إستحوذت الصدمة عليهما، فلأول مرة منذ سنوات يصطحب عاصي سويلم فتاة معة، كانت هند المرأة الأولى والوحيدة بحياتة، ولقد حاولت شقيقتة إيمان أن تجد لة عروس مناسبة، ولكنة رفض في كل مرة أتت لة بفتاة مختلفة، وأخبرها بأنة لا يفكر بالإرتباط بعد موت خطيبتة وحبيبتة هند، وهي الآن تراة يقف أمامها وبصحبتة فتاة جميلة للغاية، تجاهل عاصي السؤال المطروح، فعادت شقيقتة لتسألة من جديدٍ...
= من تلك الفتاة عاصي؟؟
أبتسمت وهي تقترب منها، لتجيبها بإبتسامةٍ عذباء...
= أنا لوجين، وأنتي ما إسمك؟؟
إنتقلت نظراتها المتعجبة تجاهة، ومن ثم أشارت لة هامسة...
= أخبرني عاصي؟!!
جذبهما برفقٍ للغرفة القريبة منة، ثم أغلق بابها ليلتفت إليها ومن ثم قص على مسماعهما ما حدث، فقال عمر بصدمةٍ...
= دعني أستعب ما قلتة لتو... أيعني ذلك أن تلك الفتاة بالخارج هي خطيبة قاسم خلدون والذي من المفترض أن تتم صفقة بينكما في نفس يوم خطبتهما، فخطفتها أنت لأنها لم ترد الزواج منه؟؟!! بربك يارجل مع من تورطت؟!!
أبتسمت إيمان لتقطع حديث زوجها بحماسٍ...
= دعك من هذا يا عمر، كل قصص العشق والغرام تبدأ بمثل تلك الأحداث، أنا الأن متفائلة بأن تلك الفتاة ستفعل ما عجزنا نحن عن فعلة.
أستدار تجاهها عاصم ثم صاح بها بإنفعالٍ...
= هدئي من روعك إيمان لن يحدث ما تتمنية أبداً، أخبرتك مراراً بأن قلبي مات باللحظة التي رحلت بها هند.
ثم تركها وخرج من الغرفة ليجلس على الأريكة مقابل لوجين التي تنتظرهما بالخارج، فما إن جلس جوارها حتى قالت بخجلٍ...
= أتمنى ألا أكون تسببت لك بالحرج مع عائلتك سيد عاصي.
لمس بحديثها خجل مخفى، وها قد أستكشف بها جانب جديد جوار مشاكستها وجرائتها التي أثارت إعجابة، لم ينكر بأن تلك الفتاة بها شيئاً يثير إعجابة، ولكنة علل لذاتة بأنة لم يتخلى عن أحداً قط حتى يتخلى عنها وهي بحاجة لمساعدتة، فقال بصوتة الرخيم...
= لا أبداً...شقيقتي كانت تود الإطمئنان علي فحسب.
قاطع عمر الهمس المتلهف بينهما، حينما قال بترددٍ...
= تفضلا بالداخل.
لم يفهم عاصي لماذا يريد منة الدخول، فغمز بعينية وهو يخفض من صوتة خشية من أن تستمع لة زوجتة...
= المفاجأة التي أخبرتك عنها يا رجل ما بك؟؟
إبتسامة شبه ساخرة رسمت على محياة، بينما نهضت لوجين عن مقعدها وهي تشير إلية بحماسٍ..
= أي مفاجأة هذه؟؟ هيا أخبرني.
أشار لها بأن تتبعة، فإتبعتة للداخل ومن خلفهما عاصي، فوجد شقيقته قد زينت لغرفة بأكملها بالبلالين الحمراء، والشموع ووضعت طاولة كبيرة بمنتصف الغرفة، تحوى قالب عملاق من الكيك المغرق بالشوكولا الشهية، وكتبت على سطحها بالكريمةٍ..《عيد ميلاد سعيد عاصي》
تطلع تجاهها وهو يمنحها إبتسامة حنونة، فلم يعد يملك بهذا العالم سواها هي وصديقة الوحيد، لا يعلم ماذا كان سيفعل بدونهما!
ساد الصمت بينهما حتى طوت صفحتة صفقات تلك الفتاة وأتبعها صياحها...
= أعتقد أنني هنا بالوقت الصائب، هيا فلنقطع الكعك.
أبتسمت لها إيمان ثم قالت...
= فلنحضر السكين والأطباق إذن.
أومأت برأسها ومن ثم إتبعتها للمطبخ ومازالت نظرات عاصي المندهشة من تلك الفتاة التي سرعان ما تتأقلم مع الأغراب تتابعهن حتى خرجن من الغرفة، فأسرع عمر تجاهة ثم جذبة على الأريكةٍ ليردف بشكٍ...
= هيا أخبرني الحقيقة وإلا أستدعيتك بعيادتي الخاصة لقولها من تلك الفتاة؟؟
أبعدة عاصي عنة ثم قال بسخريةٍ...
= أتظن بأن حيلتك الساذجة تلك ستجدي نفعاً معي مثلما تفعل مع المرضى المختلين؟؟!
رد عليه بضيقٍ...
= وظيفتي تحتمني على النبش داخل ماضيهم وحاضرهم فأنا دكتور بنهاية الأمر يا صاح!
دفعة بشراسةٍ قبل أن يجيبة...
= حسناً فلتمارس تلك المهنة بعيداً عني وإلا سأقتلع عنقك.
أبتعد عنة ببعض الخوف...
= إهدأ، كان مجرد نقاش عادياً لماذا إنزعجت هكذا؟؟
إستقام عاصي بجلستة ثم عدل من قميصة لينتبة كلاً منهما لصوت الضحكات المرتفع الذي يقترب حتى بات بالغرفة نفسها، فما كانت سوى ضحكات إيمان ولوجين المرحة بعدما تعرفت كلا منهن على الأخرى، فكونت صداقة سريعة بوقتٍ لم يستغرق الثلاث دقائق!
ناولت "إيمان" زوجها السكين، قائلة...
= هيا عمر فلتقطع الكعك.
جذبت منها لوجين السكين سريعاً ثم قالت بدهشةٍ...
= مهلاً... مهلاً.. سنقطع الكعك بتلك السرعة؟؟!
تسائل عاصي بإستهزاءٍ...
= وماذا يفترض بنا أن نفعل؟؟
دارت حول الطاولة وهي تدندن بدلالٍ...
= happy birthday عاصى.
دارت عدة مرات وهي تغني بصوتها العذب، لتتوقف بعد فترة قصيرة لتشير لعاصي الذي يرمقها بنظراتٍ حادة...
= هيا إقترب لتطفئ الشمع.
إنتقلت نظراتة تجاة أختة وزوجها فوجدهما يتطلعوا لبعضها البعض وفمهما يكاد يصل للأرض من شدة الصدمة، فكان عمر أول من تماسك ليعود لثباتة فدفع عاصي برفقٍ وهو يخبره مازحاً...
= ماذا تنتظر؟؟ هيا أطفئ الشمع!
تحولت نظراتة القاتمة تجاهة، فبعد يدية عنة وهو يردد بخوفٍ...
= أعتذر عن ذلك، أفعل ما تريد.
راقبت لوجين ما يحدث بينهما ثم تسائلت بإستغرابٍ...
= ماذا هناك؟؟ كل شيئاً على ما يرام أليس كذلك؟؟
جذب عاصي السكين منها ثم قطع الكعك، ليضعة بالأطباق، ثم ناول عمر أحدهم وهو يردد بغيظٍ...
= أجلس جانباً ثم تناول الكعك.
كان إنذار صريح إلية بأن يكف عن الحديث، فجذب زوجتة ثم جلس جانباً، أما لوجين فجلست على المقعد تتناول ما قدمة لها بشراهةٍ، وخاصة الشوكولا، خرج عاصي للشرفة ليضع طبقة جانباً والحزن يسيطر على معالمه، مازال يتذكر وجودها لجوارة بمثل هذا اليوم الذي بات أتعس يوماً بالنسبة إلية، كل مناسبة تخصة باتت نقمة علية بدونها، لا يعلم كم ظل على هذا الحال، ساعة أم ساعتين قضاهما وهو يتطلع للنيل بشرودٍ، أفاق من غفلتة حينما وجد أختة تقترب منة بحزنٍ أتبع لهجتها...
= ما بك عاصي؟؟ أمازلت لا تستطيع نسيانها؟؟!
نظراتة الضائعة إليها كانت بمثابةٍ إجابة صريحة لها، فربتت على يدية الممدودة على السور بحنانٍ...
= حاول أن تنسى ذكرياتها المؤلمة، عشر سنوات ومازلت كم أنت وكأنها توفت بالأمس، العمر يمضي فمتى ستحتفظ ببعض الذكريات لنفسك عاصي!
زفر ليخرج العالق برئتية ومن ثم قال...
= لا أريد الحديث عما مضى إيمان.
وتركها وولج للداخل فوقف مشدوهاً حينما رآها غفلت محلها كالطفلة الصغيرة التي إتبعت أبيها لمشوارٍ هام ثم غلبها النوم، حك طرف أنفة وهو يردد بإستياءٍ...
= لا أصدق!