(اللقاء الأول بيننا) الحلقة الثانية

2.4K 85 0
                                    

كانت هذه الجملة نهاية احد الصفحات وقد كانت بخط مرتعش علي عكس خطها الثابت في الجمل السابقة وقد تشوهت اخر كلمه وانتشر حبرها فوق وتحت السطر كأن قطرة ماء او دمع قد سقطت عليها...
لقد انتشرت البقع الحبرية عبر الصفحات السابقة بشكل محزن.
ألم دق قلبه تعاطفا وشعور بالمرارة بدأ يملئ فمه ولازال ذلك الصوت المشوش يجوب عقله هامسا بكلمات قريبة من هذه الكلمات انه يعرف هذه الفتاة مؤكدا لكن من هي وكيف اختفت هي واحداثها عن عقله كأنها لا شيء
ولما يتذكرها الأن مشوشة بعيدة.
رغم ان مشاعره التي تداهمه بعنف كموج البحر تثبت انها لم تكن اي شخص علي هامش حياته لقد كانت جزء مهم من حياته .....
بأنامل مرتجفه قلب الصفحة الي الصفحة التي بعدها قارئا سرها وكلماتها الباكية.....
........

(لقد كنت انتظر كل عام ان تعود امي وتحاول من جديد ليس فقط بعدة دعوات بالية لا تعلم حتى اذا كانت وصلت لي ان لا بل تحاول بصدق.
كنت انتظر ان يشتاق الي ابي ويأتي لزيارتي لعله حتى يسألني لما لا احضر لمقابلاته.
كنو اتمنى ان اشعر للحظة انني لم اكن محض واجب.
كنت اتمنى ان يثبتا انهم احباني لأي طريقة كانت.
لكن كل هذا كون محض احلام ذوت يوما بعد يوم في ركن معتم في عقلي.
وعلمت بعد ألاف الخيبات والكسرات والعثرات.
انهم لن يتذكروني حتى بشكل جيد.
لم يحباني ولن يفعلا.
لم يريداني ولن يفعلا.
كل ما اعطانياه ابواي حفنة من الأموال الكثير منها والكثير من المرارة.
مرارة حولتني لمراهقة صامته عصبية لا شاغل لها سوي دراستها فأصبحت من المتفوقين في مدرستي...
ولم يعد  والداي يمثلان بالنسبة لي الي شيء يذكر حتى تنني كنت انساهم في العديد من الليالي .
ومرت بي الأيام عام تلاه عام حتي شببت عن الطوق واصبحت فتاة شابة ناجحة في اخر سنة في الجامعة اغلب زملائها احب او تزوج او تأهل لشيء ما شيء جديد يحارب فيه الحياة او...
يحارب من اجله.
لكن انا لم يكن في حياتي شيء كهذا حتى بدأ ظلام من نوع خاص بالزحف الي حياتي.
ظلام يسمى الملل  ......
هل تعلم ان الملل من اسوء الأسلحة القاتلة التي تقتلك ببطئ...
ملل جعلني ادخل في مرحلة عنيفة من الاكتئاب لم يكتشفها أحد...
فقد كنت اعيش وحدي تماما حينها في مدينة اخرى حيث جامعتي.
مر العام الدراسي الأخير والاكتئاب يقتات مني شيئا فشيء حتى ظهرت درجاتي و لأول مرة سيئة جدا في اهم عام بحياتي....
فقد خسرت لقب معيدة والذي كان من الأشياء الثابتة المتوقعة بالنسبة لي بعد ثلاث سنوات من الامتيازات.
شعرت وقتها انني خسرت كل شيء جيد كنت امتلكه  كنت اريد الصراخ...
الصراخ بعنف لكنني كتمته داخل روحي كما العادة..
انت الأن تراني شخصية مريرة صحيح...
تتعاطف او تشفق علي اليس كذلك...
لا أنصحك بهذا صدقني...
لأنني لم اكن تلك الطيبة التي تتخيلها...
خاصة بعد ان قررت نفض كل تلك المرارة عن روحي وترك كل ما يؤذيني والرحيل....
لقد رحلت بالفعل مستغلة اموال ابي الكثيرة التي كانت تخزن كل عام داخل حساب بنكي...
استأجرت شقة انيقة في حي قريب من جامعة خاصة قدمت بها وقد كانت هذه احد الميزات التي وفرتها لي اموال ابي...
كنت قد درست في الجامعة مجال  المحاسبة المالية ....
احببت مجال الأرقام لكن وفي نزوة لتغير كافة حياتي قدمت اوراقي للجامعة الخاصة مرة اخرى لدراسة الإعلام قسم علاقة عامة.
كنت اسعى حتى اكون فتاة اخرى فتاة مختلفة.
اردت الخروج من دائرة المرارة والاكتئاب.
احببت الجامعة الجديدة بكل صخبها اشتركت في جميع الانشطة التي تقدمها واصبحت فراشة اجتماعية خرجت من شرنقة المرارة اخيرا او هذا ما اعتقدته...
لكن المرارة ظلت داخلي رغم انشغالي بحياة السهر والحرية التي كنت انغمس فيها...
والتي لازلت انغمس فيها كما تعلم فأنا قابلتك لأول مرة في تلك الحفلة علي الشاطئ واعلم تماما انك تتذكرني خاصة بعد معاملتك لي امس بتلك الطريقة...
لقد كان هذا منذ عام في الحقيقة احسد ذاكرتك مراد فأنا كنت قد نسيت هذه الحادثة تقريبا لكنك لازلت تكرهني وتعاملني كحشرة لأجلها لكنك لا تعلم ابدا لماذا كنت هناك....
سوف اخبرك...
لقد كان هذا بعد  عيد ميلادي السادس و العشرين بشهر تقريبا...
عيد ميلادي الذي  توفيت فيه جدتي لأبي ....
بالطبع هذا لم يكن حدث يعنيني فانا لم اختلط كثيرا معها فهي تسكن في مكان بعيد عن المدينة هي وجدي على اي حال  لكن واجبي كان العودة الي منزل جدتي للعزاء .....
حضر  ابي عزاء والدته كأنه غريب عنها كان يقف صلبا ملولا كأنه يريد الإنتهاء سريعا من هذا والرحيل كأنه محض غريب!!....
ابتسمت ساخرة رغم عني كيف توقعت ان يحبني رجل كهذا لم يحب حتى والدته.
العيب ام يكن يوما في بل كان فيه هو.
هو من كان بغيضا لا يماك في قلبع رحمة ولا قدرة على الحب.
تصنعت انه غريبا ألقيت عليه التحية سريعا واردت الرحيل.
العودة لحياتي التي لا مكان فيها له او لعائلته.
لكنه لم يسمح لي.
بكل وقاحة  أمر بهيمنة ان احضر نفسي لأسافر معه الى منزله بما انني في النهاية انهيت دراستي ....
وكأنني لم انهي جامعتي الأولى منذ اربع سنوات.
الأن فقط تذكر انني انهيت جامعتي وعلى العودة معه.
لكنني عاندت ورفضت....
اخبرته بكل وقاحة ان يغرب عن وجهي ويذهب هو وعروضه القبيحة الى الجحيم فانا لن اتخلى عن حياتي واعود معه الى الجحيم لقد تخلى عني وانا تخليت عنه ايضا منذ سنوات.
تخليت عن احتياجي له وعن اي شيء يربطني به. 
اخبرته انه هو او من تسمى والدتي ليس لهما وجود او مكان في حياتي الجديدة.
لقد كان والدي ينظر الي يومها بنظرة قاتلة لو كانت النظرات تقتل.
ثم اصبح ينظر الي باشمئزاز وبدأ يسبني وينتقد كل شيء في مصورا لي انني اصبحت عاهرة من وجهة نظره وقليلة التربية.
كأنه ترك لي وقتو ضئيلا من حياته ليربيني مثلا.
كان يشير الي شعري المصبوغ بخصل صفراء ذهبية وذلك القرط المعدني الذي اضعه في انفي ويشبهني بأوصال سيئة ....
ينتقد ملابسي التي من وجهة نظره غير ملائمه...... كأن له الحق...
هل تذكر الأن فقط ان له ابنة شابة يجب ان تعرف ما هو الملائم وما هو غير الملائم.....
لقد نظرت اليه وقد تحولت مرارتي وخيبة املي وقهري وصرخاتي التي كتمتها لسنوات الي طوفان من عند وغضب لم يحرق غيري......
يومها علمت ما معني القسوة....
وابي كان قاسيا....قاسية جدا....
لم انسي ولا اتوقع ان انسي تلك الصفعة  القوية التي تلقيتها منه ذالك الوقت  ....
لا زلت اشعر بألم الكف يضرب وجهي كلما تذكرته.....
............
وقفت بثبات وجمود اغطي وجنتي بكفي وعيني تنظران الي الأرض اسفل قدمي كأنني استلهم منها القوة والثبات وانا  استمع لذلك السم الذي ينفسه والدي في وجهي ....
(اتعتقدين ان لكي خيار..... اسمعي يا فتاة انت الأن سوف تجهزين اغراضك ثم تأتين معي بلا نقاش واحمدي ربك انني سوف اخذك معي من الأساس)
نغزة قوية اخترقت قلبي يومها بينما ارفع عيناي اليه.
عيناي التي كانت تحرقني من شدة احتقانهما بالدماء والغضب.
لقد طفح الكيل من يظن نفسه...
من يظن نفسه ليجبرني بعد كل هذه السنوات.
من يظن نفسه ليعتقد انه يمن على لأنه يريد اخذي الى حيث لا اريد ....
بل لا اريد وجوده او حتى سيرته ...
لأول مرة سمحت لنفسي بالصراخ...
ذلك الصراخ الذي كتمته داخلي لسنوات حتى تحول لحمم مشتعلة حان وقت ثورانها ...
(لماذا؟..... لماذا تجبر  نفسك علي اخذي.....  هل تعتقد انني اهتم...  انا لا اريدك لا اريدكم جميعا.... لا  اريد الذهاب معك ولا رؤيتك انت او عائلتك مرة اخري .... لا تعتقد انني لا اعرف انني دائما لم اكن من هذه العائلة....  لم اكن ابدا مرغوبة او محبوبة فيها ولا تعتقد انك من حقك اجباري علي شيء فأنا تخليت عنكم تماما كما تخليتم عني منذ زمن لا اريدك هل تفهم ابتعد عن حياتي انني افضل الموت علي الذهاب معك وترك حياتي هنا حياة صنعتها لنفسي تضم وحدتي ويتمي .... نعم انا يتيمة حتي وانت علي قيد الحياة لانني لم اعد اراك ابي او اراى زوجتك السابقة امي انا ليس لدي عائلة انا عائلتي الوحيدة هل فهمت)
لقد جفل من صوت صراخي لا زالت ملامحه ونظراته وقتها ترسل الي نفسي شماتة.
لقد ارعبه يومها  العنف الذي ملئ وجهي وصوتي واستعدادي التام للإطاحة به وبالجميع اذا لزم الأمر لو فكر فقط ان يؤذيني مجددا.
لقد خرجت يومها من منزل الجدة برأس مرفوع وملامح شامخة وخطوات واثقة.
كل هذا ظاهريا.
لكن داخلي كان حطام.
كأن المرارة والحزن والألم الذي خزنته لسنوات داخلي فاض محطما سد بنيته حول مشاعري.
كنت غارقة حتى منابت شعري بالألم والكئابة  .
........
كئابة زادت بمرور الأيام حتي قررت احدى صديقاتي من الجامعة زيارتي وحينما وجدتني بحالة مزرية عرضت علي السفر معهم الي هذه المدينة الساحلية لترفيه عني...
في حالتي الحقيقية صدقني مراد لم اكن لأوافق ليس لأنني لا اذهب لرحلات ترفيهية ولكن لأنني لم اكن لأذهب مع هذه المجموعة بالذات...
لقد كان يوم الحفل هو المرة الأولى والأخيرة التي تناولت فيها مشروبا كحوليا اقسم لك...
ليس لأنه لم يعرض علي من قبل بل لأنني لم أكن اريد ان افقد نفسي اكثر لكن في هذه الليلة اردت نسيان كل شيء  ارد ان اكون شخص اخر سواي....
لكن لم يحدث في النهاية.
لم يتغير شيء ولم انسى اب شيء....
لقد تضاعف ألمي حتي اصبح غير محتمل لم تعد روحي تستطيع احتوائه ....
شعرت بالكره لوالداي كما لم افعل من قبل لم اكن اريدهما في حياتي بعد الآن لكنني لم اكن اريد الوحدة.
لقد اكتفيت من كون لا احد يريدني لقد.
كانت المرة الأولى التي اريد فيها اذية نفسي ليس فقط بشرب الخمر بل اكثر.
كنت اريد الموت.
اريد الراحة الأبدية بعيدا عن كل شيء   ....
شعرت انني غير مهمه لأي أحد لو مت...  قتلت...  او تدمرت لن يعرف ولن يهتم احد...
لقد شربت لأنسي لكنني لم انسي...
لم افعل شيء سوي إلقاء نفسي في مشكلة وندم لازال يقتلني حتي الأن  ..)
____________________________________
......

امرأة بين السطور ((((( مكتملة))))))حيث تعيش القصص. اكتشف الآن