أعيش في عمارة قذرة، اراهن ان عمرها تجاوز عمر جارنا السيد بولان الذي يبدو عليه أنه تجاوز الثمانين سنة، والأسوء من ذلك أنها عمارة متفردة، من خلفها سور طويل ومن أمامها مجموعة من العمارات التي تحجب ضوء الشمس، مدخلها كبير نوعًا ما لكنه مهترئ لديه بابان، واحد خشبي مغلق معظم الوقت والآخر حديدي يغلق في الليل ولكل جار نسخة من مفتاحه، الطابق الأرضي عبارة عن بهو واسع قليلا فيه بعض الخردوات وكذلك غرفة الكهرباء ذات الباب حديدي المشبك، هناك اربع طوابق، أسكن في الطابق الثاني رفقة أمي.
لطالما عانيت من الشبكة السيئة في هذه العمارة خرجت من شقتي لعلي التقط بعض الاشارة، وقد تزامن ذلك مع خروج جارنا السيد هارفي الذي يسكن فوقنا في شقته، يعيش السيد هارفي وحيدا في هذه الشقة بعدما انفصل عن زوجته منذ ثلاث سنوات، يزور ابنته البالغة من العمر ستة سنوات كلما سنحت له الفرصة، ولطالما بدا لي شخصا مسؤولا وطيبًا لا أدري لما انفصلت عنه زوجته حقا -إضافة الى أن لديه بشرة سمراء وشعر مموج وانف حاد كيف تقاوم جاذبيته؟-
ابتسم لي وقال: "صباح الخير سيلينا كيف حالك؟"
اجبت بابتسامة:" بخير ماذا عنك؟"
" انا بخير، كيف هي أمك؟"
نعم توقعت هذا السؤال أقصد ربما يكون من العادي أن يسألني أي شخص عن أمي لكن هارفي مختلف إنه تقريبا بعمر أمي أو أكبر بقليل وقد لاحظت أنها بدأت تنجذب إليه بعض الشئ وهو كذلك كلما التقى بي لا يسأل إلا عنها.
" إنها بخير، ربما تتعب في الآونة الأخيرة بسبب ضغط العمل لكنها تحاول أن تتظاهر بأنها بخير دائما"
"إن أمك تتعب كثيرا في عملها من أجلك، عليك أن تساعديها"
"نعم، إنني أحاول أن أفعل، كنت أبحث عن عمل بدوام جزيء وقد وجدت واحدًا في مقهى سأبدأ العمل الأسبوع القادم"
"هذا جيد، آسف حقا لأنك تعملين في سن كهذا، من المفترض أن أعمل أنا بدلا عنك، لكن للاسف الاجر الذي آخذه من عملي قليل ولهذا استأجرت شقة في عمارة مهترئة كهذه"
"لا تقل هذا سيد هارفي إن لديك بالفعل عائلة تصرف عليها كما أنني كبيرة كفاية لأبدأ بتحمل المسؤولية"
"على كل حال إن احتجتم لأي شيء فأنا هنا سأكون مستعدا لفعل أي شيء من أجلكما، يبدو أنني تأخرت علي الذهاب إلى اللقاء، أبلغي سلامي لأمك"
"مع السلامة"
ذهب السيد هارفي وظللت أحاول إلتقاط أي إشارة لكن لم أفلح فقررت أن أصعد لسطح العمارة، حاولت أن أفتح الباب لكنه لم يفتح"غريب" قلت، في العادة يكون مفتوحا دائما في تلك اللحظة خرج جارنا آندي المجنون -المختل عقليًا -، ورغم أنه هادئ دائما إلى أنني دائما ماأبقى ساكنة أرتجف من الخوف كلما مر علي، دائما مايخرج من العمارة هذا الوقت ليتجول ثم يعود حتى المساء لا أحد يعرف ماضيه أو أي شيء عنه فهذا العجوز كان أول من هذه العمارة من بين السكان الحاليين تسكن مقابله عائلة لورد الصغيرة المكونة من الأب جايك والأم كارين وابنتهما التي تكبرني بعام واحد ايميلي، ايميلي والسيدة كارين هن أكثر امراتين فضوليتين عرفتهما في حياتي إنهما تعرفان كل أخبار الحي، ولقد سمعت منهما أن الشيخ آندي كان شرطيا سابقا وفي أول مرة رأى فيها جثثا في جريمة قتل جماعية قد جنّ من هول المنظر، عدت بعد أن فقدت الأمل، وقررت أن أدرس قليلا حتى تعود أمي لكن تذكرت أن جاري المقابل هو فورد عندما سمعت صوت آلاته الموسيقية الصاخبة وكدائما يختار الوقت الذي أبدأ فيه الدراسة ليشغل آلاته تلك، بصراحة أتغاضى كثيرا من الأحيان خجلا منه ولكنه يبالغ حقًا، فتحت الباب لأكلمه لكن وجدت السيدة بولان قد سبقتني، إن تلك الجدة لا تؤخر أي فرصة للتشاجر مع الجيران فتح لها الباب فأسمعته وابلا من الشتائم، و لكن ليس كعادته استقبلها بوجه غاضب وكاد أن يمطرها بكلمات لم أسمع مثلها في حياتي حتى أنه كان أن يضربها لولا أن أوقفه ذلك الفتى الذي كان وراءه -الذي على الأغلب هو صديقه -، في العادة دائمًا ماكان يبتسم لها عندما تأتي إليه ويقدم لها اعتذارات واهية رغم أنها تصرخ عليه دائمًا، عندما اغلق الباب كانت أمي قد وصلت بالفعل وقد كنت سعيدة بذلك لكن السيدة بولان قد بدات حديثها مع امي كالعادة وهي وكاد تنفجر غضبًا قائلتا:" اهلا سيدة كريس"
فاجابتها أمي" اهلا خالة بولان كيف حالك"
"كيف أكون بخير وانا أعيش مع أشخاص كهؤلاء، لا يوجد أحد سليم في هذه العمارة، واحدة فضولية و مزعجة جدا والآخر مجنون ويعيش وحده لا آدري متى سأجده داخل بيت وتحتهما تلك الفتاة امبر التي جعلت من العمارة بيت نجاسة، كل يوم تحضر لي شابا وذلك الرجل المشكوك في أمره هارفي إنني لا أثق به حتى ولو أنه يتظاهر بالطيبة انتبهي انت وابنتك على نفسيكما ولا سوى كونكما امراتان تعيشان بمفدركما وبالطبع هذا الموسيقي المزعج فورد كل يوم اتكلم معه لكنه أخرق مزعج، إن الوحيدين الذيين أستطيع أن أستلطفهما هما أنت وابنتك و الشاب الجامعي الذي يقابلني، إنه يدرس الطب وهو لطيف ومؤدب من غير هؤلاء لا أطيق أحدا في هذه العمارة"
استمرت أمي بالاستماع للخالة بولان وهي تحاول تحمل كلماتها التي سمعتها للمرة الف، إن الخالة بولان سيدة قاسية ووقحة ونادرًا ما نراها تبتسم لكنها طيبة القلب رغم أنَّ ذلك غير واضح عليها، عدت للبيت لأكمل دراستي لعلي أنجح وأكسب المال لأبتعد عن هذا المكان المليء بالمجانين.
في اليوم التالي:
طرق رجل بشعر بنفسجي اللون وتسريحة غريبة الباب وحلق في أذنه ترددنا أنا وأمي في أن نفتح الباب بسبب منظره المريب لكن أمي فتحت الباب في النهاية وقفت خلف الباب لأسمع حوارهما
أمي:"اهلها من أنت؟"
"اهلا يا سيدة إنني في الحقيقة ضيف جارتكم ، أمبر، لقد أتيت لأسأل عنها إنني أتصل بها منذ أمس ولكنها لا ترد ورغم أنه كان لدينا موعد اليوم إلا أنني طرقت الباب دون جدوى، هل تعرفين شيئا عنها ؟"
"لا، لا أعلم شيئا لقد رأيتها صباح الأمس متجهة لعملها ولم يكن يبدو عليها أي شيء غريب "
خرجت فجأءة من وراء الباب قائلة:" لقد رأيتها عندما عدت من المدرسة أيضا ولم يكن يبدو عليها أي شيء مريب "
"غريب ليس من عادتها أن لا ترد على مكالماتي"
"اذهب وتأكد مجددا ربما لم تسمع طرقاتك"
بدا الرجل غير مقتنع لكنه وافق ثم صعد في الدرج، أضافت أمي وهو في طريقه :" حرب أن تفتح الباب فهي تترك الباب مفتوحًا عادة لأنه يغمى عليها عادة عندما تكون ثملة" أومأ الرجل بنعم ثم أكمل صعوده، عدت أنا وأمي الى ما كنا فيه وبعد دقيقتين تقريبا سمعنا صراخا قويا من الطابق العلوي، صعدت أنا وأمي بسرعة لنرى باب أمبر مفتوحًا دخلنا البيت لنتفاجأ بالمنظر الذي رأيناه .
كانت آمبر ...... غارقة في دمائها.
أنت تقرأ
سفاح عمارة 501
Mystery / Thrillerمسجونون في عمارة واحدة، يلاحقهم قاتل مجنون، من هو يا ترى؟ وكيف سينجون منه؟