١٤ (الأخير)

27.3K 459 88
                                    

(بوم بوم بوم)
انتفضا من تلك الطرقات العنيفة التي كادت تنتزع باب الكوخ من مكانه ..
وسمعا صوت قائد الحرس غاضبا يقول: لقد جاء الفجر .. انتهت الليلة...

عاد الكون للظهور ورجعت كل الأصوات بغتة .. تحولت هذه المليمترات التي كانت تفصل شفاهما إلى آلاف الاميال .. تلك الصيحة التي أتت من الخارج أعادت فجأة ذلك الجدار الهائل الذي ظنا أنه اختفى..

شعر رون وكأن أحدهم غرس خنجرا مسنونا في قلبه .. شعر وكأنه رفع قدمه ليخطو داخل الجنة بالفعل لكن البوابة أغلقت في وجهه بكل عنف.. شعر وكأن كوب الماء الأخير الذي سينقذه من الموت عطشا كان فارغا..

كانت طرقات قائد الحرس العنيفة ليست فقط عل الباب ولكنها أحست أنها طرقات عنيفة على عقلها .. طرقات تهزه في غلظة لتوقظه .. طرقات تخبرها أن تفتح عينيها وتستيقظ .. تخبرها أن حلمها الرائع ليس حقيقيا وأن الواقع الصرف ينتظرها كما فعل دوما..

تراجعت يد كل منهما لتخرج من ملابس الاخر .. لم يكملا حتى تلك القبلة .. وكأنهما شعرا فجأة أنها أصبحت غير متسقة مع الاحداث .. او ربما أن وجودها في سجل ذكرياتهما سيؤلم لا يفرح..

بوم بوم بوم
طرقات أخرى أقوى وأكثر تعجلا..
رون يحول عينيه بصعوبة بالغة عن عينيها و يجيب القائد في غضب ويخبره أنه قادم ليفتح له ثم يجلس على طرف الفراش، معطيا ظهره لها ومطرقا لأسفل بكل حزن الدنيا ..

أزالت هي الغطاء ونهضت ثم هندمت فستانها بأقل جهد ممكن .. بذلت أقصى إرادتها لتمنع دموعها من الانفجار .. نعم، ستعود الآن لتلك الحياة التي لا يُسمَح فيها بالدموع ..

اتجه رون بتثاقل شديد ناحية باب الكوخ .. فتح الباب ليجد قائد الحرس أمامه مباشرة .. هذه المرة كان القائد هو صاحب الابتسامة الساخرة، أما رون فلم يجد أي ذرة من القوة حتى ليقابل تلك الابتسامة بمثلها .. لم يفته أيضا الأربعة حراس المستعدين بتلك السلاسل الغليظة خلف القائد والشماتة تقطر من ملامحهم.. عرف دورهم الآتي بعد ذهاب الاميرة .. عرف ذلك ولم يهتم، إذ لا شيء يهم فعلا الآن..

رفع القائد حاجبه وقال مقتضبا: الأميرة

سمع رون خطوات الأميرة مقتربة خلفه، فانزاح للجانب سامحا لها بالمرور ..

كان القائد يتفحص الأميرة بعينيه من رأسها حتى قدميها، وكأنه يتأكد من أنها لم تفقد يدا او رجلا في تلك الليلة..

خرجت الأميرة من الكوخ دون كلمة وداع .. ورون أيضا لم يستطع أن ينظر لظهرها وهي تسير بعيدا ..
ربما كان هذا أسهل، ربما دراما نهاية اللقاء ستزيد الفراق صعوبة على صعوبة .. ربما هكذا أفضل .. ربما عليهما أن يوجه كل منهما طاقته لمحو هذه الليلة من ذهنهما للابد..

وصلت الأميرة إلى حيث حصانها المنتظر .. وضعت يدها على أعلى رقبته لتمتطيه .. ورفعت قدمها لتضعها فوق سلسلة السرج ..
ولكنها تجمدت فجأة وانعقد حاجباها ..

ثم أنزلت قدمها مرة أخرى للأرض ونظرت ناحية الكوخ الذي لا يزال رون واقفا ببابه .. وساد الصمت..

بعد عدة ثوان قال قائد الحرس في خفوت: هل هناك مشكلة يا سيدتي؟

نظرت له بدهشة وكأنها تنتبه المرة الاولى لوجوده، ثم قالت: لا .. لا شيء .. فقط نسيت ردائي بالداخل..

نظر القائد في سرعة لأقرب الجنود وأمره ان يهرع ليجلب رداء الاميرة .. ولكن الاميرة قاطعته وقالت: لا داعي لذلك، فأنا لا أحب لأحد أن يضع يده على ملابسي..
ثم دون انتظار رد القائد، سارت مرة أخرى ناحية الكوخ .. 

شاهدها رون وهي تقترب بعينين مليئتان بالحيرة، ولكنها لم تكن تنظر في عينيه بالمقابل..
عبرت من جانبه ودخلت الكوخ واتجهت للسرير والتقطت الرداء وارتدته فوق فستانها وسمعها قالت شيئا ثم اتجهت لباب الكوخ، فانزاح رون للمرة الرابعة هذه الليلة مفسحا لها مجال للخروج ..

هذه المرة راقبها من ظهرها وهي تذهب ناحية حصانها وتمتطيه، وتابعها بنظره وهي تبتعد فوق الحصان ناحية الشرق حيث تبزغ شمس الفجر ببطء..

عندما اختفت الاميرة عن نظره، وجد الاربعة جنود يقتربون منه وفي يدهم الاغلال الغليظة التي أحضروها من اجله بشكل خاص ..

ولكنه كان هو من يبتسم هذه المرة .. كان ذهنه يعيد ما قالته الاميرة وهي ترتدي رداءها .. كان يتذكر كل كلمة وكل حرف ..

قالت له: "تذكرت الان أن هناك بند غير مشهور في قانون البريما نوكتا .. هذا البند ينص على أن من حق الشاب أن يطلب الفتاة التي مارس معها الجنس للزواج إذا أعجبته. وليس من حق الفتاة أو أهلها الرفض."

.
.
{تمت}

بريما نوكتا (+١٨)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن