تفاجئ عاصي بفتاة تجلس أسفل طاولتة، عينيها تشبة الليل الساكن في ليلة سمائها صافية، خصلات شعرها البنية القصير يلتف حول رأسها على شكل دائري فمنحها مظهر بريء للغاية، وبالرغم من جمال تلك الحورية ذات الجمال الرقيق إلا أنة لم يرمش لة جفن، وكأنة مسحور تجاة إمرأة أخرى، فرفع عينية ليتابع المارة بنظرةٍ متفحصة قبل أن يعود لسؤالها...
= من أنتِ؟؟ وماذا تفعلين هنا؟؟!
أجابتة بصوتٍ هامس...
= كما ترى بعينيك أختبئ أسفل الطاولة حتى لا يراني هذا الأرعن قاسم خلدون، أما إجابة سؤالك الأول فإجابتة مقتصرة على الإجابة الأولى فأنا العروس الهاربة.
أبتسم رغماً عنة على جملتها الأولى وسبها لإبن عمها دون خوفاً، فعاد ليسألها من جديدٍ...
= حسناً، ولماذا طاولتي بالتحديد؟؟
أجابتة بإبتسامة واسعة رسمتها بلباقةٍ، إستطاع أن يلمسها عاصي بحديثها...
= لا أعلم، ربما لأنك تبدو رجل شهم، ستساعدني بالهروب من هنا، فليس من المنصف بالنسبة لك أن تتزوج فتاة من رجلاً لا تحبة بالقوةٍ، وهي تحب رجلاً أخر.
سألها ساخراً...
= وأين الرجل الأخر بذالك الوقت بالتحديد؟؟
رفعت كتفيها بطفوليةٍ...
= لا أعلم، من المفترض أن يكون هنا، ولكن لحينما يحدث ذلك لا تتخلى عني.. أرجوك ساعدني بالخروج من هنا.
تقوس جبينة بحيرةٍ...
= وكيف سأفعلها؟؟
قالت على الفور...
= كل ما أحتاجة منك هو جاكيت بذلتك الأنيقة، وسارفقك للخارج وكأنني حضرت للحفل برفقتك.
جز على شفتية السفلية بأسنانة وهو يهمس بسخطٍ...
= لابد وإنكِ تمازحيني يا فتاة، هل تعرفي من أكون؟؟
ضمت شفتيها معاً بحيرةٍ، فأعاد غطاء الطاولة سريعاً حينما دنا منه قاسم، ليشير إلية بحرجٍ...
= أعتذر سيد عاصي، أعلم بأن هناك عقود لم توقع بعد ولكن ما حدث لم يكن متوقعاً.
ربت على كتفية بهدوءٍ...
= لا بأس، دعك من الأمر وإبحث عن إبنة عمك أولاً.
أجابة بإستياءٍ...
= تلك الفتاة ستقودني للجنون حتماً، كلما قررت إعلان خطبتنا تختفي كالشبح المتخفي.
كبت عاصي ضحكاتة وهو يرأها تدلي برأسها من أسفل الطاولة وترمقة بنظراتٍ قاتلة، فحك طرف أنفة ليخفي إبتسامتة وبجدية تامة قال...
= هل هربت من قبل؟؟
رد علية بضيقٍ...
= سئمت من عد المرات التي هربت بها من المنزل.
أبتسم وهو يقول...
= لما لا تدعك منها وتبحث لك عن إمرأة أخرى؟؟
قال بإبتسامةٍ بلهاء...
= ليتني أستطيع ولكنني لم أحب غيرها.
ضحك بصوته كلة وهو يرآها تحمل سكيناً إلتقطتة من أعلى الطاولة وتشير بة على عنقها وهي تردد بصوتٍ أستمع لة عاصي جيداً...
= الموت رحمة لي منك أيها الأرعن.
تعجب قاسم من ضحك عاصي، فأستوعب الاخير الامر، ليستعيد ثباتة سريعاً وبملامح جادة قال...
= أتمنى أن تجدها بأسرع وقت، وربما تكتسب خبرة بكسب حبها تجاهك.
ودعه وهو يهم بالخروج للبحث عنها...
= أتمنى ذلك.
وما إن غادر قاسم عاد عاصي ليجلس محلة من جديد وهو يهمس بصوتٍ منخفض...
= ذهب للبحث عن المشاغبة بينما تختبئ كالهرة أسفل الطاولة!
أخرجت رأسها إلية وهي تشير لة بإستعطاف...
= الفرصة مناسبة للخروج الأن، ألن تمنحني الجاكيت؟؟
أحتدت نظراتة تجاهها، فقالت بحزنٍ مصطنع...
= هيا ساعدني وأعدك بأنك لن ترى وجهي مجدداً، أخرجني من هنا وسأتوالى زمام الأمور .
تطلع لها بشكٍ، ولكنة لم يعتاد التخلي عن أحداً يطالبة بالمساعدة، لذا رضخ لها وخلع جاكيتة ليكورة بغيظٍ وهو يقدمة لها، فلم يعتاد أبداً على التخلي عن جاكيت بذلتة بمكانٍ هام كذلك، لا يعلم بأن تلك المشاغبة جعلتة يجتاز فقط أول قوانينة أما القادم فسيجعلة في حالة عدم إستيعاب.
إرتدت "لوجين" الجاكيت فتنحى بمقعدة للخلف ثم راقب الطريق من حولة ليشير لها...
= أخرجي الأن.
خرجت من أسفل الطاولة لتقف جوارة ومن ثم تعلقت بيدية وخطاهما السريع يدنو من سيارتة المصفوفة بالخارج، فصعدت جوارة بالخلف، ومن ثم أمر سائقة...
= أنطلق سريعاً علي.
لم يفهم ماذا بة والأهم من تلك الفتاة التي تعتلي سيارة سيدة لاول مرة، ولكنه أنطلق على الفور تنفيذاً لأوامر سيدة، فما إن إبتعدت سيارته عن الفندق بمسافةٍ معقولة، حتى أمرة بأيقاف السيارة، ثم أستدار تجاهها ليشير لها بصرامةٍ...
= هيا، إنزلي أنتي الآن بأمانٍ.
لعقت شفتيها بإرتباكٍ وهي تسألة بصدمةٍ...
= هل ستتركني هنا بمفردي؟؟!
أستدار تجاهها ثم قال بسخريةٍ...
= وماذا يفترض بي أن أفعل؟؟
رفعت كتفيها ببرائة مصطنعة...
= لا أعلم.
ثم قالت...
= ولكن على الأقل أعطيني هاتفك لأتصل بحبيبي علة يأتي إلى هنا ليحميني.
جز على أسنانة بعصبيةٍ بالغة على تلك الكارثة التي بلى نفسة بها، وجذب هاتفة من جيب بنطالة ليضعة أمامها بضيقٍ...
= تفضلي.
تناولتة منة وهي تردد بإبتسامة عابثة...
= شكراً لك آ...
ثم تسائلت بإستغرابٍ...
= ما إسمك؟؟
قال بسئمٍ...
= لا يهم.
رددت بغضبٍ...
= أنت فظ للغاية، ولكني أفضل منك.
ثم مدت لة يدها وهي تقول بإبتسامة سحرتة...
= أنا لوجين.
أبتسم وهو يردد ساخراً...
_أعلم...بل مدعو الحفلة بأكملهم علموا إسم العروس الهارب!
كبتت غضبها غيظاً، فكادت بأن تتحدث مجدداً فقطعها حينما قال...
= هيا أتصلي بة بدي موعد هام.
جذبت الهاتف ثم حاولت الإتصال برقمٍ كتبتة بعشوائيةٍ وهي تراقب إنفعالات وجهة ثم قالت بإبتسامة واسعة حينما إستمعت لصوت المتصل...
= مرحباً، هل أنت وسيم؟؟
إنعقدت تعابيرها بغضبٍ وهي تستطرد...
= مهلاً مهلاً، أيها الوقح لم أتعمد مغازلتك سألتك عن إسمك فحسب!، حسناً أغلق هذا الهاتف وإلا إقتلعت عنقك.
وأغلقت الهاتف ثم دفعتة تجاة عاصي الذي يتطلع لها هو والسائق بصدمةٍ، فقالت وهي تتطلع له بخجلٍ...
= بحقيقة الأمر أنا ليس لدي حبيباً، تلك كانت خدعتي لتخرجني من ذلك المكان.
جحظت عينية في صدمةٍ حقيقية، وهو يرى تلك الفتاة القصيرة تتلاعب بعاصي سويلم، الذي لم يجرأ أحداً على فعلها من قبل فتطلع لباب سيارتة ثم ردد بصوتٍ حاد...
= هيا إنزلي من سيارتي في الحال.
قالت بحزنٍ مصطنع...
= أتتخلى عني بتلك السهولة؟؟ ظننتك رجلاً شهم وستساعد فتاة بريئة بحاجة لمساعدتك ولكنك في حقيقة الأمر مثل قاسم لا تفرق عنة كثيراً.
ثم تركتة وهبطت من السيارة لتقف جانباً بحزنٍ مصطنع وهي تتصنع البكاء، مما جعلة يلكم نافذة سيارتة وهو يردد بضيقٍ شديد...
= اللعنة!
وفتح باب سيارتة ثم هبط ليقترب منها ثم قال بإستسلامٍ...
= حسناً سأساعدك...سادعك بمنزلي ثلاث أيام فقط حتى تدبري أمرك، لا تحلمي بأكثر من ذلك.
صفقت بيدها كالطفلة الصغيرة وهي تخبرة بفرحةٍ...
= لا تكفي، سأدبر أمري بعد ذلك... أعدك.
أومأ برأسة ثم قال بهدوءٍ...
= حسناً...أصعدي للسيارة.
صعدت لوجين لسيارتة بإبتسامةٍ نصر، فتحركت بهما السيارة تجاة منزل شقيقتة، وحينما توقفت أسفل البناية الراقية، قالت لوجين وهي تتطلع لأعلى البناية بإعجابٍ...
_هل تسكن هنا؟؟
لم يجيبها، بل قال بصرامةٍ...
= هل أنتهيتي من جاكيتي؟؟
فهمت مغزى حديثة، فخلعت جاكيتة ثم منحتة إياة، فلبسة على الفور ثم صعد الدرج وهو يقول بحدةٍ...
= أتبعيني.
صعدت خلفة حتى ولجت للمصعد ومن ثم توقف بالطابق المنشود، فخرج عاصي ومن ثم طرق الجرس مرتين متتاليتين، فقالت بإستغراب...
= أليس لديك مفتاحاً لمنزلك؟؟
لم يجيبها وظل صامداً كشموخ الجبل، ففتح رفيقة باب المنزل ثم قال بصوتٍ مرتفع حتى تسمعة زوجتة...
= لماذا تأخرت هكذا عاصي؟؟ ألا تعلم أني أنتظرك منذ ساعتين؟؟
لم يجيبة بل دفعة بقوةٍ حتى يفتح الباب على صراعية، فولجوا سوياً للداخل، لتقف شقيقتة هي وزوجها يتطلعون لمن تقف خلفة بصدمةٍ، وبأنٍ واحد قالوا سوياً...
= من تلك الفتاة؟؟