الفصل الرابع

209 23 41
                                    

من بين شقوق الشيش و شقشقت لك..
مع شهقة العصافير و زقزقت لك..
نهار جديد أنا...قوم شوف نعمل إيه
أنا قولت يا ح تقتلني...يا ح اقتلك!
و عجبي.

صلاح چاهين
............................................................................

 
  تسللت أشعة الشمس تداعب وجهها في رفق، و خصلات شعرها المبتلة تلتصق بوجنتيها المحمرتين، فتحت عينيها لتضطرب حدقتاها بداخل قزحيتهما البنيتين إثر الضوء الذي غمرهما، لتحاول مرات متتالية حتى استطاعت الرؤية بوضوح، نظرت إلى سقف الغرفة، كان خشبيًا يتخلله بعض الأوراق، عتيقًا... تتساقط منه قطرات المياة، لكنّه ليس إسمنتيًا كغرفتها!

إعتدلت محاولةً الجلوس و هي تتفحص المكان من حولها، كانت تفترش سريرًا صغيرًا ناعمًا، في غرفة ليست بالواسعة مبنية من الواح الخشب المتراصة في إنتظام، ذات أثاثٍ قديم و بسيط، تشبه إلى حد ما الأكواخ التي تراها في أفلام الرسوم المتحركة!
قبع على الحائط الأيسر نافذة بعيدة تطل منها بعض الزهور الملونة و الشجيرات الصغيرة، لكنّها من موقعها ذاك لا ترى من خلالها سوى سماء النهار الصافية...

كانت في حيرة من أمرها، هي لا تستوعب شيئًا!...لا تتذكر بالضبط ما حدث..أين هي؟!
كيف جاءت إلى ذلك المكان بالضبط؟ تلك ليست غرفتها!...و ذلك ليس منزلها!...
رأسها يؤلمها بشدة و ماكينة عقلها تحاول أن تستجمع المعلومات و تسترجعها، لكن بدى أن تروسها قد صدئت!

و فجأة تذكرت كل شئ!....
المدرسة، المنزل، و جدتها!
الشرطة و ڤيرينا، و السيارة...نعم السيارة!
الحادث!!...هل ماتت؟..هل اختُطفت مثل جدتها كما تظن؟!!...ام أنها تحلم الآن؟!
لا تعرف!...

اصابها الذعر لمجرد الفكرة، تحسست جسدها و رأسها لا إراديًا، لازالت بملابسها المدرسية كما كانت آخر مرة...لكنها كانت بدون وشاحها، شعرها مُبتل و هناك قماشة تلُف رأسها بإحكام. نهضت من على ذلك الفراش، ثم وقفت و هي تترنح إثر الدوار الذي هجم عليها فجأة...
تماسكت، و إستعادت رباطة جأشها..
شعرت بالعطش الشديد و الجوع يفتك بمعدتها، لكنها تجاهلت تلك المشاعر...فلا وقت لذلك الآن!
يجب أن تخرج من ذلك المكان..و بسرعة!

نظرت حولها و كأنها تبحث عن شئ ما، لتجد ضالتها، وشاح رأسها ذي اللون الأبيض المزركش و حقيبة ظهرها قابعين على طاولة قرب الحائط، اتجهت نحوهما في لهفة، أمسكت وشاحها و لفته حول رأسها في سرعة، ثم إرتدت حقيبتها و ذهبت نحو الباب، و قبل أن تفتحه سمعت صوتًا... و كأنها أغصان تدعس عليها أقدام تأتي من الخارج..إن أحدهم قادم..!

التفتت في توتر تحاول إيجاد مكان تختبئ به، لكن لا يوجد شئ في الغرفة يسع أن تختبئ خلفه أو اسفله:
"أعمل إيه؟..أعمل إيه؟!!"

الحارس الأخير (قيد التعديل)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن