(ذكريات تنبع من الظلام ) الحلقة الثالثة

2.1K 66 0
                                    

بعد عدة ساعات كان يجلس داخل احد المطاعم الأنيقة المريحة وبجواره  مازن ابن خالته واقرب اصدقائه اليه والذي قال بمزاح بينما يضرب كتف الأخر بعنف . .
:_ هل ستظل غاضبا مني كثيرا.... تعرف انني لا استطيع رفض احد الأوامر لخالتي.... امك مخيفة جدا وصارمة جدا مراد.... 
حدجه مراد بنظرة باردة ثم قال بغيظ...
:_ لقد كدت اصاب بنوبة قلبية بسببك انت وخالتك..... كل هذا مقلب سخيف من كليكما لإجباري علي الحضور من اجل مقابلة عروس اخرى  سخيفة لن اوفق عليها ابدا.... ثم ان الفتاة ليست جميلة اي ان الرحلة كانت فاشلة من جميع الجهات....
:_ ماذا...  انها ملكة جمال....انك تحتاج لطبيب عيون يا ابن خالتي العزيز ثم ان والدتك هددتني....
نظر اليه مراد بسخرية ليبادله مازن النظرات ببراءة مصطنعة....
:_ اصمت مازن فانا اعرف تماما انه كان من دواعي سرورك صنع هذا المقلب في وليس صرامة امي ما جعلتك تقوم به ثم اخبرني اذا كانت تلك الفتاة العجيبة تعجبك لماذا لا تتزوجها انت....
تبدلت تعابير مازن المازحة بلمح البصر مما جعل مراد يتعجب بينما قال مازن بصوت يخلو من المشاعر لأول مرة....
:_ لا اظن اني قد اتزوج يوما مراد... لكن انا اسبابي مختلفة عنك.... فأنا نساء الأرض لن تملئ عيني....
:_ انا لا افهمك...
:_ اعلم..... قد يأتي يوم واتغلب فيه علي نفسي واحكي لك كل شيء لكن الأن فلنستمتع يا صديقي....
رغم تبدل لهجت مازن الي المرح الا ان ذالك لم يخدع مراد....
تطلع اليه مراد بحيرة بينما يحدث نفسه (ما الذي تخبئه عني يا مازن.... ما الذي اجهله عن  حياتك يا صديقي)
قضي مراد السهرة مع مازن واصدقائه ثم عاد الي المنزل في وقت متأخر...
كاد يذهب الي النوم مباشرة لكن الغلاف الوردي الموضوع علي الطاولة في غرفة المعيشة لفت انتباهه امسك المذكرات وذهب الي غرفته....
رغم تعبه واحتياجه الي النوم لكن فضوله غلبه ليعلم متي كانت المرة الثانية التي يقابل فيها هذه الفتاة بعد ان تركها بمفردها في المستشفي ....
....................................... .
3سبتمبر...
لقد سقط نائمة بينما اكتب امس....
يبدو انني سوف احب الكتابة بعد الأن...
تتسائل لماذا..
لأنني لا استطيع النوم بشكل طبيعي منذ عدة سنوات نومي دائما مضطرب مليئ بالكوابيس هذا اذا استطعت النوم....
لكن امس لقد نمت جيدا كما لم افعل منذ زمن لهذا فأول شيء فعلته بعد تناولي للقهوة هو الكتابة مرة اخري....
لا اعلم تماما لماذا اكتب كأنني اكتب اليك انت مراد لكن اعتقد انني فقط احتاج لشخص حتي لو خيالي لأحكي له لكنه ايضا مرتبط بواقعي نوعا ما حتي لا اشعر انني جننت...
او لأصدقك القول بعد ما حدث امس في مقابلتنا معا تلك النظرات التي نظرت بها الي كأنني شيء يثير اشمئزازك ازعجتني كنت اريد ان ادافع عن نفسي...  كنت اريد ان اخبرك انني لست تلك الفتاة التي قابلتها منذ عام...
انا لست ضائعة ولا اتناول الخمر انا فقط كنت متألمه بعمق لكن كل هذا لم يحدث لم استطع اخبارك ولم اكن لأفعل لكنني كتبته هنا لك...
وما لا تعرفه ايضا ان ابي حاول اجباري عدة مرات للعودة اليه ومن محاولات اجباره ان قطع عني الأموال التي يرسلها الي لكنني لم ازداد سوي عنادا لكن بعد فترة وحينما لم تجدي هذه الطريقة ابتعد عن طريقي ولكنه لم يعيد ارسال المال.
وهنا كانت المفاجئة لقد راسلتني امي وارسلت هي الي الأموال.
(لقد تحدث والدك معي اخبرني انه قطع عنك الأموال تشاجرنا قليلو من اجلك وانتهى المطاف بلا اي حل،  لكن بعد ساعات طوال من التفكير لم استطع فعل شيء سوى كتابة هذا الخطاب.
انا اسفة،  اسفة جدا واعلم ان هذا بلا فائدة لقد ظلمناكي كلانا لسنوات كنت اخر شيء قد نهتم به خاصة مع وجود حرب باردة بيننا وانا ارى الأن اننا لا نملك اي حق بالمطالبة بك.
لا نملك الحق في قول اطيعينا ونحن تخلينا من الأساس عن وجودك.
اعلم از هذا مستحيل لكز اتمنى حقا لو تسامحيني حاولي فبط التواصل معي حتى لو لمجرد الواجب ان لك شقيقة هنا انها في الرابعة عشر من عمرها الأن انها تحبك وتتمنى لو تواصلتما هذه كل بياناتي اذا اردتي.
ولقد ارسلت لك مبلغ مالى هو ملكك فهو اقل شيء نستطيع تقديمه لك)
كلمات امي لم تداوي اي من حروحي ولم تزعجني كذلك فيبدو تنني تحصنت من خذلانهما.
وما لم تعلمه امي هو انني تخليت عنهما وعن وجودهما بكل ما للكلمة من معنى هذا يشمل اموال ابي لهذا فقد بدأت الإعتماد على نفسي بالفعل و قد وجدت وظيفة صغيرة وعملت بها لفترة...
العمل ثقل من شخصيتي كثيرا مما جعلني اتنقل بين الوظائف الصغيرة طوال العام الماضي  لهذا لم يعد عندي وقت اقضيه مع المجموعة الفاسدة التي ما  كنت اقضي معهم وقتي من الأساس الا فيما ندر  وحينما وجدت تلك الوظيفة الشاغرة في شركتك قدمت عليها ولم اعلم انني قد ألتقيك هناك  .....
عندما خرجت امس  من منزلي كنت متفائلة  ومتحمسة لم اعلم انني سأعود محبطة غاضبة....
ما ان وصلت الي شركتك حتي تملكني الانبهار كطفلة صغيرة دخلت الي مدينة الألعاب  لأول مرة.....
كنت سعيدة ومنبهرة وخائفة في ذات الوقت انه اول عمل كبير ومهم اتقدم اليه .....
اجلس بهدوء متوتر علي احد المقاعد امام غرفة السكرتيرة الخاصة بك احرك قدمي بتوتر بينما قلبي يخفق ترقبا....
ورغم علمي ان سكرتيرتك الخاصة لم تحبني ابدا فنظراتها التي شملتني خمس الى ست مرات من اخمص اصابعي حتى شعر رأسي انبئتني بهذا الا انني لم اعرها اهتماما لقد كنت اعلم جيدا متي يجب ان اكون باردة ....
اتعلم انني لقبتها بذات الأنف الطويل انا لست متنمرة لكنها كريهة حقا مثلك تماما ....
لقد كانت متكبرة وسخيفة حقا....
وخاصة حينما قالت ببرود....
:_ حان دورك يا انسة ان السيد مراد ينتظرك.....
حدجتها يومها بنظرة باردة مغرورة وابتسامة ثقة خبيثة ثم توجهت الي داخل المكتب الخاص بك...
لم اكن اعلم اسمك حينما قابلتك العام الماضي   لكنني كنت اتذكر وجهك الصارم وصوتك القوي جيدا ...
لهذا حينما دخلت الي تلك الغرفة التي سوف اقوم فيها بتلك المقابلة تسمرت قدماي علي الأرض وعيناي تتذكران ملامحك التي كانت اكثر هدوء من اخر مرة رأيتك فيها لقد كنت متغيرا قليلا رغم مرور عام واحد  وعلى الرغم ان مدة "عام"  في حياتي المملة وقت طويل جدا سيد مراد الا انه في الطبيعي للناس الطبيعية امثالك هي وقت يمر بلمح البصر لهذا تفاجئت مز التغير الذي حل بك ..
لقد قصصت شعرك فاصبح قصيرا كثيفا اسودا يشبه لون شعري لكنه اكثر بريقا ونضارة  لقد كان هذا مشتركا بيننا لقد امتلئ جسدك النحيل بالعضلات او انم كنت كذلك وانا لم انتبه..
هدئت ملامحك الغاضبة واصبحت تتزين بابتسامة لطيفة اختفت حين لاحظت تحديقي المبالغ بك او...... حين تذكرتني كما تذكرتك...
لم اكن قد اختلفت كثيرا من حيث الشكل...
لقد دعوت داخلي ألا تتذكرني لكنك فعلت لقد نظرت لي بقسوة واشمئزاز وعينيك تستقران علي قرط انفي الذي لم اتخلى عنه...
كانت الأقراط هي الشيء الوحيد الذي احتفظت به من فترة تمردي فما لا تعرفه انني مهوسة بالثقوب الخاصة بالأقراط.
لكن غير هذا كنت مختلفة شعري عاد اسود فحمي بلا خصلات ملونة.
وجهي كان اكثر نضارة ومزين بمساحيق تجميل بسيطة وجسدي مغطى بثوب رسمي مكون من سترة زردية اسفلها قميص بلون البيج الفاتح المقارب للون الأبيض  وسروال قماشي واسع بنفس اللون.
كنت مختلفة وراضية عن نفسي ولكنك لم تبدو كذلك.
كانت نظراتك كافية لحثي علي الرحيل  لكنني لم استسلم لقد استجمعت شجاعتي وتقدمت منك انتظر ما ستقوله.....
لقد نظرت الي ملفي واخبرتني باسمي وانت تقول بلهجة باردة...
:- لقد تقابلنا من قبل اليس كذلك...
كنت اريد الكذب....
كنت اريد قول انها لم تكن انا لقد كانت نزوة كان خطأ لم يتكرر.
  انا،  انا شخص جديد الأن لكنني كنت اعرف انه لا فرق بالنسبة لك لهذا اجبتك بنعم...
لقد اغلقت الملف وناولته لي وانت تقول بقسوة..
:- انا لا اوظف عندي مدمني خمر متهورين... 
ابتلعت مرارة كلماتك وامسكت ملفي قائلة بابتسامة باهته...
:- شكرا...
لقد اردت الرحيل لكنني ارد ايضا ان ادافع عن نفسي فالتفت اليك مرة اخري اقول بهدوء...
:- انا لست مدمنة خمر سيد مراد ولا يحق لك ان تحكم علي من مرة واحدة رأيتني فيها ....  لكنني اشكرك مرة اخري... وفرصة ليست بسعدة بالمرتين.
وخرجت لكن ظلت النيران تشتعل داخلي غضبا...
لقد اخطأت يوما لكنك لم يكن يحق لك ابدا ان تحكم علي ماضي انظر الي حاضري...
لكن الأمر قد مر في النهاية وانتهي كل شيء..
لن اراك مرة اخري مراد ولن تعرف ابدا انني لم اكن بذلك السوء الذي تخيلته....)
......
توقف عن القراءة حينما لم يعد يستطيع فتح عينيه من كثرة التعب .. .
اغلق المذكرات ووضعها جانبا ثم استلقى علي فراشه بينما عقله يعمل بلا توقف...
من هذه الفتاة؟.....
وهل التقاها بعد ذلك اللقاء الكارثي انه لا يتذكر عنها الكثير وهذا يرجح انه لم يقابلها ثانية.... لكن......
تلك المشاعر التي تنتابه كلما تعمق اكثر كأنه يقرأ شيء يعرفه بالفعل ما تفسيرها ....
هل كان ما بينهما لقاء سيء واحد او ان ما جمع بينهما كان  اكثر من مجرد لقاء ....
لم يعلم متي سقط نائما ذاهبا الي دنيا الأحلام.......
*****************************
تساقطت الأمطار الغزيرة مزينة المدينة كأنها ترحب بهم وتهنئهم علي سعادتهم يده في يدها وعيناه ترتوي من بئر عينيها.....
وكما توقع هو تزين وجهها ببسمة حزينة بينما يستقبل وجهها أولى قطرات المطر نظرت اليه بنظرات معبرة قرأها بسهولة  بينما تترك يده وتبتعد لتقف تحت المطر مباشرة تغرقها قطراته الغزيرة لكنها لم تعود الي ذلك المكان الظليل الذي وقف عنده بل بدأت تدور رافعة وجهها وكفيها الي السماء شعرها الأسود المموج الطويل التصق كانت كرمز من جمال مستحيل جمال امتلكه هو فقط .....
رجفة اصابت جسدها حينما شعرت بزراعين يطوقان خصرها ليلصقانها به بينما يهمس لها بمحبة ...
:- لا تتركي يدي مرة اخري....
شعر هو برجفتها بينما تقول بهمس مماثل وكفها تهبط لتمسك بزراعيه كأنها تتمسك به اكثر مما يتمسك بها...
:- لقد تببللت ثيابك الغالية مراد....  قد تمرض عليك العودة الي الداخل...

امرأة بين السطور ((((( مكتملة))))))حيث تعيش القصص. اكتشف الآن