|٦|

124 18 8
                                    

.
.

" فَقط..لَو أَعلمُ أَينَ ذَهبت!"

أخَذت آن تَفرِكُ جَبِينها بَينما تَحومُ حَولَ نَفسِها ..
لَيسَ حتى بُوغِتت مَسامِعُها بإرتطامِ شيءٍ ما فِي الطابقِ العُلوي بالأَرض..

تَجمد الدَمُ في أَورِدَتِها لِوهلةٍ و رَفعت نظرَ مُقلتيها إلى السَقفِ لِتَنبِسَ تُخاطِبُ نَفسها..

" تِلكَ...غُرفَةُ ليام لا?.."

جَرت سَاقِيها عَلى السَلالِم .. لا مُبَرِرَ لِما يُثقِلُ أَيسرها مِن رُعبٍ فجأةً..

حَدقت فِي البابِ مُطولاً..ثُمَ تَمالكت نَفسها لِتَلتَفَ أنامِلُها عَلى المِقبضِ الباردِ لتَفتح البابَ ببطء..

"م..مالذي..??"

حَدقت بِصمتٍ بِكارِن تُهدهِدُ لِيام المُستَقِر فِي حِجرِها .. لا آثار مَرضٍ أو أَرقٍ عَلى مَحياها..بَدت ساكِنةً و عَذبة التعبيرِ كما كانت قَبلَ فَاجِعتِها..
الصَغيرُ الأَشقرُ متورِدُ الوَجنتِينِ مُلتَمِعُ العَينينِ فَقط كَما كان..

كَانَ ذَلِكَ المَشهَد المَعهود لَهُما..

رَفعت الشَقراءُ رأسها لِتتقَابلَ الأَعينُ المُحيطِيةُ لَحظتها..

تَبسمٌ أَثيثٌ رُسِمَ وَهلتها و نَبست بَينما تَشدُ إحتِضانَ مَلاكِها..

" لابأسَ آن..لَقد ذَهب كِلانا إِلى الجَنة.."

"هاه?.."

لَم تَكد تُدرِكُ ما قيِلَ حَتى تَلاشى كُلُ شيءٍ أمَامها..
عَادتِ الغُرفةُ مُقفِرةً غَارِقةً فِي دُجنتِها..
وَ جَثت آن تُحدِق فِي الفراغِ بِضياع..

لَيسَ حَتى وَمضَ أَمرُ غِيابِ كارِن لِثلاثةِ أيامٍ فِي رأسِها لِتهرعَ إلى سَيارتِها و قَد أَسهَبت عَيناها بِالدمع بَغتةً..

" آمُلُ بأني أَهذِي !"




________



" أَتأتيني بُنَي ? ... "

قَرفصت قِبالةَ قَبرهِ مُبعثَرة الرُوحِ
شَيٌء  مِن الرَهبةِ يَلتفُ حَولَ نابِضها..

" أَتأتين? "

عَصفت رِياحٌ هَوجاءُ بَغتةً و ها هِي هَمساتهُ تَعود...
بِقلبٍ مُنصت و بأعيُنَ باهِتةٍ ..
سارت مُقادةً بِصمت.

"آَتيكَ حَتماً!"




بَدى كُل ما تَقعُ أَنظارُها عَليهِ رَمادياً ضَبابياً ..
لَم يَكُن دِماغُها يَعملُ بِشكلٍ صَحيحٍ وَقتها..
شَعرت كأَنها تُقادُ مِن قِبلِ شيءٍ ما ..

حِين إِستعادَت شَيئاً مِن تَركِيزها وَجدت الشَمسَ إنسَحبت بِالفعلِ و تُرِكَت السَماءُ تُوارَى بِديجورِ لَيلةٍ مُوحِشةٍ مِن دِسَمبِر..

تَماماً حَيثُ بدأَ كُل شيءٍ حٍينَ تَهاوت السَيارة مِن تِلكَ الحافةِ ..

و حَيثُ كَان الجَسدُ الضَئِيلُ يُولِيها ظَهرهُ و تَتَدلى سَاقاه الصغيرتان عن الحافةِ إلتفَتَ مُحدقاً بِها..

" تَعالي مَعي..إلى الجَنةِ أُمي! ''



______






" هَل عَثرتُم عَليها سَيدي..??"

أَردَفت آن بَينما تُحدق بأعيُن مُلِحة فِي أَحد رجالِ النَجدةِ بَعد أنٗ تَوسَلتهُم لِلبحَثِ عَن شَقِيقَتِها هُنا..

و لَم يَطُل الصَمت حَتى عادَ المُتَسلِقونَ و قَد رَفعت المَروحيةُ هُناكَ جُثةً ما..

بَهُتَ لَونها و غَدت شَاحِبةً كوَرقةٍ بيضاء..
تَفجرَ الخَوفُ و القَلقُ الَّذي كَبتتهُ طِيلةَ الأَيامِ الفائِته..

أَخَذت تَرتَعِشُ بِإفراطٍ لِتَجثو جِوار الجُثةِ الراقِدةِ قِبالتها..
أَزاحت القُماش الَّذي يُوارِبُ وَجهها..

لَقد كَانت حَقاً كارِن..
كَانت تَحمِل كَدماتِ السقوط عَلى وجهها..لَكِن تَعابيرها بَدت راضِيةً و مُسالِمة..

لَم تَلبِث تِلك أَن إنهارت جِوارها.



.....




" آن..ما رأتهُ كَارِن و قَالتهُ مَحضُ هَلوساتٍ سَمعيةٍ و  بَصريةٍ جائت نَتِيجَة صَدمتِها!"

أَردفَ الكَهلُ بِصفتهِ الطَبيبُ النَفسي لآن مُنذُ غَدت تُعاني الكَوابيسَ و الهَلوساتِ أَحياناً..

" كلا...رأَيتُ بِنفسي ذاتَ مرةٍ أَطيافَهُما"

أَخفضت بَصرها تَستَذكِرُ الأَمرَ بِرُمته..
لَكِنها قُوطِعت مِن قِبلهِ حِينَ أَردف..

" لَقد تأثرَ عَقلُكِ بِها..كِلتاكُما مُتعلِقتانِ ببعضِكُما..إستَجابَ عَقلُكِ لِكُلِ ما قِيلَ "

" لِيَكُن...لم تَرى بِنفسك شَيئاً..."

أنهَتِ الحُوار حِين غَادرت بِعَصبية...




" لا أَحدَ سَيُصَدِقُنا كارِن..لا أَحد"








\\ إنتَهت//





🎉 لقد انتهيت من قراءة °• فاجِعة ديسَمبر°• 🎉
°• فاجِعة ديسَمبر°•حيث تعيش القصص. اكتشف الآن