التَلاشِي في النُّور

1.1K 68 247
                                    










أمامهُ اِمْتَدَّ الرواقُ فارغًا. نَقّل عينيه بضجرٍ ما بَين الأرضية المكسوة بالرُخام والجُدران المُتشحة بالزخارف، ثم أعاد بصرهُ ليستقر عِند قدميه المُتراصتين بانتظام، انفرجت شفتاهُ في تثاؤبٍ مُباغتٍ حاول عبثًا أن يُخفيه بقبضته.

أجفَلهُ صَريرُ الباب الذي يُوليه ظهرهُ، فسارع بالتَنحي جانبًا واستقام في وِقفته على الفور، مُرَحِبًا بمن خَطا خارجًا من الغُرفة التي عكف على حراستها.

حَصل على إيماءة استِحسانٍ ضئيلةٍ من سيده حين عبر بمُحاذته، ومن وراء الباب المُوارب أطّلت الشابةُ التي كُلف بمراقبتها في وقتٍ سابق.

بَدت كاغو مُنبسِطة الأسارير، وقد توهَجت عيناها جذلًا، وحين أمسَت تقفُ قُبالة مُديرها، تحدث إليها على نحوٍ عَملي:

-سأغادرُ رِفقة هانما، وسيُقلكِ هامادا إلى مسكنك.

وَجه نظرةً سريعةٍ ناحية الرجل الواقف إلى يمينه فأومأ الأخيرُ مؤكدًا استِعدادهُ لتَنفيذ الأمر.

-فهمت! شُكرًا لك.

ردَّت بامتنان وإبتسامةٌ مُغتبطةٌ تُزينُ ثغرها، فما كانت لتُمانع حتى لو وَكل هانما بتولي القيادة نيابةً عنها، فهي تتطّلع للقائه على غير عادتها.

أشار لها هامادا بأن تتبعهُ، ومضى كيساكي قاصِدًا الاتِجاه الآخر، وبعد بضعة خطواتٍ أوقفتْ سيرها لتلتفت نحوهُ وتهتف مُنادية:

-كيساكي-ساما، سأكونُ عند مقر اقامتك في تمام التاسعة من صباح الغد، طابَت ليلتك.

لَم تحصل على ردٍّ منهُ ولا التفاتة، ولكنَ خطُواتِه التي  تباطأت بشكلٍ طفيف أثناء حديثها، كانت جُلَ ما طمعت في نَيله.

ولم تستطع بعدها أن تَمنع أفكارها من أن تُحلق عائدةٍ إلى ما دار بينهما.




--------------------------



-قُبَيْل عشر دقائق-

باغَتها الوقتُ الذي كان مُتربصًا بإدراكها، ولَم تعلم حينها أكانت تلك لحظةً خاطفة التي مَرت أم دهرًا، أو رُبما لم تتجاوز طول الجُملة التي همست بها قبل أن تبتعد عنه.

كانت قَد هيأت نفسها لأن تَجد فوهة مُسدسهِ مُصوبةً نحوها قبل أن تعتدل في جلستها عند طرف الأريكة، فَلم يكن من الحِكمة أن تتغافل عن إحتمال أن يُفضي تصرفها إلى نتيجةٍ تعودُ عليها بالسوء.

كان أمرًا محتومًا ما أقدّمت على فِعله، لأنها تعلمُ بأن لا سبيل للوصول إليه دون خوض مُجازفة الخطوة الأولى.

أَحَدُهُما مُـعْتِمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن