30- الظلام

12 2 0
                                    

أول ماشاهداه ألورا ويوجين عند فتح ذلك الباب

كان دمية دبٍ محشوة، وبمنتصف جسد الدمية شقٍ كبير تخرج منهُ حشوة القطن

لم يكن الأمر غريباً على يوجين، ولكن لم تشعر ألورا بإطمئنان تجاه الفتاة التي لم تلمحها بعد

كانت تتأرجح على كرسيها الهزاز وتنظر من الشباك لآخر لحظات الغروب، دون ردة فعل واضحة، فقط تهتز بخفة ومع قليلٍ من صرير الخشب

لم يتردد يوجين بالمبادرة والترحيب بها قائلاً:

أهلاً بانو.. قد عدت، ألم تفتقديني؟

ومازالت الفتاة في صمت، ومازالت أيضاً لا تبدي أي ردود فعل واضحة تجاه وجود شخصين غريبين في غرفتها

إلا فجأة، نطقت بجملة غريبة، بنبرةٍ أغرب.. ومتشبعة بالغموض:

أشعل الشمعة، سيحل الظلام قريباً ، لا أريدهُ أن يعم غرفتي

يوجين لم يفقه تلك الجملة سريعاً، لكنهُ عمل بها تقرباً لبانو مجهولة الهوية بالنسبة لألورا

وحالما أشتعلت الشمعة، توقف الكرسي عن الأهتزاز، وأستدار رأس بانو نحوهما وقالت بصوتٍ تحذيري تقريباً:

ماتريدانهُ ليس لدي في الغالب، عودوا للمنزل قبل أن يحل الظلام

يوجين:

لا تقلقي، لا نريد شيئاً منكِ سوى أن تتبادلي أطراف الحديث معنا، نحن فقط نريد أن نكون قريبين منكِ ك أصدقاء

بانو:

لم يعد لدي مايسمون نفسهم بتلك الكلمة الغبية بعد الآن، أنتهى كل شيء، لا أشعر حتى بساقي

لم تفهم ألورا ولا كلمةً واحدة رغم أنهم لم يكونا يتحدثا بلغةٍ مختلفة، فهم الكلمات الغامضة أصعب من فهم لغةٍ أخرى على أي حال

فأكتفت بالصمت بينما يوجين يتكلم حول رغبتهِ المُلحّة بصنع صداقة مع بانو التي عمرها لم يتجاوز 8-10 عاماً

حتى أنهت بانو الحديث بقولها:

أعلم من أنت، لذا أرجوكَ لا أود التعامل معكَ بطريقةٍ سيئة، يمكنك الخروج الآن، وداعاً

نظرت ألورا المتوترة من تأخر الوقت ليوجين بنظرة تحمل معنى:
" هيا، قد تأخر الوقت، لنذهب"

هز يوجين سريع البديهة رأسهُ وخرجا من تلك الغرفة، دون أن يستمعا لصوت دموع بانو الصامتة

ودّعا أيضاً السيدة أولجا، وخرجا من المنزل وكان الظلام على وشك أن يسود المكان

فأوصلها يوجين لقصرها واعداً أن يشرح لها ما يدور في بالها غداً، وإرتد على عقبيهِ نحو قصر إيان

..

ليلةٍ غريبةٍ كسائر ليالي صديقتنا ألورا، تفكر كثيراً وتقاوم النوم كما حالها في كثيرٍ من الأحيان

لم يتبادر ذهنها شيء بالعالم أكثر من تلك الجملة التي نبست بها بانو

"أشعل الشمعة، سيحل الظلام قريباُ، لا أريدهُ أن يعم غرفتي"

والتفكير بمدى أحتمالات أنها تتداخل في مشاكل لا حصر لها، والتفكير بذكرياتها، حتى غفت في نومً عميق

صعدت الشمس سريعاً في مدينة أفروديت البهية، وكالعادة ألورا نائمة على الأرض ولم تعتد النوم على السرير بعد

عندما وجدت نفسها تنام على الأرض مجدداً، ضحكت مُتخيلةً ردة فعل السيدة كلارا أن وجدتها تنام على الأرض مجدداً

وأخذت تتجهز مثل كل يوم لتخرج للقصر، فاليوم لا يجب عليها تفويت الحديث مع جونو كالأمس

فمهما كانت الحجج منطقية إلا أنها هنا لأجلهِ، جهز العاملون كعكة برتقالٍ وباقة زهور لتهذب ألورا بهم لجونو كنوعٍ من الآداب

وأخذت العربة تسير نحو القصر للزيارة

لا أحد من الحراس يتجرأ أن يعترض طريق الملاك الذي أقدم على الدخول للقصر، فالمرافقون معها سيلقنون من يعترض طريقها درساً

ولم يتجرأ أحد في الداخل أيضاً أن يعترض طريقها، ولكن تجرأ شخصاً واحداً أن يظهر أمامها ويعرقل سيرها.

يتبع..

موسم حَصاد الوِداد. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن