الشتاء الثالث.

67 11 6
                                    


الأيام الموالية لما حدث كانت سببًا في توقُف سونغ تشان عن الذهاب إلى المدرسة قائِلًا أنه مُتعَب، إجابةٌ قصيرة تُنهي الحديث قبل بدئِه، أنتظر والداه حتى غادرا ثم عدَّل جلسته و فكر بالذهاب نحو منزلها.

أفكارٌ شتى داهمَت عقله تلك اللحظة 'ماذا لو رفضَت الحديث؟' 'ماذا ستفعل إن طلبت منها الشرح؟' و غيرُها الكثير، كل تلك الأسئلة إجاباتُها في جوفِها الفارغ.

دون إضافاتٍ أخرى رتَّب سريره و تناول الإفطار ثم ارتدى ملابس جديدة و توجَّه نحو منزلها؛ سارَ ببطء، الأفكار تداهم عقله الصغير حينما شاهدَ الستائر مسدلةً في منزلها أراد الرجوع لكن التفاتته تلكَ أبقتهُ مكانهُ حين شاهدها تسير نحوه.

كانت تحمل بيدها كيسًا مملوءًا ببعض الغذاء الذي يفيدها أو يبقيها على قيد الحياة هُنا، مطأطِأةُ الرأس تسير اتجاه منزلها لم تكُ على علمٍ أنه هُناك يقفُ بانتظارِها؛ رفعت رأسها تتنهدُ بتعبٍ لتلمحهُ يقف عند عتبةٍ بابِها.

أسرعت خطاها نحوه لتسأله عن سبب قدومِه في الصباح و بصراخِها عليه لأنه أراد قتلها ببطء "ماالذي جاء بكَ إلى هنا الآن، ألم تروي عطشكَ بعدْ؛ جئتَ حتى تتأكد من أقوالِهم صحيح؟"

"لا مين چونغ أخطأتِ الظنَّ جئتُ فحسب حتى أسمع منكِ كل شيءٍ، كل ما ترغبين في الإفصاحِ عنه." قال بصوتٍ هادئٍ منتظرًا إجابةً مختصرةً منها لكنها تخطتهُ و سارَت أمامه دون أيّ حرفٍ، تنهدَ هازًا رأسه بغيَّة العودة و الأستسلام لكن صوتها أوقفه حينما قالت "تعال إن أردتَ معرفة كل شيء، لكن بعد ذلكَ من فضلكَ دعني و شأني حتى أموت بسلام."

هو لا يريدها أن تموت كل ما يدور في عقله فكرةَ العثور على الحقيقة فقط، لجعلها تقف على قدميّها من جديد؛ هزَّ رأسه موافقًا أن يدعها و شأنها فقط ثم سارَ اتجاهِهَا.

تقدمته و فتحت الباب ثم دخلت أمامه و تبِعَها نحو الغرفة التي قادتها قدماها نحوها؛ رفعت ستائر الغرفة المجاورة و عدَّلت وضعيَّة الطاولة ثم وضعَت فوقها ما اشترته، شيئًا بسيطًا بالنسبة لها.

جلسَ حيث طلبَت منه و انتظرها حتى تعود بشيء ما يُشرَب، حدَّق في جدران المنزل الخالية من الحياة مهترئة، كئيبة، تملؤها الأحلام المتفرِّقة، المتهدِّمة التي انتجتها الأوقات التي عايشتها بألمٍ.

فوقَ رأسه بالضبط استقرَّت ساعةٌ قديمة الطِراز و على جانبيه سريرٌ مهترئٌ بالٍ غيرُ مرتَّبٍ، و علَّاقة ملابسٍ قديمة متَّسِخَة، حقيبةٌ ورديَّة اللون رجَّحَ أنها لها و ملابس لا تناسِبُ الجَوَّ.

عادَت إلى الغرفة بكأسٍ من العصير منزليَّ الصنع، قدمته له ثم جلسَت أمامه بصمتٍ حتى قطعَهُ هو بقولهِ "أريد أن أعرف كل شيء منذ البداية حتى الآن، و أعِدكِ أن أترككِ و شأنكِ بعدها."

تنهدتُ و هزَّت رأسها ثم قالَت "بدأ كل شيء عندما طلبَت والدتي أن أذهب لرؤية شخصٍ يكبَرُني بعدة أعوامٍ قائِلةً أنه إذا نفذت ما يريد سوف يجعلُني أدخل كليَّة الطِب، و ما يريد كان أن (سكتَت تلفَظ أنفاسِها ثم أكملت و رأسها للأسفل) أمارِس الجِنسَ معه مُقابِل ذلك، بعدها بفترةٍ رغمَ أن ما حدثَ ليس بإرادَتي إلا أنّي عانيتُ خصوصًا بعدَ ظهورِ شائِعاتِ حَبَلي منهُ."

سكتَت تنظر إجابةً منهُ، كلمة واحدة تواسيها لكنه عوضٌ عن الكلام سارَ نحوها و جلسَ جانِبها ثمَّ قرَّب جسدها الضعيفَ نحو حضنِه الدافئ و أحتواها داخله؛ طبطَبَ على كتفِها المهتزِّ إثر بُكائِها المتكررِ و همسَ في أذُنِها "أَثِقُ بكِ مين چونغ."

تلكَ ما أرادت سماعَهُ...

شتاء. ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن