الفصل الأول

397 41 14
                                    

★مهم قراءة التمهيد، جزء من القصة عشان الي داخلين يقروا الفصل الاول على طول😀

......................................................................

لولا إختلاف الرأي يا محترم
لولا الزلطتين ما الوقود إنضرم
و لولا فرعين ليف سوا مخاليف
كان بيننا حبل الود..كيف إتبرم؟!
و عجبي!

صلاح جاهين

............................................................................

الأحد
قبل عدة ساعات

في أحد شوارع القاهرة بمنطقة "حلمية الزيتون"، و التي سميت تيمنًا بالخديوي عباس حلمي الثاني، قبعت ڤيلا قديمة راقية الطراز، شاهدة على أطلال عصر كانت فيه تلك المنطقة من أشهر و أجمل المناطق في القرن المنصرم، عصرًا كانت فيه المنطقة تعج بالقصور و السرايات لقاطنيها من العائلات الملكية و الرفيعة.

كانت الڤيلا الوحيدة في شارعها وسط البنايات العشوائية المتهالكة و الشاهقة التي تفتقر إلى الجمال المعماري، فأضحت كتلاً خرسانية لم يهم ملاكها سوى أن يقيموا أكبر عدد من "الشقق" السكنية ليبيعوها، فكانت...ولا زالت أشبه ب"الخوازيق" المعمارية!...

كانت السيدة "ليلى" تقطن بتلك الڤيلا التي ورثها زوجها المرحوم عن عائلته، جالسة على مقعد وثير بالبهو تقرأ الجريدة على صوت أم كلثوم الصادح عبر المذياع كعادة صباحية تستمر حتى الظهيرة. كانت سيدة جميلة الملامح بشوشة الوجه بيضاء البشرة سمّرتها الشمس على مر السنين، تقترب من عامها الثمانين مما ظهر جليًا على أخاديد وجهها التي أبت أن تتحدى الزمن، إلا أنها كانت قوية الهمة تحب الحركة، يبجلها و يحبها كل جيرانها لكرمها و طيبة قلبها.

كان يومًا هادئًا معتدلاً الحرارة من أيام الخريف، حتى الشوارع و الطرقات قد خلت من الهرج و المرج الصباحي الذي يسببه الأطفال؛ فقد كان ذلك اليوم الأول بالعام الدراسي الجديد و الجميع منشغلون في مدارسهم بعد إجازة صيفية طويلة.
شد إنتباه السيدة العجوز خبرًا صغيرًا مكتوبًا في آخر الصحيفة، حاولت قراءته لكن بسبب صِغر الخط و ضعف نظرها لم تتمكن من ذلك، و بينما هي تبحث عن نظارة القراءة على الطاولة بجانبها، سمعت طرقًا عنيفًا على باب المنزل، لتهم متجهة نحوه و هي تستند على عكازها الخشبي، ناعتة الطارق بصوت شبه مسموع يصاحبه بحة:
"يا عديم الذوق، ياللي معندكش دم!"

فُتح الباب ليطل أمامها رجلاً طويلا في أواخر الأربعينيات مرتديًا بذلة بنية، مسرحًا شعره المتبقي في رأسه إلى الخلف ب "چل" ردئ، و على محياه إبتسامة سمجة كملامح وجهه، مدّ يده اليمنى إلي السيدة بينما يتأبط حقيبة جلدية تعجُّ بالأوراق في الناحية الأخرى، معرفًا بنفسه:
"صباح الجمال يا هانم، مدام ليلى مش كدة؟...أنا (بيومي الشوباشي)، محامي أستاذ (مهران)...إبن جوز حضرتك..!"

الحارس الأخير (قيد التعديل)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن