الجزء الاول

307 13 1
                                    


تستيقظ الام على صوت دقات المنبه ، تتثاءب وقد غشاها لذة النوم بل و اشتهت ان يكون اضغاث احلام ريثما تستمتع بنومها مجدداً ، لكن سرعان ما تفرك بيدها عينها وتتذكر ما ينتظرها من مشاغل الحياة لها و لزوجها و اولادها .

تنظر الى الساعة تجدها السابعة صباحاً. تنهض وهى تقاوم دفء الفراش و لذته ، و تقوم بفعل اول شيء عادةً ما تفعله كل صباح ، تقترب الى ذلك الراديو الذى يوضع خارج الغرفة على منضدة صغيرة.

و تقوم بتشغيله لتسمع الاتي ( اذاعة جمهورية مصر العربية من القاهرة .... فؤاد المهندس .....كلمتين و بس) بعدها تذهب لتقوم بتجهيز الإفطار.

ثم تذهب لكى تقوم بإيقاظ الجميع و قد بدأت بغرفة ابنتها لأنها اول من تغادر المنزل .

طرقت الام باب الغرفة التي تقع في اخر ممر طويل لا يتعدى الخمسة امتار في بيت كبير به اربع غرف كبيرة تشبه البيوت الكبيرة في العهد العثماني .

طرقت الام الباب و َنادت ابنتها لكنها لم تجب ، حاولت فتح الباب لكن الباب مغلق من الداخل طرقت كثيراً لكن لم تجب ، تعجبت الام ليس عادة ابنتها !

نادتها كثيراً و لا تجب ! بدأ القلق يتسرب الى قلب الام المسكينة

اسرعت الى ابنها تستنجد به لكى يرى ماذا اصاب شقيقته (علياء)

علياء ابنة السادسة والثلاثون من العمر جميلة جداً و جذابة، متوسطة القامة ذات قوام متناسق، بشرتها بيضاء و لها انف دقيق متناسق مع وجهه مستدير وعيون واسعة زرقاء و ساحرة.

اسرعت والدة علياء وكانت تدعى فاطمة ، امرأة في اواخر العقد الخامس من العمر ، من اصول تركية ، حيث يعود اصولها من المهاجرين الاتراك الذين استقروا في مصر قُبيل نهاية الدولة العثمانية ، لها وجه ابيض مُشرب بحمرة على وجهها بعض التجاعيد ، تروي قصة اكثر من خمسين عام .

فاطمة وقد بدى على وجهها علامات القلق والخوف، كأن يطاردها ليث ،

تقتحم غرفة ابنها عبد الرحمن صاحب الواحد والعشرون عاماً شاب طويل قوي البنيان موفور العضلات ذو لحية صغيرة تزين وجهه. عصبي المزاج ويحب الرياضة كثيرا خاصة كرة القدم المولع بها، بالإضافة الى الملاكمة والتي يخوض بها البطولات المحلية مع احد الاندية القريبة من الحي الراقي الذى يقيمون فيه .

اقتحمت غرفته وهى ترتجف وقالت : عبد الرحمن أغثني اغثني بسرعة.

طرقت الباب على علياء كثيراً لكن لم تجب ندائي.!

فزع عبدالرحمن و هب بسرعة ليرى ماذا حدث مع علياء، ظل يطرق عليها باب غرفتها بقوة لكن لم تجب .

عندها قرر عبدالرحمن استخدام قوة جسده بتوجيه ضربات متتالية بكتفه القوى الى باب الغرفة حتى فتح الباب. و اندفع مثل ثور هائج الى داخلها .

عندها وجد علياء نائمة على سريرها كأنها طفل برئ يغوص في احلام سعيدة لا يأبه لشيء البتة .

اقتربت فاطمة وامسكت برأس ابنتها الجميلة تحاول إيقاظها.... لكنً دون جدوى.

نظر عبد الرحمن الى جوار شقيقته فوجد رسالة بها قصة حزينة وضعت بجوار وسادتها محتواها ما يلي (سامحوني لم اعد استطع التحمل .

لقد فاق ما يحدث قدرتي على الصبر . لقد ايقنت ان الدنيا تتعنت معي.

وليس هذا فحسب ! بل نظرات الناس لي التي كانت كالسهام التي تصيبني في مقتل! هذا غير كلماتهم الجارحة والمارقة و اقحام انفهم في حياتي.

كل هذا دفعني الى قراري بالابتعاد عن هذا العالم الجاهل الجهول الذى اخذ منى الكثير، ودفع بي الى بحر من الهوان و القهر والحزن . اعلم ان ما اقوم به جريمة بحق الله ثم حق نفسي، لكن لعل الله يرحمني لأنه اعلم بما حدث معي. ارجوكم لا تنسوني من الدعاء ان يغفر الله لي و يتجاوز عن جريمتي تلك .....علياء)

لم يصدق عبدالرحمن ما قراء وظل يٌحملق بعينه في الغرفة بنظرات سريعة ثم وقعت عينه على منضدة بجوار سريرها ، اقترب منها فوجد شرائط أدوية فارغة فصرخ بألم شديد!

و قال : لا لا يا علياء ارجوكِ لا ترحلِي عنا.

وبسرعة حملها بين ذراعيه واسرع بها الى سيارته لكى يأخذها الى المستشفى الخاص الذى يجاورهم في احد الشوارع الرئيسية.

وصل الى المستشفى وترجل منها بسرعة وحملها و هو يصرخ بحرقة والم انقذوا اختي ، انقذوا علياء ! و دموعه تسيل على وجنتيه، و فاطمة خلفه حافية القدمين، تصرخ و تطلب المساعدة من الجميع.

هرول اليه بعض العاملين بالمستشفى واخذوها منه الى غرفة العمليات .

و ظل عبد الرحمن و والدته بالردهة يبكون ! وتدعى الام الله سبحانه وتعالى ان يشفى ابنتها ، بل ُتنذر لله ان تُصبغ على الفقراء بالكثير من المال ، لو اتم الله شفاء ابنتها وعادت الى طبيعتها والى الحياة. بعد مرور بعض الوقت تذكرت الام زوجها المهندس احمد عبدالرحمن والد علياء فقالت : يا عبدالرحمن اخبر والدك بما بتلك القصص حتى يأتي الينا بسرعة.

نظر اليها عبدالرحمن و قد كسا وجه عبارات التردد وقال: لا اريد ان اسبب له القلق يا امي!. لكن اصرت والدته ان يعلم زوجها بما حدث، وبالفعل امسك بهاتف المستشفى و اتصل عبدالرحمن على والده واخبره

لم يكذب المهندس احمد الخبر واتى بسرعة الى المستشفى و قد تصبب جبينه عرقا ويرتجف مثل سعف النخل في يوم شديد العاصفة

يرتدى على جسده النحيل قميص ابيض ناصع على بنطلون اسود، و يبدو للوهلة الاولى لمن يراه البساطة و طيبة القلب.

عندما رأى عبدالرحمن والده هكذا ! اسرع اليه يمسك بيده و يهدئ من روعه ويقول : اهدأ يا ابى كل شيء سيكون على ما يرام ...ان شاء الله.

اخذ عبد الرحمن والده الى والدته وهو يخبره عن تفاصيل الامر.

جلس المهندس احمد و وضع رأسه بين كفيه و هو لا يصدق ان علياء ابنته قد اقدمت على قتل نفسها ! مر اكثر من ساعتين والقلق والخوف والترقب يغشى الجميع ،

حتى خرج احد الاطباء من غرفة العمليات ، عندها هرول اليه عبدالرحمن و قال له بلهفة و قلق : خيراً ماذا حدث ؟ هل علياء اصبحت بخير ؟

ترى ماذا حدث ؟
#انتظروني

جعلوني عاقراحيث تعيش القصص. اكتشف الآن