متنسوش الڤوت ورأيكم في الكومنتات
كانت تسير خلفه في صمت مريب أُصطحِبَ بتذكرها لتلك الأشياء التي رأتها سابقًا، حتى وصلت إلى مائدة الطعام لتجد نفسها واقفة أمام خمسة رجال اقوياء البنية جميعهم لم يتجاوزا عمر الأربعين عدا ذلك العجوز في الوسط الذي كان يترأس الطاولة والذي من هيئته ولحيته الخفيفة التي رُسمت على وجهه بدأ عليه أنه والدهم...
كانت تفتح فمها ببلاهة بشكل اثار الضحك لتجعل الجالسين من الفتيات يتهامسون عليها مما أدى إلى شعورها بالتوتر، ليلحق الأول الموقف وهو ينهض من مجلسه قائلًا بمرح ولكن من لا يعرفه يقول أنه يتودد إليها
"كنت أتسائل منذ مجيئي عن كثرة الأضواء فجأة اليوم ولكن الأن علمت السبب، وهو أن القمر بحد ذاته معنا في البيت"
نظرت إلى الارض خجلة من حديثه فنظرت له سعادات والشر يتطاير من عينيها وبها ما يكفي من الغيظ لاحتلال مدينة وكأنها تريد أن تنهض وتنقض عليه وتقص لسانه هذا، فهو لا يسأم من كلمات الغزل تلك التي يستخدمها مع أي إمرآة تأتي ضيفة إلى هذا البيت، علمًا بأنها حذرته مرارًا وتكرارًا بأن لا يفعل ولكن لا مع من تتحدث هذا اكثر شخص لا يهتم لأحد في هذه الحياة...
"أنا صالح ولدي لقب آخر فارتولو س"
ولم يكمل حديثه حتى كانت تسترسل هي الباقي
"فارتولو سعد الدين اليس كذلك؟ "
فتح صالح ذراعيه بفرح موجها حديثه لأخوته
"الله الله أخباري انتشرت في العالم يا هذا"
ليكمل وهو يزيل اللاشئ من على ثيابه كحركة منه للتباهي بنفسه
"بعد الآن لن أجلس معكم سوى بموعد سابق ويُفضل إن كان هناك من يتوسط لكم او شئ من هذا القبيل"
قطع حديثه المتعالي هذا صيحة حادة من والده نُطقت باسمه
"صالح"
ومجرد لفظ اسمه كان كافيًا لجعله يجلس دون ان يتفوه بحرف آخر
نهض الآخر من مجلسه مُعرفًا عن نفسه
"مرحبًا انا سليم"
ابتسمت وهي تمد يدها لكي تصافحه
يليهم الأخ الثالث
"انا ياماش الأخ الأصغر لهؤلاء"
انهى حديثه وهو يَمُر بعينيه على اشقائه الجالسين على الطاولة
وبمجرد أن نهى حديثه حتى القت سؤالها كالقذيفة التي تُطلق ولا تعرف هدفها، لطالما ودت سؤاله بمجرد نهوضه للتعريف عن نفسه
"أين سنا؟"
تعجب البعض من سؤالها لتتراكم مئات من علامات الاستفهام التي تتحارب داخل عقولهم، بينما البعض الأخر كان منهمك في تناول بعض من لقيمات الطعام في الخفاء ك اكشين وكراجا، خوفًا من أن تراهم جدتهم وتبدأ في الصراخ عليهم، ولكنهم كانوا يصبرون أنفسهم بأنه ليس ذنبهم، وماذا قد يفعلون فهم تضوروا جوعًا حتى أن اصوات معدتهم كادت أن تُسمع
ليقطع هذه الثواني التي مرت صوت السيدة الكبيرة التي تجلس بجوار زوجها
"هل تعرفين سنا؟"
أجابت الأخرى بتلقائية اكتسبتها من بعض المواقف التي تعرضت لها في صغرها وكم ودت أن تقلل منها ولكنها فشلت
"نعم، سمعت عنها كثيرًا"
بدأ ياماش في استكمال باقي حديثه
"فهمتك هي عند الطبيب ستعود في المساء"
ليتنحنح من تبقى منه وهو جالس على مقعده يهز قدميه كأنه يقول لهم
"هل سأقدم نفسي أنا الأخر أم اكتفيتم بكم انتم الثلاثة أيها الأوغاد"
فينتبه ياماش لنظرة أخيه المريبة وعيونه التي كادت أن تشتعل نارًا وتخرج من مكانها لتفتك بهم جميعًا ليبدأ في الحديث
"هذا"
ولكن لم يدع له فرصة حتى يكمل ليقول هو
"جومالي، انا جومالي الأخ الأكبر لحفنة الأوغاد تلك"
ولم يعطها فرصة للرد ليبدا الرجل الأكبر بينهم في التعريف عن نفسه بكل رُقي "أهلًا بكِ ابنتي، أنا ادريس كوشوفالي اعمل في تجارة الفاكهة في بعض الأوقات ومؤسس هذا الحي الذي نُطلق عليه اسم الحُفرة" çukur"
ابتسمت بسعادة بالغة بمجرد سماعها لآخر كلمة، لطالما ودّت سماعها من بداية الجلسة، حتى تتأكد من كل الشكوك التي تدور في رأسها
"وهذه الأم سلطان زوجتي أم الحفرة، وهؤلاء أحفادي أكين، كاراجا، أكشين، والصغير إدريس
والباقين زوجات أولادي عائشة زوجة سليم، سعادات زوجة صالح، داملا زوجة جومالي"
وبمجرد إنهاء حديثه نظر لها يجدها واقفة مترقبة حديثه تُبصر بعينيه كل شخص ذَكر اسمه
"اجلسي يا ابنتي"
لبت رغبته لتجلس وهي تنظر للصغير ادريس الذي كان يداعب أيدي والدته
ليتنهد قليلًا ويمسك بملعقة الطعام
"وبعد كل الترحيب هذا يُمكننا أن نتناول الطعام الآن"
__________________
كان جالس على مقعده الذي صُنع من حبيبات الذهب الخالص خصيصًا له، بعدما أمر أمهر الحرفيين في اسطنبول للقيام بذلك، يتناول حبات الفاكهة التي يُقطعها له مساعده الشخصي، فهو تَعودّ على فعل ذلك بنفسه، ففي كل الأحوال هو مجبور على القيام بذلك، حتى أتى واحد أخر من رجاله كانت ضربات قلبه مرتفعة حتى أوشك قلبه على الخروج من صدره، يمسك هاتفه بيد ويبدو أنه معه اتصال معلق لتتوتر حركته قليلًا قبل أن يأخذ الخطوة ويبدأ بالحديث، فهو لا يعرف كيف يخبره بهذا الشئ، ولكنه يعرف العواقب التي ستترتب عليه هو وأمثاله عندما يعلم سيده بالأمر.... ليقطع عليه كل هذه التوترات الذهنية ليردد وهو يضع قطعة التفاح في فمه
"ماذا حدث؟"
أجاب الآخر وجسده يرتجف
"سيدي عليك أن تعرف بنفسك"
أنهى حديثه وهو يمد له الهاتف بأنامل مرتعشة..
أخذ السيد الهاتف مترقبًا مِن المتصل أن يبدأ بالحديث، وبعد دقائق من الانتظار وجد أنه لن يفعل فبدأ هو
"من معي"
أتى الرد من الطرف الآخر بنبرة باردة تحملها خلفها شرارة كبيرة
"مرحبًا يا سيد "
انتظر لحظات ثم أكمل
"هل تُتابع أخبار رجالك أم تترك لهم الحرية في العمل؟"
رمق بايكال الواقفين امامه من رجاله متسائلًا في عقله ماذا فعلوا هم وبمعنى أدق ماذا فعل هذا المعتوه لهم
استرسل المتصل حديثه قائلًا
"يبدو أنك لا تتابع الأخبار حسنًا سأخبرك أنا، تلك الشاحنة الكبيرة التي ملئتها منذ يوم بسبائك الذهب، تتذكرها؟"
كان الآخر يجلس على أحر من الجمر ينتظر أن يخبره ما فعله ببضاعته ليقطع المُتصل صمته قائلًا ببسمة انتصار خُطت على وجهه
"فُجِرَت"
كانت هذه الكلمة كافية لثوران البركان الذي خُمد لسنوات طوال، فيهب من مكانه فزعًا ويمسك بأحدي التُحف الأثرية المتواجدة أمامه، يُلقى بها على رجاله حتى أنها اصابت أحدهم في رأسه، ليتراجعوا قليلًا للخلف حتى يهدأ، ولكن هذه كانت ظنون فاشلة لا أكثر لترتفع موجات غضبه ويعلو صوت أنفاسه ولم تستطع قدمه أن تتحمله فترنح في وقفته ليسقط على الكرسي بتعب، يشير بعدها لأحد رجاله حتى يحضر له الهاتف الذي القاه على الأرض نتيجة غضبه، يسحب بايكال الهاتف من يده بعنف متوعدًا لذلك الحقير الذي فعل ذلك
"أقسم أنني سأقتلكم، سأحرق الحفرة ومن بها، سأجعلها كومة من الرماد لتكون عاجزًا عن التفريق بين أجساد عائلتك"
وجد المتصل أنه لا فائدة من البقاء على الاتصال بعد هذا فها هو قد تحقق مراده
"وإذا أراد أن يلعب معنا فنحن هنا"
قالها جومالي بعدما خففت المياه الجارية التي بداخله تلك النيران التي اشعلها هذا الحقير صباح اليوم
ليُكمل صالح معقبًا على حديثه وهو ينظر للدخان الذي غطى المكان بأكمله
"وهذه البداية فقط"
______________
بعد مرور يومين
وفي هذا الظلام الحالك حيث الجميع غارق في النوم كان يزهق هو بأنفاسه وخلفه صديقه الذي لا يتركه أبدًا، بدا في الدق على الباب بقوة حتى استيقظ معظم من في البيت ليتجمعوا في الأسفل، يتسائلون بأعينهم وهم ينظرون لبعضهم البعض عن أي مصيبة حلت على رأسهم هذه المرة...
أخذ ياماش الخطوة وبدأ في التحرك ناحية الباب وخلفه عائلته، وبمجرد أن فتح الباب حتى توقف من في الخارج عن الطرق ولم يكن سوى "ميكي" رفقة "جيلاسون"
"أخي، لقد أحرقوا مخزن الأسلحة"
الآف من علامات التعجب والاستفهام المصحوبة بالصدمة ظهرت على وجوه الواقفين، بإستثناء تلك التي كانت تنزوي وحدها في الجوار، لأنها كانت تعلم بالفعل، فلكل فعل رد فعل، هذا ما قاله لها اكين عندما جلسا سويًا اليوم ليتحوارا في بعض الأمور التي تخص حياتها وأتفقوا أن يُصبحوا أصدقاء..
قاطع غمامة التفكير هذه تلك النبرة الحادة التي خرجت من فم إدريس
"أحضروا الرجال وتعالوا خلفي"
ليلحق الجميع به باستثناء اكين بناًء على رغبة والده حتى يحمي النساء إذا تعرضوا لهجوم أو ما شابه، لتعود النساء أدراجها للداخل، وتبقى هي واقفة ترى الرجال أمامها يتحركون وهم يحملون أسلحتهم مستعدين للهجوم في أي وقت، فتتفوه بكل غباء وهي تحمل معطفًا تضعه على كتفها
"سآتي معكم"
وفي استعدادها للخروج كان أكين يضع يده أمام الباب مانعًا إيها من التحرك، رافعًا حاجبه لها
"ألا تعرفين أنه لا مكان للنساء في ساحة الحرب؟!"
لتنطق هي بقلة حيلة
"ولكنني كنت سأساعدهم"
"كيف وأنتِ حتى لم تتمكني من مساعدة نفسك"
سرحت بخيالها محاولة تذكر هذا اليوم المشئوم ولولا وجود ميكي كانت قد قُتلت بالطريقة التي لم تأتي في بالها يومًا، لتتجمع الدموع في عينيها وتنكمش ملامح وجهها لإستغلاله لهذه الذكرى كنقطة ضعف لها..
ينتبه عليها وهي تمسح بيدها دموعها التي كادت أن تسقط من عينيها
"ما بكِ، ماذا حدث؟؟"
ولم تتمالك نفسها عند سؤاله فتنفجر في البكاء وترتفع أصوات شهقاتها شيئا بعد شئ، ليحاول تهدئتها ولكن لا يعرف كيف يفعل فيلجأ لإستخدام الكلمات ربما تجدي نفعًا
"ميركلانو ماذا حدث، هل أنا السبب؟ لم أقصد أقسم"
ولكن لا فائدة على العكس الأمر يزداد سؤءًا
"حسنًا أنتِ محاربة شجاعة، هيا هيا أمسكِ السلاح هذا وأصبيني"
أنهى حديثه وهو يخرج السلاح من جيبه ليمد يده لها حتى تأخذه، ولكنها تتجاهله وهي تدفن وجهها بين قدميها
"ميركلانو، أرجوكِ لا تفعلي هذا، لا استطيع رؤيتك هكذا"
ليتنهد بملل وهو يحول بعينيه في الأجواء حتى استقرت عليها مرة أخرى، ليجد يده تتجه تلقائيًا ناحية ظهرها، حتى أنها استقرت عليه لتربت عليه بحنان، مرددًا بأسف وحزن على حالتها تلك
"أعتذر حقًا"
وبمجرد أن شعرت بحركة يديه حتى هدأت شيئا فشئ وبدأت في مسح دموعها وإخراج وجهها لتظهر عينيها التي تورمتا من كثرة البكاء
"حسنًا لا شئ"
هكذا قالت وهي تنهض من مكانها، ترتب ثيابها متجهة نحو الباب، فيسد طريقها مرة أخرى، متمتمًا بحزن غطى ملامح وجهه
"هل سامحتني؟"
ووصل إليه ردها وهي تبعد يده عن طريقها وتعود للداخل قاصدة غرفتها حتى تُكمل بها نوبة بكائها، ليخرج هو نفسًا أخر قائلا بتعب
"أهٍ ميركلانو"
متنس
أنت تقرأ
رحلة إلى الحفرة
خيال (فانتازيا)مرحبًا بك عزيزي القارئ أظنك تسمرت أمام الاسم لثواني، حسنًا هذا حقك لأنني كنت مثلك في البداية ولا أعلم عن أي حفرة يتحدثون حتى اكتشفت بنفسي، أتيت إليك اليوم بشيء مختلف فريد من نوعه وهو كذلك فعلًا ليس قولًا فقط ماذا لو كان ما تتمناه في يوم من الأيام أ...