عِطرُهُ

653 68 233
                                    











شدَّت كاغو قبضتيها المُتيَّبستين على مِقود السيارة، وشعرت بتجمع قطرات العرق في باطن يديها، وعند صدغيها، فالتوترُ قد استبد بحواسها، وماعادت قادرة على التفكير بمنطقية.

كانت تُصرُ على إبقاء بصرها مُثبتاً ناحية الشارع أمامها، وتتحاشى النظر في المرآة الأمامية،مخافة أن يكتشف من يُرافقها أمر جهلها التام بوجهته.

مررت لِسانها فوق شفتين مُرتعشتين، وإزدردت ريقها بصعوبة،حاولت بجهدٍ التهدئة من روعها والإتيان بطريقة تُنجيها من ذلك المأزق.

هل تستجمعُ شجاعتها وتسأل الزعيم مُباشرة؟ ماذا لو استشاط غضباً لتأخرها في السؤال، وشروعها في القيادة على غير هدى؟

أم كان يجدرُ بها الاستفسارُ عن ذلك من هانما في وقت سابق؟ لو لم يُلجِمها بتوبيخه المُتواصل لرُبما تذكرت أن تسألهُ عن هذا الأمر بالغ الأهمية.

تنهدت بتحسرٍ حين توقفت عند إشارة حمراء، وشعرت بالوهن يغزو أطرافها، وتتقافز في ذهنها أسوء الاحتمالات وأبشعُ النتائج.

برزت ثلاثة حلولٍ في عقلها المُنهك، أقلُ ما يقالُ عنها أنها كارثية تماماً كموقفها الحالي.

فالحلُ الأول، هو أن تعترض طريق الحافلة التي تقفُ بجانب السيارة التي تقودها فور تبدُّل ضوء الإشارة للأخضر، وتسعى لأن يقتصر الاصطدامُ على الجُزء الخلفي، لتضمن إنهاء حياة الزعيم، وبذلك تنجو منه.

ولكن احتمالُ نجاته واردٌ أيضاً، وحينها ستواجهُ مِيتةً أشد بشاعة لإقدامها على إلحاق الضرر به، إن لم تمت أساساً جراء الحادث.

أنحت تلك الفكرة الجنونية وانتقلت للتفكير بالحَل الثاني، وهو الذهابُ به مُباشرة لمركز الشُرطة وتسليمه إليهم، وبذلك لن تُنقذ نفسها وحسب، بل ستُخلص طوكيو بأكملها منه.

وللأسف اضطرت أيضاً للتخلي عن الحل البطولي، حين تذكرت كلام هانما عن وجود صِلات تجمعُ تومان بكبار مسؤولي الأمن.كما أنها تحبذُ عدم التعامل مع الشرطة قدر الإمكان.

وأفضى ذلك إلى الحلِ الأخير، وهو مواصلةُ التِجوال في الطُرقات برويّة حتى يغلِبهُ النُعاس، ثم تُلقي به عند رصيفٍ ما، وتهرب بالسيارة بعيداً..بعيداً، حتى تصل لمنطقة لا تطالها سيطرةُ طوكيو مانجي.

ثم ستبيعُ هذهِ السيارة وتبدأ حياة جديدة.

بدا لها بأن لا خيار آخر تمتلكه، وتساءلت وهي تنعطفُ إلى شارع فرعي أقل ازدحاماً، كم يحتاجُ ليغط في النوم، فهي تعلمُ أن كِبار السِن ينامون مُبكراً—

أَحَدُهُما مُـعْتِمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن