على سلم المنزل صعدت سيدة في عقدها الثالث لها، تحمل طعامًا في إناء صغير متوجهة الى العلية، متجهمة الوجه، قابضة على الاناء بقوة حتى وصلت الى وجهتها وقفت مطولاً أمام باب الغرفة ثم أخذت تتحدث مع نفسها
ماكان يجب أن تأتي يا بُني فكلانا صعبٌ عليه حقًا
ثم فتحت باب الغرفة النصف مُظلمة ووضعت الاناء
وأستدارت بظهرها تنوي العودةحينها امسكت بها يدًا لأحدهم مخفيًا جسده خلف الباب محدثًا أيّاها من مكانه
« أمي، لا تذهبي»أبعدت يده رادة ً عليه بزجر
«كم مرة أخبرتك أن لا تأتي جهة الباب، هيا إرجع الى مكانك»
وأغلقته ورائها بقوة
...
في العلية تحديدًا تقبع غرفة قديمة فيها سرير بفراشٍ مهترئ وبطانية ووسادة متسختين.
هناك من هو جالسًا فيها مريحًا رأسه بين ركبتين لقدمين هزيلتين
صبيّ في الرابعة عشر من عمره شعره بلونِ الليل، مرتديًا قميصًا وسروالاً بُنيّ
والإناء الذي أحضرته السيدة قبل قليل لم يذق منه شيء..هذا ما يمكن أن تراه في هذه الغرفة
لكن
..
.
مع طلوع الشمس يدخل نور ضعيف الى هذا المكان فيمكن أن يُرى بوضوح مالم تكن يمكنك رؤيته بالظلام الحالك.طرق الباب فتًا صغيرًا مردفًا
«فريك! لقد أعدت لكَ أمي الطعام»
أيقظ صوت الباب فريك من نومه فرفع رأسه من بين ركبتيه
وهنا ظهر وجهه وبان جيدًا بعد أن وقع الضوء عليه من النافذة الصغيرة
ليس لديه حاجبان أو رموش فلم ينبت الشعر فيهما على خلاف شعر رأسه الكثيف وعينان جاحظتان، والجهة اليسرى من وجهه منكمش، وكأنه محترق لكنه ليس كذلك إنما أنه وَّلد هكذا،
ومن ينظر اليه يخيل له بأنه مريض بمرض جلدي بسبب البقع الناصعة البياض التي تختلف كليًا عن لون وجهه المائلة الى الحنطية أكثررفع يده ليحجب النور عن وجهه،مجيب الفتى بهدوءٍ ممزوج بالحزن الشديد
«حسنا»
عاد له ليحدثه
«لو كنت بمكانك لقتلت نفسي، أفضل بكثير من الحياة البائسة التي تعيشها»
الصق فريك جسده على الباب وأجابه قائلا
«أخي دعني أراك فقط لأنني أشتاق اليك»
أردف بعد قهقهاتٍ من الضحك
«وكيف تشتاق لي؟ وأنا لم أتحدث معك سوى من وراء هذا الباب فقط»أبتسم فريك
« أنا أراك كل يوم من خلال النافذة الصغيرة كيف تلعب مع أصدقائك وتمنيت لو يمكنني أن العب معك أيضًا»«وهل يمكن لي أن العب مع شخصٍ بوجهٍ كوجهك فريك؟» أجابه بسخرية
سمع كلاهما وقع أقدام قادمة نحوهما فأبتعد فريك عن الباب وجلس على سريره بينما الفتى اِختبأ خلف أثاثٍ قديم كانت قد رمته السيدة هنا لأنها لا تستخدمه.
فتحت السيدة الباب قليلًا تنظر الى ولدها وهو ملتف ببطانيته
« لقد أرسلت أخيكَ "دون" اليك كي يوقظك هل جاء اليك؟"تظاهر فريك بأنه لا يسمعها والتزم الصمت فأكتفت هي بالعودة الى أدراجها للبحث عن ولدها الآخر
وبعد التأكد من أنها غادرت، نقر دون بأصبعه على خشب باب غرفته وأبتسامة شيطانية ارتسمت على وجهه
«برأيك إن أختفيت أنت، هل ستبحث عنك؟"
سكت قليلًا على الرغم من أن كلماته موجعة له لينبس بعدها
" يكفيني أنها تقدم الطعام لي، وهذا يثبت على أنها لا تتمنى لي الموت "
أنت تقرأ
أولست بشراً؟(مكتملة)
Short Storyأين الملاذ ؟ وما النهاية ؟ لماذا اعود لنقطة البداية ؟ ما هو شعور المرء بالسعادة ؟ كيف يصل اليه بابتسامة ؟ لطالما شعرتُ انني الوحيد الذي يسير في اللعبة حزين لعبتي انا ليست فيها الا شعور اليأس والوحدة لعبتي انا ليست فيها الا احلاماً وتكون محطمة أين...