فَوضَى.
الإرهَاقُ لَيسَ عَدُوًا صَعبًا يُواجِهُكَ فِي يَومٍ أو إثنَين، إنَّهُ لاَ يُشبِهُ صِفةَ الكَسلِ عَلى الإطلاَق، فيُمكِنُ التَّخلُّصُ مِنهُ بقَليلٍ منَ الرَّاحَةِ أو بمَشرُوبٍ يَهبُ جَسدَكَ بَعضًا منَ الطَّاقَة، الكَسلُ رَفيقُ السُّوءِ فِي حَياةِ الكَثيرِين، ويَبدُو أنَّنِي واحِدَةٌ مِنهُم، يُمكِنُنِي قَولُ ذلكَ فقَط بالنَّظَرِ إلَى وَضعِيَّتِي الغَريبَةِ علَى الأرِيكَةِ الآن، وهذِهِ الفَوضَى الَّتِي تَغرقُ بهَا غُرفَةُ المَعِيشَة، أورَاقُ العَمَلِ مُبَعثَرةٌ علَى الطَّاوِلةِ وجِهَازُ اللَّابتُوب مُنارُ الشَّاشَةِ مُوجَّهٌ نَحوِي، كَانَ كِيسُ الشِّبسِ مُلقًا علَى الأرضِ قَريبًا مِن عُبوَةِ العَصِيرِ وأكيَاسِ المَأكُولاَتِ الخَفيفَةِ الفَارِغَة.
لاَ أعلَمُ مَتَى غَطَطتُ فِي النَّومِ إلَى هذَا الحَد، ولَم أشعُر بشَيءٍ حَولِي حتَّى بدَأ الظَّلامُ يُغادِرُ حِينَ ضَربَ زِلزَالُ الوَعيِ جُفونِي، وبدَأتُ أفتَحُ عَينَيّ.. ثمَّ شَيئًا فَشَيئًا عَادَت حَواسِي إلَى العَمَلِ وإستِشعَارِ البِيئَةِ حَولِي، وأوَّلُ مَا إستَطَعتُ إلتِقاطَهُ كَان صَوتَ حِوارٍ مُحتَدِمٍ فِي التِّلفَاز.. لكِنَّنِي عجِزتُ عَن تَمييزِ الكَلمَاتِ تمَامًا، أنَا أستَيقِظُ للتَّو.
إنتَهَكَ البَردُ جَسَدِي المِسكِينَ دُونَ رَحمَة، مَعَ أنَّنِي حرِصتِ علَى زِيادَةِ التَّدفِئةِ فِي الشِّقَة. نَظَرتُ إلَى نَفسِي بعَينَينِ مُتَثاقِلَتَينِ ولَم أستَغرِب هَيئتِي العَشوَائيَّةَ فهِيَ رُوتِينِيَ المُفضَّلُ مُنذُ بدَأتُ فِي العَيشِ وَحدِي. سِروالٌ دَاخلِيٌ وقَمِيصٌ أبيَضٌ بحمَّلات. لاَ أتذَكَّرُ أينَ ألقَيتُ بدلَتِي الرَّسمِيَّة، لاَ أتذَكَّرُ حَتَّى كَيفَ وَصلتُ إلَى هُنَا، هَل هذِهِ مُصِيبَة؟ أعنِي.. لاَ أظُنُّنِي بحَاجَةِ إلَى الكُحُولِ لأعِيشَ حَياةً بَائسةً مَعَ نَفسِي، طَبيعَتِي اللَّعِينَةُ كَفيلَةٌ بذلِك، سأتَوقَّفُ عَن لَومِهِ علَى كُلِّ شَيء، فِي الحَقيقَة.. وبالتَّفكَيرِ بالأمر، تَوقَّفتُ عَن الشُّربِ مُنذُ أيَام، لكِنَّ حَياتِي لَم تتَحسَّن ولَم يَنخَفِض سِعرُ الإيجَار، كمَا أنَّ الأعمَال لَم تُصبِح أقلّ، والمُدِيرَةُ مَازَالت تَكرَهُنِي.
أنت تقرأ
لَيسَ بِطَريقَةٍ وَقِحَة!
Fanfic-هَل تَبقَّت لَدَيكَ أيُّ سَجَائِر؟ -لاَ. -إذًا قَبِّلنِي.