عاد للقصر على الفور، والدماء تفور داخل أوردتة، فما أن توقفت السيارة حتى أسرع بالهبوط ومن ثم ولج للقصر باحثاً عنها بغضبٍ عاصف، فإهتدت عينية على الخادمة التي تنظف الطاولة القريبة منة فصاح بصوتٍ جمهوري...
= أين تلك البلهاء؟؟
إرتعبت الخادمة من ملامحة المتعصبة، فأشارت بإصبعها المرتجف على مكتبة، فتهجمت معالمة وهو يتسائل بدهشةٍ...
= ماذا تفعل بمكتبي الخاص؟؟
أشارت إلية بكتفيها بقلة حيلة، فتركها وإستكمل طريقة للداخل، فتفاجئ بها تجلس على مقعد مكتبة وتضع قدميها على حافة المكتب المرتب، وبين يدها ثلاث من هواتفة الهامة، فبدت حائرة بالرد على أي منهما، فرفعت سماعة إحداهما ثم قالت بإبتسامةٍ واسعة...
= أهلاً بكِ في قصر الأربعينى الأعزب، أنا لوجين سكرتيرتة الخاصة من أنتي؟؟
أنصتت للجهة الأخرى ثم قالت بذهولٍ...
= ماذا 120كيلو!! حسناً أقترح عليكي إتباع حمية غذائية والإتصال بأحد النوادي الرياضية بدلاً عنا.
وأغلقت الهاتف وهي تهمس بسخريةٍ...
= تريد أن تسحق بحزامٍ ناسف وليس الزواج!
وأمسكت القلم من أمامها ثم وضعت علامة «×» أمام الإسم المطروح أمامها، ورفعت السماعة المجاورة لها لتستقبل مكالمة أخرى، لترسم إبتسامة مصطنعة وهي تردد...
= مرحباً... أهلاً بكِ... حسناً فلتخبريني سريعاً هل يتعدى وزنك المائة كيلو؟؟
ارتخت تعابير وجهها الرقيق حينما إستمعت لما قالتة ثم قالت بحماسٍ...
= بالطبع بإمكانك الحضور غداً لمقابلة عاصي سويلم.
وأغلقت الهاتف بإبتسامة غرور...
= أشعر وكأن مشكلة ذاك المعقد على وشك أن تحل وربما سيتبدل حال هذا القصر الكئيب حينما يتزوج بفتاة مرتبة.
= وهل قدمت لكِ شكوة بأنني أعاني هنا؟؟
كلمات إنطلقت من فاهة يعصبيةٍ شديدة، جعلتها ترتد عن مقعدها بفزعٍ، فرفعت يدها على صدرها وهي تتحكم بدقاتها المتسرعة...
= أفزعتني!! ألا يمكنك الحديث بصوتٍ منخفض؟؟
أنهى المسافة بينهما، حتى أصبح قريباً منها وبصوتٍ كالرعد قال...
= أنتظري قليلاً... فالقادم أبشع مما يحدث الآن.
ومن ثم جذبها من تلباب قميصها الوردي وهو يصرخ بإنفعالٍ...
= أخبريني ما تلك الجلبة التي صنعتيها؟؟ فتاة ماذا التي تبحثين عنها لي؟؟!
قالت بإبتسامةٍ واسعة...
= أنت لا تعلم شيئاً من حل تلك الأمور المعقدة، أنت بحاجة لفتاة لتتخطى تلك الازمة التي تمر بها وحدها فقط الفتاة من ستساعدك.
جز على أسنانة ومن ثم شدد من ضغطة على خصلات شعرة قبل أن يقول...
= وأنتِ من ستقررين عني؟؟!
أجابتة بكل غرور...
= أجل.
لعن ذاتة في تلك اللحظة على تقديمة المساعدة لتلك الحمقاء، فتشبث بأخر ذرة أعصاب يمتلكها ثم قال...
= أسمعيني جيداً.. سترحلين من هنا بعد يومين فقط لذا إجلسي باحترامك حتى تنقضي مهلتك.
وكاد بالخروج من الغرفة، فإتبعتة وهي تشير لة بحماسٍ...
= مهلة كافية لإختيار شريكة حياة مناسبة لك أيها الوسيم.
أستدار تجاهها ليحدجها بنظرةٍ قاتلة، فجذبت لوحة الأسماء ثم جلست تتابع عملها وهي تردد بصوتٍ منخفض بعض الشيء...
= لقد ساعدتني في التخلص من ذاك الأرعن قاسم لذا سأساعدك بتخطي عقدتك تلك وسترى بذاتك.
أطبق على شفتية بقوةٍ كادت بأن تبترها، وأستكمل طريقة للأعلى هامساً بحنقٍ...
= يا الله ماذا فعلت بنفسي؟؟!
********
********
بعيادة الدكتور عمر أيوب الخاصة بالعلاج النفسي.
أرتشف كوب قهوتة التي تعدت السابعة، وهو يتأمل خبر الموقع للمرة التي نسى عدها هامساً بقلقٍ...
= ترى ماذا أصابة؟؟
وأردف بعد مهلة من التفكيرٍ...
= من المؤكد أن تلك الفتاة غريبة الأطوار أصابتة بالجنون فبات يبحث عن عروسة علناً بعد أن بات عازباً لأكثر من عشرة أعوام.
أغلق حاسوبة وهو يدندن بسخريةٍ...
= زوجتي تحمل هم أخاها بينما هو يبحث عن عروسة بين شبكات الإنترنت!! شيئاً عظيم يدعوا للفخر حقاً.
جذب الهاتف الموضوع لجوارة ثم صاح بضيقٍ...
= أحضر لي فنجان من القهوة وأدخل أول حالة.
وبالفعل ولجت أول حالاتة، لتتمدد على السرير المريح ومن ثم بدأ بأول جلساتة، فإذا بصوتٍ من الضوضاء يأتي من الخارج ليتبعة صوت إصطدام قوي فلم يكن سوى باب المكتب الذي دفعتة إيمان بقوةٍ لتدنوا من زوجها الماسد جوار مريضة ثم صاحت بحدةٍ...
= أخبر تلك الممرضة الحمقاء بألا تمنعني من الدخول إليك بأي وقت.
تحولت نظراتة لتلك الممرضة البائسة التي تعاني من تسلط هرمونات زوجتة التي توشك على الولادة، وكلما شعرت بتعبٍ بسيط هرعت إلية وكأنة طبيب متخصص بالنسا والتوليد، وضعت إيمان يدها حول خصرها وهي تتأوة بألمٍ...
= أنت أيها الأبلة متى ستشعر بعنائي؟؟
سلطت نظراتة على المريض المستلقي، ثم قال بحرجٍ من طريقتها...
= أخفضي صوتك حبيبتي، ستضيع مسيرة أعوام دراستي بالطب بسبب أفعالك الجنونية تلك.
لوت شفتيها بسخطٍ، وهي تصرخ بوجهة...
= أهذا كل ما يهمك؟؟ شهاداتك والمرضى فقط!!
هز رأسة بخفوتٍ، فجزت على أسنانها بغيظٍ ثم تركتة وإتجهت للسرير المريح لتلكز المريض بغضبٍ..
= أأصابك العمى مثل طبيبك؟ أترى إمرأة حامل وعلى وشك الولادة في أي لحظة تقف بينما تسترخي براحةٍ هنا!
ودفعتة بعيداً عن الفراش ثم تمددت وهي تشير لزوجها المنصدم مما يحدث...
= هيا أفحصني وأخبرني ماذا هناك.
وزفرت ببطءٍ وهي تخبرة...
= أشعر وكأن إبني ليس على ما يرام وخاصة بعد أن قمت بتنظيف ملابسك المتسخة بنفسي.
عبث بعينية وهو يجيبها...
= لا تقلقي عزيزتي سأكف عن إرتداء الملابس سأتعلم كيف أعيش عارياً لأجل سلامة الولد وسعادتك.
وسألها بثباتٍ مصطنع...
= هل أنتي على ما يرام الآن؟؟
أومأت برأسها بإبتسامةٍ نصر، ثم قالت...
= بدأ الأمر يروق لي، والآن أطلب لي عصير حتى تهدأ أعصابي قليلاً.
تحكم بإنفعالاتة الثائرة، ثم أشار للممرضة بأيتسامةٍ يرسمها بالكد...
= أحضري لها كوبين باردين من العصير رقية وأحرصي على ألا تتأخرين بعودتك وإلا أبتلعتني حياً.
كبتت السكرتيرة ضحكاتها وهي تسرع بالخروج لتنفذ طلبة فجذب عمر المقعد ثم قربة منها وهو يناديها بخوفٍ...
= هل أنتي بخير الأن إيمان؟؟
هزت رأسها بإبتسامة واسعة فلعق شفتية الجافة بإرتباكٍ مما سيقول...
= حسناً حبيبتي، أريدك أن تنصيتي إلي جيداً، إن إستمريتي بالقدوم إلى هنا وطرد المرضى من أين سنجني المال لولادتك؟؟
ضيقت عينيها بضيقٍ من حديثة ثم قالت...
= ماذا أفعل عمر؟؟ فحينما أشعر بالألم يهاجمني أخشى أن يكون موعد ولادتي لذا أتي إليك سريعاً.
أصطنع إبتسامتة ثم قال...
= يكفي أن تمنحيني مكالمة وأعدك سأتي اليك سريعاً بدلاً من إفتعال الفضائح كل يوم.
إحتدت نظراتها الغاضبة وصرخت بشراسةٍ...
= ماذا تقصد بحديثك يا هذا؟؟!
أبتلع ريقة بخوفٍ وهو يجيبها...
= لا شيء حبيبتي أنا فقط كنت آآ..
أبتلع كلماتة حينما وجدها تحتضن بطنها وتصرخ بجنون...
= آآه.. عمر أشعر بوجعٍ شديد.
وأتبعها صرخة أكثر ارتفاعاً وقولاً يلاحقة...
= سيأتي الولد عمر... آآه..
حملها عمر ثم هرول للأسفل ركضاً، فوضعها بسيارتة ثم حمل هاتفة ليطلب عاصي الذي أجابة بتأفف...
= ماذا بعد؟؟
أتاة صوتة اللاهث بلهجتة الساخرة...
= أعتذر منك أيها الأعزب الوسيم، أخشى إن كنت سأعطلك عن مقابلة هامة تخص مستقبلك الوردي ولكن وددت أن أخبرك أن أختك ستلد الأن إن كان بمقدورك الحضور سيكون كرماً منك.
رد علية بجحيمٍ مهلك...
= سأقتلك ذات يوم.. تذكر ذلك!
ثم أغلق الهاتف بوجهة وهو يلعن هذا اليوم الغامض في حياتة الذي بدأ بما فعلتة تلك الحمقاء وأنتهى بشقيقتة وزوجها.