الفصل الثالث

164 26 24
                                    

الدنيا أودة كبيرة للإنتظار..
فيها أبن آدم زيه زي الحمار..
الهم واحد..و الملل مشترك
و مفيش حمار بيحاول الإنتحار!
و عجبي!

صلاح جاهين
............................................................................

"لقيتوا تيتا؟"

قالتها أسماء بصوت متحشرج من البكاء و الإرهاق، موجهة كلامها إلى العقيد فهمي الذي جلس بجوارها على سور المنزل منذ لحظات:
"لسة للأسف، هنلاقيها متقلقيش..وزعت نشرة بأوصافها.."

قالها محاولاً طمأنتها، ثم بُهت وجهها من جديد لتقول:
"طب و الدم إلي جوة ده؟!...أنا مش هستحمل إن تيتا يكون جرالها حاجة.."

نظر لها صامتًا، ترقرقت عيناها بالدموع مجددًا لتنساب في هدوء على وجنتيها، لتقول و هي ممسكة بقالب شوكلاتة أخرجته لتوّها من حقيبتها و هي تبتسم إبتسامة منكسرة:
"كنت جايبالها الشوكولاتة دي و أنا راجعة عشان أصالحها...إتخانقت معاها إمبارح و سيبتها بليل تنام و هي زعلانة مني، لو كنت أعرف إنها آخر مرة هكلمها مكونتش عملت كدة..."

شهقت شهقات متتالية من بين حديثها ثم أردفت:
"تيتا لو حصلها حاجة يا عمو فهمي أنا مش هسامح نفسي..لأ انا مش هعرف هعيش إزاي أصلاً من غيرها؟...أنا مليش غيرها خلاص!..خلاص بجد أنا أسفة يا تيتا بس إرجعي....ياريتني كنت معاكي..ياريتني مكنتش روحت المدرسة ولا سيبتك.."

ثم دخلت في وصلة بكاء شديدة و كأنها طفلة صغيرة، حاول تهدئتها معطيًا إياها بعض المناديل الورقية تجفف بها دموعها، و بعد أن هدأت قليلاً أخرج شيئًا ما كان قابعًا في كيس بجانبه، مناوله إياها:
"خدي طيب.."
"ده إيه ده؟"

قالتها في تساؤل بصوتها المتحشرج و هي تفتح ما أعطاها إياه، لتقول محاولة الإعتراض:
"ساندويتش!...بس أنا مش جعانة..."
"من الصبح مكلتيش حاجة!...مش عايز نقاش دلوأتي.."

قالها في نبرة شبه حازمة، أمتثلت لأمره فهي ليست في صحة للمناهدة و إبداء الإعتراضات الآن، و بالفعل أخذت تقضم قطمات صغيرة من الشطيرة في فتور على الرغم من جوعها الشديد و فراغ معدتها...

نهض العقيد و قبل أن ينصرف أردف بود:
"أسماء، هنلاقي جدتك، أنا متأكد إنها كويسة...و بعدين إنت عارفاها...بسبع ترواح!"

إبتسمت إبتسامة شاحبة على ممزاحته -التي احتوت على شئ من الحقيقة!- ليستطرد في جدية:
"عمومًا جهزي نفسك، ڤيرينا جاية تاخدك ترتاحي في البيت.."

الحارس الأخير (قيد التعديل)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن