ها قد حل الخريف المشرق لتلك الأشجار العملاقة،
حيث تنتظرة بفارغ الصبر من الحين للأخر لتتخلص من ورقاتها البائسة كالمرء التعيس الذي يتخلص من أحزان قلبة الغائمة، كحال الأربعيني صاحب ذاك القصر المرتب، زوارة يقسمون أن سيدة رجلاً عسكرياً يتحكم بقواعدة بحزمٍ وصرامة، ربما لا يعلم أحداً المخبئ خلف ذاك القاسي الذي التاع قلبة حرقةٍ لا يقو عاشق تحملها، تسللت خيوط الشمس من خلف الستار لتنير غرفتة ذات الطلاء الأسود الداكن، ليكسوا صمتها المخيف صوت رنين المنبة المعتاد سماعة بالنسبة إلية فرفع ساعدية ليوقف رنينة المزعج، ثم أزاح غطاء الفراش لينهض عن سريرة الوثير، ومن ثم أتجة لحمامة الخاص، ووقف مقابل مرآتة ليزيل شعر لحيتة الزائد، ومن ثم صفف شعرة الأسود الذي يكسوة بعض الخصلات البيضاء التي زادت من وسامة وجهة القمحي، عينية البنية كانت تتوهج بتحدٍ سافر لضوء الشمس المذهب، فكانت تحاوط حدقتية البني خط خفيف من العسل المسكوب.
أنتهى مما يفعلة ثم خرج ليختار أحدى بذلاتة الداكنة المعتادة بالنسبة إلية، ثم هبط ليترأس تلك الطاولة الكبيرة بمفردة، لم يشعر يوماً بمللٍ يهاجمة، وهو يعيش بمثل ذاك القصر بمفردة لأعوامٍ، في عزلة أختارها هو لذاتة.
أنتهى من تناول طعامة في تمام الثامنة والنصف كالمعتاد إلية ثم أحتسى فنجان قهوتة بالتاسعة إلا ربع مثلما إعتاد، ليغادر قصرة في تمام التاسعة متجهاً إلى شركتة.
هبط "عاصي" من سيارتة ذات الطراز القديم ليتجة لمكتبة، فهرع إلية السكرتير الخاص بة وهو يفتح مفكرتة الصغيرة ويخبرة بمواعيده الهامة...
= لديك إجتماع هام بعد ساعتين من الآن سيدي وبالمساء عشاء عمل في فندق*** مع السيد قاسم خلدون.
أومأ بخفة برأسة وهو يشير لة بحزمٍ...
= دعنا لا نضيع وقتاً إذاً، فلتحضر لي الملفات الهامة.
أجابة على الفور...
= في الحال سيدي.
ثم أسرع لمكتبة ليختار لة الملفات الهامة قبل أن يغادر الشركة، بينما ولج""عاصي سويلم""بكامل هيبتة لمكتبة الخاص، فوضع حقيبتة على المكتب ومن ثم ألقى بثقل جسدة الرياضي على مقعدة وعينية تبحران بهيامٍ بتلك الصورة الصغيرة، الموضوعة على طرف مكتبة الخاصة، لم تكن مجرد صورة عادية بل سجنة الذي يتسع بة عاماً بعد الأخر حتى بات يعتاد ظلامة القاسي.
قرب عاصي الصورة إلية وعينية البنية تتعلق بتفاصيل وجهها الذي يحفظة عن قلبٍ محب، أدمعت عينية وهو يدفنها بصدرة بتمني لو كانت مازالت لجوارة تشاركة ذاك العشق القاتل بين أضلاعة، نعم غادرت من رغب بها، تاركة عذاب يبتلعة يوماً عن يوم، لم يشعر بالرغبة فى الإقتراب من أي امرأة سواها، لذا أصبح رجل الأعمال الأعزب المرغوب من الفتيات، والأغلب يظنونة يطمح بالمزيد من الثروة والمال لذا أستكفى بوحدتة ليحقق طموحاتة الصاعدة، لا يعلم أحداً بأنة فقد قلبة مع من رحلت. فتح عينيه على مهلٍ وهو يهمس لصورتها بإبتسامةٍ يجاهد لرسمها...
= صباح الخير حبيبتي، أرى إبتسامتك مشرقة اليوم وكأنكِ تعلمين بأن اليوم عيدي الأربعون.
ثم إستطرد بألم...
= أجل، اليوم أتممت الأربعون بدون وجودك لجواري وبالتحديد أتممت عشر سنوات بدونك...
لم يشعر بتلك الدمعة الخائنة التي إنسدلت على وجهة، وبات يخرج ما يضيق بصدرة...
= عشر سنوات وأسبوعين وثلاث ساعات تقريباً عمراً كامل أطال بي وأنا أعُد الأيام بترقبٍ للقاءك.
ومن ثم قال...
= أحياناً أتسائل إن لم يكن قتل النفس محرماً ماذا كنت سأفعل؟؟ هل كنت لألحق بكِ أم أن العيش على ذكرياتك يمنحني قوة لأبدأ من جديد وصورتك تلاحقني فتمدني بقوةٍ أجهل سرها حتى تلك اللحظة.
ومرر أصابعه على شفتيها قائلاً...
= لا أعلم...ولكني أفتقدك كثيراً، في كل ثانية يجلد قلبي المسكين حينما لم يجدك لجوارة ولكن عل اللقاء أصبح قريباً.
وترك الصورة عن يدية ثم إرتدى نظارتة التي زادت من وسامتة ليبدأ عملة الذي أنتهى بعدما أنهى إجتماعة الهام بموظفين شركتة ليتجة لسيارتة ليعود للقصر حتى يبدل ثيابة لأجل موعدة المسائي، فما أن رآه السائق حتى فتح باب السيارة الخلفي بوقارٍ، فصعد عاصي بالخلف ثم أخرج هاتفة الذي دق للمرة الثالثة.
أبتسم حينما رأى إسم رفيق دربة وزوج أختة الوحيدة، فما إن فتح الهاتف حتى أستمع لصوتة المتعصب...
= أخبرني لماذا تحمل الهاتف إذا كنت تتجاهلة إذاً؟؟
إبتسامة ماكرة زينت وجهة الجذاب، ومن ثم أتبعها قوله الخبيث...
= أراك تبالغ قليلاً، أعلم أنك تحدثت مع مصطفى السكرتير وأخبرك هو بإنشغالي بإجتماعاً عام أليس كذلك؟؟
أتاة ردة اللازع...
= بالطبع تحدثت معة أتعلم أصبحت أتصل بة أكثر من إتصالي بزوجتي، بنهاية الامر أنا مجبر هنا فصديقي المتعجرف لا يبالي بي ولا بمكالماتي الهامة لة.
أحتضن مقدمة أنفة بيدية وهو يجاهد الصداع الذي سيتسبب لة، لذا قال بصرامةٍ...
= بربك يا عمر أخبرني ماذا هناك حتى تنغلق محاضراتك التي لا تنتهي تلك.
تنحنح وهو يردد بمرحٍ...
= كأني بالغت قليلاً ولكن لا يهمني ما يهمني الأن أن تأتي بالمساء، فأختك ترغب في مفاجأتك بعيد ميلادك وشددت بأن أتي بك للمنزل بالمساء وألا أفصح بالمفاجآة التي تعدها لأجلك.
أبتسم ساخراً...
= وقد فعلت!!
ثم استطرد بمللٍ...
= حسناً حسناً، سأتي حينما أنتهي من مقابلة عمل هامة.
وأغلق الهاتف وهو يردد ساخراً...
= أحمق.
ثم جذب حاسوبة ليلتهي بة قليلاً، فإبتسم حينما وجد صورتها تستحوذ على لابة الخاص كما تستحوذ علية هو شخصياً، فغامت عينيه بذكراها الهائمة
🔙🔙🔙🔙
= أخبرني متى بالتحديد ستتفرغ لي؟؟ أنت دائماً مشغول عاصي!!
أبتسم وهو يخبرها بحنانٍ...
= كيف أنشغل عنكِ حبيبتي وأنتي دائماً ما تقتحمين غرفة الإجتماعات بغضبٍ إعتاد علية موظفين الشركة المساكين؟؟
لوت شفتيها بسخطٍ...
= عليهم الإعتياد قليلاً فبالنهاية بعد الزواج سيقتسمونك معي.
تعالت ضحكاته الرجولية وهو يشير لها بمكرٍ...
= مهلاً هند أشم رائحة حريق تنبع من داخلك، دعينا نذهب للطبيب لنطمئن بأن الأمور على ما يرام.
جزت على أسنانها غضباً ومن ثم جذبت أوراق الملفات التي تملئ مكتبة لتلقيها بوجهة وهي تردد بعصبيةٍ...
= ستلتهمك تلك النيران يا عاصي وسترى.
🔚🔚🔚🔚
عاد من شرودة حينما قال السائق...
= سيدي، لقد وصلنا أترغب في زيارة مكانٍ أخر؟؟
أفاق من دوامة ماضية والبسمة الفاترة مازالت مرسومة على وجهة، فهبط ومن ثم إتجه لغرفتة، ليختار بذلة سوداء أنيقة، ثم أغتسل ليستعد بلقاء قاسم خلدون رجل الأعمال الشهير، فتلك الصفقة تعد من أهم ما ستحققة شركة عاصي سويلم بالشراكة معة، وقف أمام مرآتة المطولة ليعدل من جرفاتة الرمادية، ثم نثر البرفنيوم الخاصة بة على بذلتة، ولحيته النابتة، ليلقي نظرة أخيرة على ذاتة قبل أن يتجة للأسفل.
أستقل عاصي سيارتة التي تحركت بة فور صعودة للفندق المنشود، ليجد قاسم بإستقبالة هو وأبية وعمة، الجميع يرحب بة بهيبةٍ وقار، ليشير لة قاسم على تلك الطاولة الضخمة التي أعدت خصيصاً لة، ليجذب الجرسون أحد المقاعد التي إحتلها بهيبتة الوقورة بينما جلس الأب والعم وقاسم مقابلة ليبدأ بالحديث...
= هنيئاً لنا بشراكة مثل شراكتك سيد عاصي.
أكتفى برسم إبتسامة صغيرة لة، وإستكمل" قاسم" قائلاً...
= لذا سأستغل تلك المناسبة الهامة لتصبح الفرحة فرحتين بخطبتي أنا ولوجين... ما رأيك عمي؟؟
بدأت الصدمة جلية على وجة عم قاسم، الذي أبتلع ريقة بصعوبةٍ ملحوظة، ومع ذلك حاول السيطرة على إنفعالاته وهو يجيبة...
= كما تشاء إبني، سأخبر لوجين لتستعد في الحال.
شعر عاصي بأن هناك خطباً ما بين العم وإبن أخية، ولكن لم يعنية الأمر كثيراً، فالمهم بالنسبة إلية أنة تمم الصفقة الهامة، فأراد أن يغادر فور إعلان الخطبة حتى يذهب لشقيقتة التي تنتظرة.
إنتاب الحفل حالة من الهرج والمرج، لتردد على الالسنة عبارة واحدة ""اختفت العروس"".
كان الامر غريب بعض الشيء وبالأخص غضب قاسم الذي بدى للجميع إعتيادة على هروبها الدائم من خطبتة التي ألتغت أكثر من مرة.
رفع عاصي كوب العصير ليرتشف منة، عل ريقة الجاف يزداد رطوبة قليلاً، فكاد بأن يسعل حينما توقف العصير بحلقة، وتتجة عينية لأسفل الطاولة حينما شعر بيد تشدد على بنطالة، فوزع نظراتة لجوارة، وما إن تأكد من إنشغال الجميع بالبحث عن العروس، رفع بمقدمة حذائة غطاء الطاولة الأبيض الطويل، ليتفاجئ بمن تختبئ أسفلها!