دقائق وسوف يكون معدا لدينا اليوم كرات اللحم وفطائر انا سعيدة ان طعامنا يعجبك سيدي تعال دائما ....
:- اممم اراك لا تزالين هنا فداء دقيقة اخرى وسوف اكلك بدلا من الطعام.
ضحكت برقة ثم اتجهت الي المطبخ لتعد الطعام بينما ابتسم هو وهو يتابع ظلها بينما عقله يهتف...
(ليس الطعام فقط هو الرائع بل كل شيء مطلي ببهجتك رائع كل شيء له علاقة بفداء هو شيء رائع) .....
أنت تقرأ
امرأة بين السطور ((((( مكتملة))))))
Romanceمن هذه المرأة المجهولة التي تتجلى بين سطور هذا الكتاب. تتراقص بين حروفه وصوتها يشدو من بين الكلمات عطرها يداعب الذكريات. كيف اتت هذه المرأة المتخفية خلف السطور الى منزله. كيف يمكن لها ان تذوب بين الكلمات وتتلاشى بين السطور. ♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡...