أسرع عاصي لخزانتة وجذب القميص الأقرب إلية وبنطال أسود اللون يليق عليه ليرتديهم على عجلةٍ من أمرة وجذب مفاتيح سيارتة ثم هبط مسرعاً للأسفل ليجدها تجتاز طريقة لتسدة من أمامة فتسائل باستغرابٍ...
= ماذا هناك الأن؟؟
فتحت دفترها الصغير وهي تخبرة بدهشةٍ...
= أخبرني أنت ماذا بك؟؟ فحسب قواعد قصرك الممل ذاك بأنك تتناول الغداء كل يوم في تمام الساعة الرابعة عصراً وأنت الأن تغادر بمنتهى البساطة؟!!
زفر بضيقٍ شديد وهو يجيبها...
= ليس الأن علي الخروج لأمر طارئ.
ودفعها من أمامة برفقٍ ثم كاد أن يستكمل طريقة فأوقفتة مرة أخرى وهي تتسائل تلك المرة...
= حسناً بإمكاننا وضع قاعدة إستثنائية ولكن عليك إخباري أولاً إلى أي مكان تقصد يا سيد؟؟
جز على أسنانة وهو يتمتم بغيظٍ...
= أتعلمين شيئاً أنا لست نادماً على شيء في حياتي إلا شيئاً واحد..
سألتة بإهتمامٍ...
= وما هو ذلك الشيء؟؟
أنطلق صوتة المنفعل يجلجل بالأرجاء...
= مساعدتك، فمنذ لحظة قدومك والمشاكل تتساقط على رأسي من كل إتجاة.
أخفت إبتسامتها ثم قالت بجديةٍ مصطنعة...
= دعك من هذا وأخبرني إلى أين تذهب بعدما إنتهيت من عملك!
مرر يدية على وجهة بقسوةٍ، إستسلم لأمرة أخيراً لذا أجابها من بين إصطكاك أسنانة...
= إيمان تلد بالمشفى، بربك أتركها وأجلس أتناول الغداء برفقتك؟؟
جحظت عينيها في صدمةٍ وركضت سريعاً تجاة الخزانة الجانبية لتجذب حذائها، ثم إرتدتة سريعاً والأخر يراقبها بدهشةٍ، وما إن إنتهت من إرتدائة حتى هرولت إلية تلتقط أنفاسها بصعوبةٍ وهي تشير إلية...
= هيا لنذهب.
رفع حاجبية بسخريةٍ...
= أنا سأذهب علمت ذلك ولكن إلى أين أنتِ ذاهبة؟؟
أجابتة بإبتسامةٍ واسعة...
= لرؤية المولود.
وتركتة يحاول إستيعاب ما يحدث وأسرعت للسيارة، لتجلس بالخلف جوارة ومازال هو يقف محلة يوزع نظراتة بينها وبين السائق الذي يكبت ضحكاتة بصعوبةٍ، فغلب على أمرة وصعد بالخلف جوارها فجلس السائق بمحلة هو الأخير، ينتظر أوامر سيدة إلى أى مكان سينطلق، فقال الأخير على مضضٍ...
= إذهب للمشفى.
تحرك السائق سريعاً للواجهة المنشودة، بينما بالخلف كانت هناك معركة دامية بالنظرات بين تلك العنيدة والشرس الذي لم يعتاد أن ينصاع لأمر أحداً.
**********
**********
صراخها تسبب لة بحالة مزمنة من الصداعٍ، فعدل من وضع الكمامة الطبية على فمة وهو يصيح بها بإنفعالٍ...
= إهدئي حبيبتي.
أمسكت برقبتة وهي تصرخ بألمٍ...
= بالله عليك يا عمر ساعدني، أشعر وكأن هناك خنجر يمزق أحشائي.
تأوه ألماً من غرس أظافرها في جلد رقبتة فردد بصوتٍ متقطع من الغضب...
= أخبرتك أكثر من مرة بأنني متخصص بالأمراض النفسية والعقلية، كيف سأساعدك؟؟!
إزداد حدة صوتها فنزع يدها عنة ثم قال بتعصبٍ شديد...
= سأنتظر بالخارج أفضل من أن تنقطع رقبتي.
وتركها وغادر للخارج يلهث وكأنة ركض لمسافاتٍ طويلة.
وصل عاصي ولوجين للمشفى وعلموا من الإستعلامات بمكان جناح النساء والتوليد فصعدوا سوياً للأعلى، فوجدوا عمر يجلس بالخارج على أريكة معدنية قريبة من غرفة العمليات ولجوارة إحدى الممرضات التي تضع اللاصقات الطبية على رقبتة وتقوم بمعالجتة، والأخر يصرخ ألماً ويؤدد بصوتٍ واهن...
= ضعيها برفقٍ.
ثم تطلع لها متسائلاً...
= هل تأذيت كثيراً؟؟
نفت ذلك بهزات رأسها، فإبتسم إليها متغزلاً...
= أشكرك كثيراً على إهتمامك بي.
وكاد أن يستكمل كلماتة اللطيفة، ولكنة إنتفض حينما أستمع لنداء يعلم صاحبة جيداً...
= عمـــــــــــــر!
نهض من جوارها سريعاً ثم أتجة لعاصي ولعق شفتية بأرتباكٍ...
= هل أتيت عاصي!!
ثم تطلع جوارة وهو يرسم إبتسامة بلهاء...
= مرحباً لوجين... كيف حالك؟؟
منحتة إبتسامة ساخرة قبل أن تمتم...
= بخير حال.
وبخبث إستطردت...
= أرى الممرضة تعالجك منذ فترة هل أنت بخير؟؟
أصبح وجهة قاتماً للغاية فقال بتلعثمٍ...
= كانت تعالج جروح رقبتي، فإيمان أحياناً حينما تتعصب تفقد التحكم بأعصابها.
ضحكت بصوتٍ مسموع جذب إنتباة عاصي إليها بشكلٍ أدهش عمر الذي شعر بأن رفيقة على وشك الوقوع بالحب للمرة الثانية، قطعت تلك اللحظة الطبيبة التي خرجت من غرفة العمليات للتو فهرعت إلية تخبرة...
= دكتور عمر، الولادة الطبيعية ستكون صعبة لها لذا سنلجأ للقصرية.
قال بقلقٍ شديد...
= إفعلي ما تجدينة مناسب.
عادت لغرفة العمليات مرة أخرى، فجلس عاصي على الأريكة القريبة من غرفة العمليات أما لوجين فحينما ألمتها قدميها جلست لجوارة، بينما ولج عمر لداخل غرفة العمليات بعد أن صمم على الإنضمام اليهما، ففي طبيعة الحال زوجتة في سبات عميق بفعل المخدر، أصبح المكان فارغ من حولهما، يسودة الصمت المطول، فقطعة عاصي حينما قال بثباتٍ تام...
= لماذا تكرهين قاسم هكذا؟؟
رفعت حاجبيها بدهشةٍ من سؤالة فأوضح مقصدة حينما قال...
= أقصد بأنة لا يوجد عيب يذكر بة، غني وأين عمك وفوق كل ذلك يحبك بجنون.
إبتسامة شبة ساخرة رسمت على محياها، فتحررت كلماتها التي أصطحبتها وابل من الدموعٍ جعلت عاصي في حيرة من أمر تلك الفتاة التي ترسم البسمة دوماً على وجهها...
= ربما لأنة يفرض نفسة علي، ولم يترك لي حرية الإختيار فمنذ الصغر وهو يتسبب لي بالحرج دائماً أمام أصدقائي، إن رأني أتحدث مع شخص يكسر ذراعية وربما يقتلع عينية، وأخرهما الدكتور الجامعي الذي تقدم لخطبتي وكنت قد أتخذت قرار بشأنة فتفاجئت حينما ذهبت للجامعة في اليوم التالي بأنة توفى جراء حادث أليم، كنت على علم بأن قاسم خلف ماحدث.
لمس عاصي جزء من معاناتها المخبأة خلف وجهها البريء، وخاصة حينما أستكملت حديثها...
= حتى أبي كلما أخبرتة بأنني أكرهة ولا أريدة كان يشرح لي ضرورة هذا الزواج بالنسبة للعائلتين.
ومسحت دموعها بأطراف يدها...
= أتعلم ربما ليس سيء لتلك الدرجة ولكن هو من جعل الكرة يتسلل لقلبي تجاهة بسبب أفعالة الإجرامية، يريد تملكي بأي طريقة كانت وكأنني سلعة تباع وتشتري..
وبعزمٍ شديد أضافت...
= ليس هذا الشخص الذي أريدة، لا أراة مناسب لي.
ومسحت العالق بأهدابها وهي ترسم إبتسامة صغيرة...
= دعك من أمري وأخبرني ماسر تعلقك بحبيبتك السابقة حتى تظل مخلص لها حتى بعد وفاتها!!
نغز صدرة بالألم فور تذكرة زوجتة وحبيبتة الراحلة، فإلتقط نفساً مطولاً حبسة داخلة لفترة طويلة قبل أن يجيبها بكلمات تشتق معاني العذاب بأكملها...
= عشقها مثل المخدر الذي يصعب التخلص منة، مجرد تردد ذكرياتها بعقلي يمنحني دفء يكفيني بمواجهة برد مشاعري القاسية.
تحمل الوخزات المؤلمة التي تضرب قلبة وأسترسل بصوته الرخيم...
= وجع فراقها لم يكن بنفس حدة وجع قلبي وأنا أراها كل يوم تواجة الموت، وخاصة بعد أن تغلب السرطان على جسدها بأكملة، ولم يعد بمقدرتها محاربتة.
أنسدلت دمعاتها على وجهها وهي تستمع لكلماتة الصادقة التي نقلت لها صورة مصغرة عما خاضتة فتغلبت عما يحاربها من حزنٍ عميق ثم قالت...
= ألم تمنح نفسك فرصة أن تنير فتاة أخرى ظلام قلبك الدامس؟؟
أبتسم وهو يجيبها ساخراً...
= برأيك أنني لم أحاول!! بالطبع فكرت كثيراً في فكرة الإرتباط وخاصة بعد أن تقدم العمر بي فأحياناً أفكر جدياً في عمري الذي قضيتة بالعمل وأتسائل أحياناً من الذي سيرث كل ذلك بعد موتي؟؟ والأهم من ذلك من الذي سيخلد إسم عائلتي؟؟
ورفع كتفية بإستسلامٍ...
= حاولت ولكني لم أستطيع، فبمجرد التطلع لإمرأة أخرى أشعر وكأنني إرتكبت جريمة عقابها أسوء من تخيلة!
أبتسمت لوجين ثم أخبرتة بإعجابٍ شديد...
= ليت قدري يجمعني برجلٍ يحبني مثلك.
رفع عينية تجاهها فصفن بها لدقائق، شعر بهما بأنة إستعاد جزء من حياتة، فتلك الفتاة غامضة بكل ما تحملة معنى الكلمة، من يراها يظنها طفلة ساذجة رغم عمرها المعقول، وأحياناً يشعر بأنها إمرآة ناضجة تمتلك من الحكمة والعقل ما يجعلها تحكم عالمة إنقطعت فترتة الوجيزة بتأملها حينما تسلل لمسماعهما صوت بكاء الرضيع، وبعد قليل خرج عمر بة يحملة بين ذراعية بإبتسامةٍ يتخلالها دمعات الفرحة والسعادة، ليضعة بين يدى عاصي الذي فشل بالتعامل معة، وكأنة يحمل شيء رقيق يخشى أن ينكسر بين يدية، فحملتة عنة لوجين لتردد بفرحةٍ...
= إنة جميل حقاً... ماذا ستسمية عمر؟؟
أبتسم وهو يتطلع لرفيقة...
= إختارنا الإسم سابقاً... سنسمية عاصي.
أتجهت نظراتة المندهشة لرفيقة فربت بيدية على كتفية وهو يردد بحنانٍ...
= أتمنى أن يكون مثل خالة يوماً.
منحة إبتسامة هادئة وقال بتمني...
= حفظة الله لك من كل سوء.
أنقطع الحديث بينهما حينما خرجت إيمان من غرفة العمليات فتتبعوها لغرفتها لتدنوا منها لوجين ثم قالت...
= حمداً لله على سلامتك حبيبتي.
أبتسمت رغم محاربتها للألم...
= أشكرك لوجين.
ثم نقلت نظراتها لأخيها لترغمة بإشارتها على التطلع تجاة لوجين التي تحمل الصغير بكل حب وحنان، لتعود لترشيحاتها الصامتة من جديد فهز رأسة بإستسلامٍ لعدم تغيرها بعد وإقترب ليطبع قبلة صغيرة على جبهتها وهو يهمس بإستهزاءٍ...
= حتى وأنتِ على فراش المرض تكتثرين لأمري!
همست بتعبٍ واضح...
= لن يرتاح لي بال إلا حينما تتزوج لذا عليك بالإعتياد على طريقتي المزعجة.
إنحنى عمر تجاههما ثم قال بصوتٍ منخفض...
= ماذا هناك؟؟
دفعة عاصي وهو يشير لة بصرامةٍ...
= حديثاً خاص بين الأخت وأخيها ما شأنك أنت بة؟؟!
حدجهما بنظرةٍ منفرة، ثم غادر للخارج قائلاً...
= حسناً... سأذهب لأرى الطبيبة حتى أسألها إن كنا سنغادر اليوم أم غداً.
فور خروجة إستأذنت لوجين هي الأخرى بحجة رغبتها بإحتساءٍ كوب من القهوة، ولكنها فضلت الإنسحاب حينما شعرت بحاجة إيمان بالحديث مع أخيها على إنفراد فهبطت لكافية المشفى الخاصة لتواجة أسوء كوابيسها.