إنه لمن المحزن جدا أن تكبر بذرة الحب في تربة خاطئة حتى حين تصير تلك البذرة الصغيرة شجرة تدرك أنها لن تثمر يوما.
الحب الصامت المحبوس في قلب نقي متألم قاتل للروح أحيانا، والقلب الذي يعيش مشاهدا محبوبه يسير بخطى واثقة نحو طريق مختلفة لا تجتمع به يغدو أحر من جمر ملتهب في الأحشاء. يا له من حزن!
رغم هذا الكم من الشجن والآهات المقموعة، تظن ليلى أن بيد الإنسان دوما أن يتوقف، أن ينظر إلى نفسه بعض الوقت، يقدر أنه يستحق الأفضل، يستحق الحب الكامل، الحب الشبيه بقطعة من الفردوس فوق الأرض، ولهذا وحين قرأت رسالتها المؤلمة ورغم ما أصابها من هيجان روح فإنها بقيت ترى الأمل الجميل يزهر في نهاية حكاية اليوم.
تقول مراسلتنا لهذا اليوم بكلمات صنعت من خفقات الروح:
"أكره عدم قدرتك على معرفتي.
كنت فتاة بالتاسعة بإدراكٍ يتفوق على أقراني. فضّلت دوما البقاء مع أقربائي المراهقين وأصدقاء العائلة الأكبر سناً.
كنتَ صديقاً للعائلة، ذا شخصية مرحة وعفوية، تعجبني بكل ما تفعله، مما جعلك صديقي المفضل بينهم. فتى السادسة عشر، ذو ابتسامة تجعلني أبتسم معك دون إدراك.
كانت العطلات أكثر ما يبهجني، حيث تكثر تجمعات العائلة والأصدقاء ونمضي ساعات نمرح معاً. يوماً بعد يوم كنت تصبح قدوتي الأعظم، شعور غريب يغمرني عند رؤية إبداعك في أي مجال، فتلهمني لتجربته بكل إصرار لتكثر الأسباب التي تجمعنا.
بدأت فجأة بتسميتي بألقاب لطيفة، وبذكر نقاط التشابه الكثيرة بيننا وبين أشياء وذكريات تحبها.
أصبح الجميع يراني كإحدى قريباتك الأكبر سناً شكلاً وتصرفاً، كنتُ نسخة مصغرة لقريبتك المحبوبة التي تركت البلاد مع عائلتها وحرمتم من رؤيتها تزهر وتنشر إيجابيتها بينكم.
استمر الحال لسنوات، أدركت معها أنك الوَلِه المشتاق لها، وأن رفقتي تعيد كل المشاعر الجميلة لذكراها. أدركت أيضاً أنها حبك الأول الذي لم ينضب لسنوات، فغيّرت نفسي.
تقمصت أمامكم دوراً آخر، وشخصية بعيدة كل البعد عن القريبة المحبوبة، حتّى صارت شخصيتي تميزني بينكم، وتحول لطفك الشديد سابقاً لصداقة لطيفة، نلعب و نمرح ووجدت نفسي أصبح كالأخت المدللة لك.
إدعاء الشجارات أمام الآخرين، وتحدي الغناء الذي نقيمه بيننا لنريهم أيهم أقبح صوتاً، والإزعاج اللامتناهي الذي ينتهي بسرقة الهواتف وإفساد ما بها، كانت أفضل ذكرياتي. علمت حينها أن الحب الثاني، حب الشقيقة الصغرى، هو الأقرب لقلبي. لكني لا أنكر الغيرة التي اشتعلت بقلبي حين تخطيت القريبة المحبوبة وأصبحت كثير الحديث عن فتاتك الجامعية .
تلك الفتاة التي وضعتَ رسوماتها الجميلة بجانب بطاقات الأعياد الملونة التي كنت أصنعها بصغري، والتي حاولتُ انتزاعها منك بحجة المراهقة المحرجة من الطفولة الآن.
تلك الفتاة التي تريني صورها مراراً وكيف تراها الأجمل بين النساء. تلك الفتاة التي سأشاهدها بثوب الثلج الأبيض قريباً تقف بسعادة تنتظرك لتأخذ كفها بكل حب وتزينه بحلقتكما الأبدية.
الحب شعور السلام والألفة، شخص تحبه ستجده ينظر إلى روحك كما هي. لا أعلم إن كنت بنظرك طفلة التاسعة البعيدة عن رفاقها أم التوأم الذي لم يوجد للقريبة المحبوبة أم مجرد فتاة مزعجة تبدأ بالضرب عند إحراجها، أم الفتاة المكتئبة التي ابتعدت عن الجميع خلال عامك الآخير معنا قبل رحيلك، لكني أحببتك. أحببتك حباً نقياً صادقاً، يثلج صدري ويدمع عيني عند ذكراه.
لا أعدك أني لن أقدم على ارتكاب فعل سخيف في يومك المنتظر قريباً، لكنه بالتأكيد سيجعل الجميع يضحكون بينما أشاركهم ويدمع القلب دموع وداع أخير لما كنّا عليه.
مهما كان مسمى ما جمعني بك."
انتهت الرسالة هنا، لعل كم المشاعر الراقية بعثرت أفكار ليلى وشوشتها فتلعثم الحرف على أوراقها وباتت تحتاج عونا من كل فراولة قد قرأ هذا الفصل ليتحدث عن لسانها بكلمات تعيد لصاحبة هذه الرسالة أفراحها.
اليوم دوركم أنتم لتكونوا ليلى، احملوا أقلامكم الرقيقة واكتبوا لصديقتنا المتألمة، اكتبوا لها كلمات تفتح في روحها بستانا متوهجا بشتى الألوان.
ستقوم ليلى بجمع جميع تعليقاتكم، سوف تختار الأفضل منها وتنسقها في رسالتها القادمة مع ذكر أسمائكم بالفصل.
متشوقون جدا لقراءة وجهات نظركم وأفكاركم ونصائحكم.
ومجددا، إن أردتم كتابة رسالة إلى ليلى ننشرها ضمن فصول كتابنا هذا ونناقشها معا، راسلونا عبر هذه الاستمارة، سنقرأ كلماتكم ونرسل لكم محبتنا الخالصة حبرا دافئا كالعناقات.
إلى اللقاء القريب فراولتنا!
أنت تقرأ
رسائل إلى ليلى
Acakلربما تمتلك ذكريات عالقة لا تستطيع تجاوزها، بعض المشاكل العاطفية، بعض الأفكار والأسئلة التي تريد طرحها على شخص يرشدك وينصحك دون نقدك... أو ربما تريد الحديث فقط. هذا الكتاب مخصص لك، أكتب لنا رسائلك وانتظر رسائلنا إليك!