زَهرٌ مُشتَعِل

724 62 509
                                    










لَم يبدُ بأن كيساكي يُضمِّرُ النيَّة للاستهزاء بها، ففي الأسابيع التي تَلت ذلك المساء الذي اكتشف فيه اسمها الكامل، واضب على مُناداتِها به بصورةٍ طبيعية، وكأنهُ إعتاد دوماً القيام بذلك.

ورغم أن الأمر كان مُستهجناً بالنسبة لها في البَدْء، وكانت تجفلُ في كل مرةٍ تسمعهُ يدعوها بـ'كاغويا' وتَظلُ مُتَيَقِّظة لأي تغييرٍ في نبرتهِ أو ملامحهِ من شأنهِ أن يُؤيد شكوكها، إلا أنها توقفت عن القلق والاكتراث لما يجولُ في ذهنهِ، حين أدركت عَجزها عن تحديد ماهيته.

وذات مرةٍ قرر مُناداتها بطريقةٍ مُغايرة، وصادف بأن هانما كان حاضراً معهما، وقَد فُوجِىء كلاهُما بالقدر نفسه.

يومَها كانت بقُرب باب السيارة الخلفي بانتظار تَرجُل كيساكي، ووقف نائبهُ قِبالتهما مُتأهباً لإستقبال زعيمه.

-سأغادرُ مُبكراً اليوم لحضور إجتماع. عودي إلى هنا قبل الخامسة عصراً، وسأخبركِ عن الوجهة حينها.

أخبرها بصورةٍ عملية عن جدوله، أومأت كاغو بتفهم وهي تُغلق الباب، وتحني رأسها بتهذيب:

-كما تأمر، أراك لاحقاً، كيساكي-ساما.

-لاحقاً، أيتُها الأميرة.

في اللحظة التي نطق فيها ذلك اللقب، تطابقت ملامحُ الدهشة المُرتسمة على وجهها مع تلك المُتجلية على قسمات هانما. كِلاهما فَغر فاهُه، وأخذا يُحملقان في كيساكي بعيون مُتسعة.

انسلت السيجارةُ التي كانت بين شفتي هانما لتقع أرضاً، وكان أول من يُفيق من الصدمة حين صاح مُستنكراً:

-كيساكي-سان...؟!

بَيد أن الآخر تجاهل الإستهجان في النبرة التي خاطبهُ بها وتابع سيرهُ بإتجاه صفوف أتباعه المُستعدين للترحيب به.

فما كان من هانما إلا أن يُحول نظرتهُ المُرتابة نحو كاغو، التي تراجعت للخلف بحذرٍ لتستند إلى هيكل السيارة حين ضاقت حدقتاه ُبتنديد، رأتهُ ينحني ليلتقط عَقب سيجارته الذي لا يزالُ مُشتعلاً، ثم يضعهُ بين أسنانه ليسحب نفساً طويلاً.

وحين كادت أن تُرخي دفاعها، خَبَط بباطِن حِذائه قريباً من مِرفقها عندما رفع ساقهُ الممشوقة ليركُل السيارة بقوةٍ اهتزت معها بشكلٍ طفيف.

ازْرَقَّ وجهُ كاغو، ليس خوفاً من تصرفه، بل خشية أن يترك حذاؤه أثراً على السيارة التي لم تُخدش منذُ أن سُلمت إليها.

أبقى هانما قدمهُ مُلاصقة للهيكل الفاحم، ويديه بداخل جيبيّ بِنطاله، بينما يمضغُ بعصبية نهاية عَقب السيجارة ويُحدق إليها بنفور.

أَحَدُهُما مُـعْتِمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن