ساد الصمت برهة ثم قالت: يمكنني استضافتك، فهناك متسع تحت الغطاء لك أيضا...
ارتفع حاجباه، ثم سألها: ألا تمانعين بالفعل؟
رأى الغطاء يهتز على كتفها وهي تقول: ولم لا؟، طالما ستلتزم بجانبك من الفراش ولن تسحب الغطاء كله حولك..
ابتسم بطرف شفتيه ثم نهض على قدميه شبه المتجمدتين وسار في خطوات نصف مترددة إلى الفراش ..
رفع الغطاء من ناحيته واندس تحته باعدا نفسه بقدر إمكانه عن الأميرة ومعطيا إياها ظهره و-بالطبع- بأبعد مسافة ممكنة على أقصى طرف الفراش...كان الدخول تحت الغطاء أشبه بالدخول لعالم آخر .. الدفء العجيب هناك أشعره وكأنه طفل عاد لرحم أمه مرة أخرى، وبالأخص لتناقضه الشديد مع برد الخارج الذي لم تستطع المدفأة البائسة تغييره..
كان الدفء مخدرا، حتى أن جفناه بدءا بالتثاقل وشعر أنه على وشك النعاس ..
قال لنفسه أن لا بأس .. على الأقل سيمضي ساعاته الباقية دافئا .. على الأقل لن يموت مصارعا البرد .. على الاقل سيستطيع إكمال الليلة حيا وهذا يضمن إيصال رسالته كاملة للعالم ..
في الصباح سينظر له الجميع على أنه الحطاب الذي ضاجع أميرة القصر مخلخلا التراتبية شبه الأزلية لتلك المملكة ..
نعم لن يخبر أحدا بأنه لم يمس الأميرة في هذه الليلة .. هذه مسألة فرعية، بل وإعلانها قد يسبب تشويشا على الرسالة التي يريد إيصالها .. كان قد قرر أن يحفظ لها كرامتها منذ البداية .. لن يضاجعها بالإجبار .. ربما تمنعها البريما نوكتا من الرفض ولكنه ليس الرجل الذي يضاجع فتاة بهذه الطريقة، حتى لو كانت الاميرة.. حتى لو كانت عائلتها غارقة في الفساد والتجبر، ولكن هذا لم يكن ذنبها هي.. نعم لا أحد من العائلة الملكية يمكن اعتباره بريئا، ولكنها لا زالت صغيرة ولم تؤذ أحد من الشعب بشكل مباشر، حتى الآن على الأقل..أما الأميرة فكانت ضربات قلبها تهدأ بالتدريج .. كانت بدأت بالارتفاع حينما عرضت عليه أن يشاركها الفراش، ووصلت لقمة الارتفاع حين اندس هو تحت الغطاء .. كل ضربة كانت تلومها على سذاجتها، إذ كيف تعرض على حطاب قذر أن ينام بجوارها ويلتحفان بنفس الغطاء!..
ولكن من وسط نبضات القلب المتلاحقة كان هناك صوت آخر يخبرها أن تلك كانت إيماءة لطيفة منها .. كان سيتجمد من البرد وستستيقظ على جثته في الصباح إن ظل جالسا بجانب تلك المدفأة شبه المنطفأة ..
كان الصوت يطمئنها .. لا خوف من هذا الحطاب، هو ليس مثل الآخرين .. إن كان يريدها بالفعل لكان قد نالها بغض النظر عن موافقتها، ولكنه لم يفعل .. ربما أخلاق الحطابين ليست بالضبط كما سمعت عنها .. ها هما تحت الغطاء لبعض الوقت الآن وهو ساكن هادئ في أقصى الطرف الاخر من الفراش .. يمكنها أن تنام في سلام .. بل كان غريبا أن وجوده على نفس الفراش دون ان يفعل شيئا يملأها راحة عن أن يكون بعيدا عند المدفأة .. تشعر ان وجوده بجوارها يزيل عنه صفة الخطورة ويمنع وجود أي مفاجئات في هذه الليلة..
كان واضحا من سكون جسده وانتظام تنفسه انه قد نام .. أغمضت عينيها وشجعت نفسها هي أيضا على النوم، فالغد سيكون يوما طويلا وثقيلا .. للغاية .."هل يمكنني أن أطلب شيئا؟"
قالها في صوت خافت .. إذا فهو لا يزال مستيقظا .. فتحت عينيها وقالت: ماذا؟قال: هل يمكن أن تؤجلي إعلان كوننا لم .. لم نفعل شيئا، حتى ذهابي ..
سألت في عدم فهم: ذهابك؟
ارتسمت ابتسامة حزينة على شفتيه وقال: أقصد .. شنقي ..
فتحت فمها ولكنها لم تجد شيئا يقال .. بعد برهة قالت في خفوت: حسنا إن كان هذا ما تريده.. ولكن .. لماذا؟
قال: وقتها ستكون الرسالة انتشرت .. سيعرف الكل أن حطابا اضطجع مع الاميرة .. أن العائلة الملكية ونبلاؤها برغم كل ذهبهم وتيجانهم وعروشهم، لكنهم لا يزالون بشرا .. مثل الجميع..
سكتت قليلا ثم قالت: حسنا .. أعتقد أنني مدينة لك بهذا على الأقل .. يمكنك أن تعتبره ردا لمعروفك بعدم لمسي ..
قال: أشكرك .. وأكرر اعتذاري مرة أخرى لوضعك وسط هذا الأمر برمته .. كنت أتمنى لو كانت هناك طريقة أخرى ..
ساد الصمت طويلا هذه المرة .. ثم وجدت نفسها تقطعه وتقول: في الواقع، لست أظن أنهم سيصدقونني..
قال: ماذا تقصدين؟
قالت: لا أظن أن أي شخص سيصدق أنك امتنعت عني بإرادتك .. الجميع سيعتقدون أنك فعلت بي ا.. أعني قمت ب.. انت تعرف .. وأنني فقط أنكر لأحفظ ماء وجهي .. لا أحد سيتصور ان رجل وامرأة باتا ليلتهما في نفس المكان دون فعل شيء، وبالأخص إن كان لدى الرجل كل الحق وكل الدوافع ليأخذ المرأة كما يريد ..
سكتت قليلا ثم أكملت: أشكرك بالطبع على أخلاقك الرفيعة .. ولكن لا اعتقد أن احد سيصدقني على أي حال.. لقد تم إسدال الستار على هذا الجانب من حياتي منذ أن اخترتني لتلك البريما نوكتا ..
قال: لا افهم .. حتى بافتراض انهم لم يصدقوك، ما المانع أن..
قاطعته قائلة: لا أحد من النبلاء سيتزوج فتاة دنسها -أو يظن الجميع انه دنسها- حطاب .. حتى لو كانت تلك الفتاة هي الأميرة نفسها...
أنت تقرأ
بريما نوكتا (+١٨)
Romanceقانون البريما نوكتا يعني أن من حق كل شاب عند بلوغه أن يختار امرأة واحدة ليمارس معها الجنس .. وليس من حق المرأة الرفض. ولكن ماذا يحدث إذا اختار أحدهم الأميرة؟!