رائحة الأرض بعد أمطار الليلة الماضية أعطت شرحًا بسيطًا عن أحلام اليوم؛ الأحلام الملئَ بالطموح و الصعود و الهبوط؛ الأحلام التي لوثتها التربة الربطة الناتجة عن أمطار الليلة السابقة.لم يكُ شيئٌ جديد بالنسبة لها أن تستيقظ على منظر الوحل يملأُ شرفة منزلها و العتبة أيضًا، لم تتفاجأ من الرسائل التي تترك يوميًا أمام الرفِّ الصغير الذي وضعته أعلى الجرس،
أعتادت على هذا الروتين الحياتيّ المتكرر؛ حتى أضحت تنتظره بفارغ الصبر، يومًا بعد يوم، و ليلة تلو الأخرى؛ نظفت ما خُلِفَ هناك و التقطت الرسائل ثم توجهت للداخل..
أمامها ساعة كاملة حتى موعد بدأ الفصل الدراسي لذا لديها متسعٌ من الوقت لتنظفَ الأوساخ المنتشرة هنا و هناك؛ أسدلت الستائر في الغرفة المجاورة ثم بدأت في التنظيف، لم تأخذ وقتًا طويلًا حتى انتهت؛ لذا اغتسلت بسرعة و تناولت الأفطار ثم توجهت نحو مدرستها.
لم تذهب في الحافلة كسائر الطلاب بل حاولت قدميها المنهكتين مساعدتها على الذهاب نحو المدرسة؛ لم تحصل على ملابس مرتبة أو حقيبة ظهر نظيفة أو حتى حذاء جديد بل ما كان العام الماضي اردته،
حينما دخلت الحرم المدرسي توجهت كل العيون عليها، نظرة استهزاءٍ، استصغارٍ، احتقارٍ، اشمئزازٍ؛ و السبب مجهول أو ربما هو كذلك بالنسبة لها، ربما تحاول نسيان ما رمتها والدتها نحوه.
حوالي أكثر من سنتين اودعتها والدتها لدى أحد الأشخاص السيئين لكسب المال فقط؛ لم تكُ على علمٍ بما يفعل بها أو ربما كان لديها خبرٌ لكنها حاولت عدم التفكير به حتى أنها منعتها من الحديث عنه،
كلما تحدثت عن الموضوع اسكتت فاهها ببعض المال الذي تجنيه مقابل الأعمال القذرة التي تقوم بها، مضى أكثر من أسبوع بعد خبر حبْلِها من شخص يكبرها بضعف عمرها؛ رغم أن الخبر كاذب لكنهم لم يحاولوا حتى أن يفهموا ذلك، لم يسألوا حتى عن السبب في نشر الإشاعة تلك.
وضعت سماعات الرأس بعد أن أصبحت في مكانٍ مليئ بالطلاب، مطأطِإة الرأس سارت نحو صفها و نحو مقعدها الأخير حيث جلست هناك، وضعت رأسها فوق المِنضَدة و دون حرفٍ زائد راحت نحو أحلام اليقظة، أحلامها المشوهة.
نصف ساعة مضت و لم ترفع رأسها عنها لكن صوت الطلاب العالي و التذمُرات المتكررة أخبرتها أن المعلم قد جاء، لذلك رفعت رأسها ببطء و أزالت سماعات الرأس واضعةً إياهم داخل حقيبتها و استبدلتهم بكتبها المقررة للحِصة.
دخل الأستاذ كيم الفصل ثم تبِعَه طالبٌ يبدو جديدًا، القى نظرة قصيرة نحوه ثم وجه نظره نحو الطلاب و قال "قبل بدء الفصل علينا أن نتعرَّف على الطالب الجديد أنتقل من مدرسةٍ بعيدة إلى هنا (أشار بيده نحوه و وجَّه كلامه له) عرِّف عن نفسكَ."
أومأ الفتى برأسه ثم نظر أمامه و قال بصوتٍ شبه مسموع "مرحبًا أدعى چونغ سونغ تشان أنتقلت من إنتشون بسبب طبيعة عمل والدي و حتى تتلقى والدتي العِلاج هُنا، أتمنى أن تعتنوا بي."
صفَّق الطلاب له و ابتسم نحوهم ثم أمره المعلم أن يتوجه نحو أخر مِقعَد في الفصل نحو مِقعَدها -كيم مين چونغ الفتاة غريبة الأطوار-.
جلسَ حيثُ أُمرَ ثم اخرج كتبه بعد ذلك لبدء الحِصة الدراسية، كان يلقي نحوها نظرة خاطِفة بين الحين و الأخر لكن جلَّ ما كانت تفعله هو الاستماع للمعلِّم؛ لم يتفوَّه بكلمة معها منذ أن أصبح جارها في المِقعَد الدراسي؛ الفتاة غريبة الأطوار تلك كانت لافتة للنظر.
أنت تقرأ
شتاء. ✓
Short Storyإحتَضنَها الحِضنَ الذي أرادته بشّدةَ. كيم مينچونغ چونغ سونغتشان ©جميع الحقوق محفوظة. كُتبَت ٢٦/٨/٢٠٢٢ نُشرَت ٣/٩/٢٠٢٢ إِنتَهَت ٣/٩/٢٠٢٢