جلست على السرير بينما كانت الغرفة كلها تدور بي، وردني اتصال من امي فجأة، كنت احتاج ان اتكلم معها لكن بالتأكيد ليس وانا مخمورة! حاولت التصرف بطبيعية قدر الامكان..
-أميييي، اشتقت لكِ كثيراً!!
-وانا ايضاً عزيزتي..
انظري اليك، تبدين مختلفة جداً، ابنتي الجميلة قررت تغيير مظهرها اخيراً! كيف قمتِ بقص شعرك في حين لم تدعي احداً يلمسه من قبل؟
-هل يناسبني؟
-ستبدين جميلة مهما فعلتِ.
-امي؟
-نعم عزيزتي؟
(كنت على وشك البكاء لكنني حبست دموعي)
-ماذا لو ظننتي ان نمط الحياة الذي كنتِ تعيشينه لسنين طويلة لم يكن يوماً ما اردته، لو حصل شيء ما وغير حياتكِ بأكملها لشيء مناقض تماماً ماذا ستفعلين؟
-أنتِ لا تتحدثين عن ترككِ كلية الحقوق اليس كذلك؟
-لن اتركها. انا اتحدث عن شيء اخر.
-حسناً إذاً، في هذا الحالة سأخبركِ ان تفعلي ما يجعلك مرتاحة وان تتبعي قلبك، حتى لو لم يكن قراراً صائباً.. ستدركين هذا لاحقاً بعد ان تعيشيه، لا شيء يظاهي التعلم من اخطائك بنفسك، لا يمكن لأحد فرض اي شيء عليكِ عزيزتي.. سأدعمكِ مهما كان ما تريدينه يمكنكِ أن تخطأي ثم تعودي وسأستقبلك بأحضان دافئة كما عهدتني دوماً، لا بأس أن تخطأي، حين تشعرين برغبة في البكاء ستكون يداي بأنتظار ان تمسح دموعكِ.
-انا احبكِ سيدة روزي تشايكامون.
-وانا احبكِ كثيراً عزيزتي.
كلام امي جعلني اشعر بالراحة قليلاً، لكن هل يمكن ان اترك كل شيء خلفي بما في ذلك الشخص الذي يحبني اكثر من اي شيء؟ قررت حينها ان ابتعد قليلاً عن كل شيء لأصفي ذهني، حجزت تذكرة الى بنسلفانيا وقررت ان اتخذ القرار النهائي اثناء وجودي هناك.
اغلقت هاتفي ورحلت في صباح اليوم التالي بعد ان اخذت اجازة لعدة ايام من استاذي،
كانت الطبيعة النقية شيء احتجته بشدة منذ مدة..
بحثت عن منزل لأقيم فيه، افرغت امتعتي وخرجت لاتجول في الطبيعة بينما استمع الى تايلور سويفت safe and sound، ثم تناولت الغداء في boat house.. انه معروف في بنسلفانيا بأكلاته اللذيذة..
زرت خلال ايام اقامتي شلالات نياغرا، ثم اوهايو، ثم كينزوا.. استكشفت طبيعة المكان كله، مارست بعض التأمل وهدأت قليلاً والاهم من ذلك انني اتخذت قراري..
سأعود غداً بعد ان امضيت اسبوعاً من الراحة.
وجدت الكثير من المكالمات الفائتة من جون وبيث، لا بد انهما يشعران بالقلق علي..
ذهبت بعد عودتي مباشرة الى منزل السيد والسيدة واترسون، صعدت الى غرفة بيث فركضت الي معانقة..
-ايتها المعتوهة! هل تعلمين كم قلقت عليكِ؟!!
-انا اسفة، احتجت بعض الوقت لأفكر واتخذ قراري، لم اقصد ان اجعلك تقلقين.
-قرار؟ اي قرار؟
-سأخبرك لاحقاً، اسفة، لكن هل تعلمين؟ لطالما قلت عنكِ أنكِ مجنونة لكن اتضح انني مجنونة اكثر منك.
عقدت حاجبيها بفضول
-ما الذي يحدث من ورائي بالضبط؟ ثم متى قصصتِ شعرك؟
-قبل ان اختفي مباشرة.
-ألن تخبري صديقتكِ المفضلة بما يحدث؟
-سأخبركِ لكن عديني انكِ لن تخبري احداً بما حدث.
-وعد الكشافة!
-الاسبوع الماضي حين ذهبت معكِ الى البار شعرت بصداع لذا ذهبت لاغسل وجهي في الحمام لكنني سمعت ave maria تشتغل في غرفة اخر الرواق، ظننت انه من الجيد ان استرخي قليلاً من الصداع لكنني فعلت شيئاً عن الطريق الخطأ مما جعل باباً سرياً يفتح في الحائط..
فتحت عيناها واسعاً
-ما الذي فعلته؟!
-ذلك شيء لن اخبرك اياه.
المهم، دفعني الفضول لأنظر في الغرفة لكن ما رأيته كان لا يصدق!
كانت غرفة تبدو حمراء اللون بسبب الشموع الموضوعة فيها، اصفاد معلقة من الحائط وادوات تعذيب وكان هناك شخص مقيد من يديه وقدميه تتساقط الدماء منه على الارض بينما يقف امامه شخص عارٍ بالكامل يفعل به اشياءً لا اجرؤ على قولها بصوتٍ عالِ، انتبه ذلك الشخص لوجودي وبدل ان يفزع ابتسم ابتسامة متحاذقة واقترب مني وقبلني..
وضعت يدها على فمها وشهقت بصدمة..
-حدث كل هذا ولم تخبريني؟!
-دعيني اكمل.. كيف اقولها؟
لقد جعلني اشعر بخمس دقائق ما لم اشعر به ابداً مع جون خلال خمس شهور.
-لحظة..
إذاً أنتِ منجذبة الى ذلك الشخص؟ ماذا عن جون؟ بل اتركي جون بعيداً، ماذا عن كونه منحرف مختل؟
-منعت نفسي عن التفكير به لكن وجهه كان يخرج امامي في كل مكان لدرجة انني ملأت حائط غرفتي بلوحات لوجهه وجسده، خرجت في موعد مع جون في المقهى وجلست اقرأ الرواية بهدوء لكنني فجأة رأيته يجلس امامي بدل جون، خرجنا لنتمشى فاذا بي اراه امامي في الشارع المقابل، حاولت ان اتقرب اكثر من جون لأبعده لكنه حين بدأ بتقبيلي تحول فجأة الى ذلك الشخص ووجدت نفسي ابعده دون ان ادرك.. لقد ذهبت برحلة الى بنسلفانيا لأستطيع اتخاذ قرار فيما سأفعله مع هذا الوضع برمته
-وهل تمكنتِ من اتخاذ قرار؟
-اجل. قررت بالفعل.
-هل كان جذاباً؟
-كان جذاباً لدرجة ان يقبلني حتى تنزف شفتي ولا احرك ساكناً ولا ابعده حتى!
-اوووووووه. والان اود ان اراااااااه
من فضلكِ خذيني الى ذلك المختل الذي اعجبت به صديقتي اود ان اراه.
ضحكت ممازحة
-اخاف أن تصابي بالعمى فور رؤيتك له...
-أتعلمين؟ كشخص مجنون يفعل الكثير من الاشياء دون تفكير ويحب ان يعيش الحياة ببساطة سأدعمك في اي شيء تريدين فعله.. لكن كصديقتك المفضلة التي تهتم لأمرك سأخبركِ ان تفكري جيداً اولاً، ان مستقبلكِ بالكامل على المحك هنا، انه ليس ارتباطاً عاطفياً عادياً، قد يصل الامر به بأيذائك لدرجة الموت، او قد يصل الامر بكِ أن تخسري نفسك بالكامل وهذا شيء قد تندمين عليه فيما بعد.. كما ان جون شخص طيب ولا يستحق ان يتم ايذائه بتلك الطريقة.
-لذلك قررت ان اذهب لأفكر.. سأتحدث مع جون غداً بعد الجامعة.
-لا تنسي ان تخبريني بكل التفاصيل! لا تغفلي عن شيء!
-لن أفعل.
اتصلت بجون حينها ليرد بقلق
-هل تعلمين كم خفت عليكِ؟!
-لنذهب في موعد غداً جون..