أَحَدُهُما مُـعْتِم

اِنْجِرافْ

على متن مركبٍ فاخر يرسو قُرب خليج طوكيو، يتكونُ طابقهُ الأسفلُ من صالةٍ شاسعة بها طاولاتٌ للمُراهنة ومُختلف وسائل التَرفيه، تُحيط بجُدرانها نوافذُ كبيرة تُوفرُ إطلالة خلابة على البحر، وتتصلُ الصالةُ بمطبخٍ وقاعة للطعام، ويتوسطها درجٌ رُخامي بتصميمٍ لولبي يُفضي لظهر السفينة، الذي يُحاكي أكثر نوادِ ضيافة طوكيو فخامة، حيثُ الأرائك الجلدية الوثيرة ورُكنٌ لتقديم المشروبات في الهواء الطلق.

وفوق أحد الكراسي الدائرية المُرتفعة عند منضدة تقديم المشروبات، جلست كاغو وأمامها الحاسوب المحمول الذي تركهُ مُديرها في عهدتها. كانت تُعيد قراءة ما كتبته من شرحٍ عن عمل المؤسسة ونظمتهُ في عِدة رسوماتٍ توضيحية، وبجانب ذراعها التي تُريحها قرب الحافة، وُضع كوبُ قهوة سوداء مُركزة، طلبت من الساقي أن يُعِدهُ لها.

يهبُ نسيمٌ بحري عليل في ذلك العصر، تخلو السماء من الغيوم وتنعكس زُرقتها الزاهية فوق لُجة الماء، ولم يكن بوسع كاغو أن تُمتع نفسها بحقيقة وجودها على متن مركب بتلك الفخامة للمرة الأولى، ولا أن تتأمل جمال الطبيعة من حولها، فقد كُلفت بتقديم عرضٍ لضيفٍ مهم على متن القارب، وبما أنها المرة الثانية التي تُسدى إليها مهمةٌ مُشابهة، فقد أرادت أن تُبهر كيساكي بعملٍ أكثر إتقاناً، ففي المرة السابقة قامت بارتجال مُعظم العرض، غير أنها سهرت في الليلة الماضية تُحضر لهذا اليوم.

جاءت إلى مرسى السُفن المُحاذي لخليج طوكيو بمُفردها بناءً على أوامر كيساكي، الذي أخبرها بأنهُ سيأتي لاحقاً بصحبة هانما و 'ضيفهما' ولم يُطلعها على أي تفاصيل عن المهمة التي اقترح هانما اشراكها فيها في البدء.

وحين صعدت إلى المركب وجدت غيرها من العاملين لصالح تومان يتولون مُختلف المهام، من مسؤولين عن المطبخ إلى عُمال نظافة ومُقدمي الأطعمة.

مع قدوم المساء، بدأت أضواءُ المركب تومضُ وتُنير الأرضية الخشبية للسطح، وعندما سُمِعَت أصوات عجلاتٍ تقتربُ من المرفأ، تراكض جميعُ العاملين ليصطفوا مُتقابلين بانتظام بالقرب من ممر الصعود إلى المركب، وقد علمت كاغو من الساقي بأن 'الزعيم' قد وصل، فما كان مِنها إلا أن تنضم إليهم، وتُبقي انتباهها مُوجهاً نحو السيارات العديدة المركونة بالأسفل.

رأت أولاً رجلاً ذا بُنية ضخمة يُغادرُ إحدى المركبات، وتتشبثُ بذراعهِ شابةٌ مُتأنقة بشكلٍ مُبالغٍ فيه، أدركت كاغو على الفور أنها المُضيفة التي ستُرافقه،وتعلمُ سلفاً أنها تعملُ في أحد نوادِ الضيافة التي تمتلكها منظمة طوكيو مانجي، عقدت حاجبيها وهي ترمقُ المُضيفة الشقراء تتهادى نحو الدرج المُفضي للمركب.

وتبعهما عددٌ من الرجال من الواضح أنهم أتباعُ الضيف وحُراسهُ الشخصيين، ثم ترجل هانما عن مقعد القيادة لسيارة أخرى، وخرج كيساكي من جهة الراكب المحاذية له، أخذت كاغو ترنو إليه وقد اكتسى بدلة رسمية سوداء بالغة الأناقة،وودَّت لو يُدركُ كم يُلائمهُ ذلك اللون الفخم.