الشتاء الثاني.

79 9 3
                                    


الأسبوع الأول قد مرَّ بهدوء على الفتى الجديد لكن بالنسبة لـمين چونغ لم يكُ كذلك؛ كان كالمُعتاد قبيح و مؤلم، أضحت الفتاة البسيطة تكره الذهاب إلى المدرسة بعد أن أخبر أحد الطُلاب الفتى الجديد عن تلك الإشاعات التي تظهر نحوها،

سونغ تشان لم يصدِّق أي شيء مِمَ قيل لكنه لم يلحظها اليوم في المدرسة لذا قرر التوجُّه نحو منزلها؛ بعد انتهاء حصة الرسم قادته قدماه نحو مكتب المشرف على الفصل الذي هو به ليسأل عن منزلها.

"ماالذي ترغب في معرفته إن رحلت إلى ذاك المكان القذِر." إجابة الأستاذ كانغ جعلته مصدومًا مالذي يقصده؟... "ماالذي تقصده بـالمكان القذِر؟" سأل و انتظر إجابته لكنه عوضٌ عن الإجابة قدَّم له ورقة تحوي مكان سكن مين چونغ.

استلَّم الورقة و عاد إلى الفصل، انتظر حتى انتهاء الحصص جميعُها ثم توجَّه نحو منزلها الذي لم يكُ يبعُد عن المدرسة سِوى سبعة شوارِع؛ صادف احد المارّة هناك لذلك عرض عليه الورقة لمعرفة المنزل،

ضحكَ باستهزاء ثم أشار نحوه، كان مهترئً و رثّ، على جانبيه هناك العديد من الأوساخ التي تدلُّ على قدمِها؛ القطط تملأ الجانب الأيمن منه، أمام عتبة المنزل تتواجد بعض القذارة و الوحل المتراكم منذ الليلة الماضية.

سار بخطى بطيئة نحوه ثم توقف قليلًا يتسائل السبب الذي دفعها للعيش في مكانٍ كهذا؛ لم يتعرف السبب و رغب بشدة المعرفة لذلك اسرع خطأه و طرقَ على الباب بخفة، جاءه صوتها المتعب الباكي و المرتجف تطلب الانتظار.

فتحت الباب بسرعة ثم أغلقته حالما وقع نظرها نحوه، سمع صوت لهاثها ثم صوتها المرتجف حينما قالت "ماالذي تريده، من ارشدك للمنزل؟؛ جئتَ للتحدُّث بالسوء عني لتنعتني بالألفاظ النابية ما لذَّ و طابَ منها؟... هاه."

توقفت ثم استرسلت الحديث صارخةً "أرحل من فضلكَ دعني أعيش بهدوء لفترة وجيزة لأني سوف أنهي حياتي بنفسي حتى تتوقف تلك الشائعات عن الظهور، أنتَ مثلهُم لا تختلف عنهم مثقال ذرة."

توقفت تبكي خلف الباب و هو لم يحرِّك ساكن، بل ظلَّ يستمع لصوتِها الباكي، ذاك الصوت الذي تعِبَ من كثرة المحاولة، الأستماع و طلب التوقُف؛ "لم أتِ لأتحدث مثلهُم بل جئت لمعرفة السبب." ناشدها لفتح الباب من قوله لكنها أبتْ ذلك و صرخت من جديد "إرحل و سَل أولئك الذين أرشدوكَ للمنزل عني و صدقهُم حسنًا، لا توجد أيةُ أجوبة لأي سؤال من أسئلتكَ عندي لذا ارحل."

سمع خطاها تبتعد و مع ذلك لم يتحرك، نظر على اليمين و الشِمال ليلمحْ مِقعَد قديم نصفَ مهترئ جانبَ شجرة كبيرة، توجه و جَلسَ عليه و بدأ في حلِّ فروضِه؛ أنتظرَ علَّها تخرُج ليتحدث وجهًا لوجهٍ لكن لم تحرِّك ساكنٌ منذ ساعتين و حينما قرر الرحيل و الاستسلام فُتِحَ باب منزلها،

أطلَّت منه بعينيها الدامِعَتيّن الحمراوتَين، وجهُهَا الباهِت، شعرها غير المرتَّب، ملابسُها الرثَّة القديمة؛ حدَّقَ بها لثوانٍ ثم سارَ ليقفُ أمامها و قال "لم أتِ حتى أتحدث عنكِ بالسوء لكِن جئتُ حتى أسمع الحقيقة منكِ، لا أصدقَهُم، قابلتُ الكثير منهم في إنتشون و حتى مثلكِ لذا أستطع التفريق بين هذا و ذاك؛ مين چونغ أرغب في سماع الحقيقة كاملةً منكِ أنتِ.."

لم تبعدهُ أو تدفعهُ بعيدًا عنها بل وقفت كصنمٍ أمامه، بكت بأعلى صوتٍ، كان مصدومًا مِنَ فعلت، لم يستطع فعل أي شيء لها سوى أن يحتضِنها علَّها تتوقف عن البُكاء قليلًا، الحِضنَ الذي أرادته بشّدةَ.

شتاء. ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن