الشتاء الخامس.

49 8 4
                                    


وافقَت والدة سونغ تشان أن تستقبِلَ الفتاة المُتعبةَ في منزلِها ليلة البارِحة حتى تتعافى لا غير، كانت بحالةٍ يُرثى لها ملابسُ المدرسةِ خاصّتها مُمزَّقة و مليئة بالأوساخ، شعرُها لم يكُ أفضَلَ حالٍ و روحَهَا أيضًا.

راقبَت والدة الفتى كيفَ يتصرَّف اتجاههَا منذ أن جاءتْ؛ فصباح اليوم التالي قادته قدماه نحوَ الغرفة العليَّة حتى يسطحِبها للأسفلِ لتناوّل الإفطار معًا قبلَ الذهاب للمدرسة.

أرشدها لغرفة الطعام ثم لبىَّ نداء والدته، قادته للمطبخِ ثم استقرَّت على أحدِ الكراسي الفارغة ثم سألتْ "سونغ تشان أنتَ على معرفةٍ تامةٍ أنّي لم أسألك يومًا عن أحدٍ أحضرته للمنزل في حالةٍ كحالةٍ الفتاة تلكَ، لكِن مظهرُها لم يَرُق لي قط، ما بِها؟"

"إن أخبرتُكِ لن تسمحِ لها بالبقاء إطلاقًا." إجابة مختصرة منه جعلَت والدته تومئ رافضَةً كلامه الأخير، حسبَ قاعدة المنزل على أي أحدٍ فينا عندما يساعد شخصًا ما أن نسمع منه كلَّ شيء بعدها نقرِرْ.

"تلكَ الفتاة تعرَّضت لظلمٍ كبيرٍ بدأً بوالدتِها حتى من حولَها، لن تصدِقِ أنَّ ما تسمى والدتها أجبرتها في وقتٍ سابقٍ على القيام بأشياء سيئة مقابلَ أن تدخُّلَ جامِعةً مرموقة." سكتَ بعد أن أنتهى من نصفِ الكلام و أنتظر علَّها تسأل لكنَّها تركتهُ واقِفًا هناك و راحت نحو غرفة الطعام.

تنهدَ بتعبٍ ثم راحَ للغرفة، تفاجأ حالما دخلَ من جلوسِ والدتهِ جانبَ مين چونغ تسكبُ لها الطعام أولًا و تبتسمُ نحوها؛ ابتسم بشكلٍ لاإراديّ ثم سارَ ليجلُس مكانهُ المُعتاد جانِبَ والده.

تنبهت له الفتاة لتسأل من خلال عينيّها عن سبب فعلةِ والدته لكنه لم يكُ على معرفة بالسبب، فأبدَت ردةَ فعلٍ طبيعية و شكرتها ثم بدأوا تناول الطعام.

بعد أنتهاء وجبةَ الإفطار انتظرَت مين چونغ سونغ تشان جانِبَ خزنةَ كتبٍ كبيرة تحوي كل أنواعِ الكتب داخلِهَا التاريخيّ، الرومنسيّ، الخيال و الخيال العلميّ حتى بعض الكتب التي تتحدث عن الخوارِق للطبيعةَ.

جانب الخَزنةَ وضعَّت والدته مصباح قديمَ الطِرازِ و صورةً له حينما كان صغيرًا، على جانبها الأيسَر لاحظَت وجودَ طاولةً متوسطةَ الحَجمِ عليها بعضَ الحلوى التي أعدَّتها والدتهُ، جانبُها شاشةُ تلفازٍ عملاقة موضوعةٌ فوقَ طاولةِ بعضُها شفاف.

حياته بسيطة و مريحة مليئة بالحب و العطف و الحنان، ما فقدتهُ منذ سنتين مضَتْ، سابقًا والدة سونغ تشان تبرّعت بملابِس المدرسةِ خاصتِها لـمين چونغ حتى لا تُعاقَب، و سونغ تشان تفاجأ أن والدته لاتزال تحتفظُ بهُم.

استقبلتهُم الفتاة في ذلك الوقت بابتسامةٍ حَرجةَ ثم غادرَت رفقةَ ابنها نحو المدرسةِ، قبل الانطلاق توقف قليلًا رفقتِها عند عتبةِ المنزل ثم قال دون أن ينظُرَ نحوهَا "مين چونغ سيري أمامي ثم سأتبعُكِ حتى لا يشكُ أحدٌ بكِ لا أريد أن أُسبِبَ المزيد من المشاكِل لكِ."

أومأت الفتاة بصمتٍ ثم سارَت أمامه ليتبعهَا هو على بعدِ خمسةَ عشرَ قدمٍ، قررَ أن يسيرَ خلفهَا حتى يمنَعَ الأذى عنها و لو كان بسيطًا، كانت بنظره طفلةً بحاجةٍ لحضنٍ يغمرُهَا حتى تنسى ما قاستهُ كل تلكَ السنوات.

أراد بل رَغِبَ بشدةٍ أن يكون ذلكَ الحِضنَ الذي سيخرِجُها من آَلامِهَا و يجعلُ ابتسامتَها تشرقُ من جديدٍ، بعد انتهاء الحصص المدرسية عادت مين چونغ لمنزلِها دون أن تُخبِرَ سونغ تشان؛

أرادت أن تختَلي بنفسِها فقط دون أي بشريٍ حتى لو كانت عائلتَهَا، سونغ تشان لم ينتبِه لها حينَ رحلَت و عندما قرّر الذهاب نحو منزلها أعرضَ عن الفكرةِ خوفًا على مشاعرِها، حتى لا تتأذى.

شتاء. ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن