متنسوش الڤوت♥️
في هذا الوقت كان الجميع قد تفرق وصعد كل واحد منهم لغرفته حتى أن أكشين اخذت كاراجا وصعدا لغرفتهم وأخذ صالح سعادات وإدريس وذهبا لبيتهم، لم يتبقى سوى ميكي وجيلاسون فهم تولوا أمر الحراسة حتى اليوم التالي وبعدها سيأتي كمال ومتين ليستلموا مناوبتهم
لم تشعر بجسدها سوى وهي بين عناقه، ولوهلة أردات الخروج والتوقف عن هذا وبعدها بثواني فضلت المكوث اكثر والبكاء أيضًا، هي لا تدري ما يحدث لها عند رؤيته تحديدًا، في بعض الاوقات تخاف عليه، والبعض الأخر تخاف منه، ولكنها كانت تعرف شئ واحد أنها بحاجة لهذا الحنان والعطف دومًا، ربت على رأسها ثم قال بإبتسامة حانية
"مضى عزيزتي"
أومأت برأسها وهي تشدد عليه أكثر، حتى لمحت عينيها ذراعه المصابة والتي تناثرت عليها القليل من الدماء، عادت للخلف بفزع وكأن قلبها قد قُبض ثم أشارت بيدها على الإصابة كأنها تدعوه بأن ينظر إلى جرحه ويدها الأخرى كانت تضعها على فمها في محاولة منها لتمالك نفسها حتى لا تدخل في نوبة بكاء أخرى، ولأنه يعرف ماذا تنوي أن تفعل مزق كم قميصه الخاص بذراعه المصاب وأبقاه في يده وقال بهدوء شديد وهو ينظر لوجهها تارة وللجرح تارة أخرى
"خدش صغير، خدش صغير"
واستمر في تكرار جملته لثوانٍ فهذه أول مرة يخاف عليه أحد بهذا الشكل لا ينكر أن لها طريقتها الخاصة ولكنها المفضلة لقلبه دائما طالما هي أجادت فعلها ، اقتربت منه تدريجيًا حتى رأت بعض الدماء المتجلطة تغطي مكان الجرح، فأخذت نفسًا عميقًا وأخرجته مرة اخرى ثم أردفت بإعجاب مُزج براحة في قلبها وكأنها نست ما كانت تعاصره قبل قليل والطلقات النارية التي جعلتها تموت رعبًا وهي في الداخل
"اسمح لي بأن اتواقح في هذا الموقف وأخبرك أن أصابتك جعلتك أكثر وسامة"
______________
تقف أمام المرأة تتأمل ملامح وجهها تلك الندبات التي غاصت على خديها وجبينها، الهالات السوداء التي عملت على أخذ جزء كبير أسفل عينيها، شفتيها التي جفت عيونها التي ذبلت، شاماتها التي بهتت كانت تتحسس كل إنش في وجهها بتعابير قاسية كأنها تقول لنفسها "أهذه أنا"، وضعت يديها على رأسها وأزالت حجابها ببطيء، خلعت مكبس الشعر حتى انسدل شعرها على ظهرها ليظهر تقصفه وقلة حجمه لم يكن مثلما كان من قبل، لم يكن ذاك الشعر ذو اللون الأسود الداكن الذي امتد طوله ليصل عند ركبتها الأن هو بالكاد يمتد لظهرها في هذه الأثناء تذكرته عندما كان جالس في غرفته يمارس موهبته الخاصة يخط بأقلامه على الورق، انتظرت خروجه من الغرفة و تسللت إليها خفية لتجد صورتها وشعرها الذي جاهدت لإخفائه تحت حجابها مرسوم بطريقة فنية فيصل لأخر اللوحة، تسمرت في مكانها لثواني وهي تقرا تلك الكلمات التي كُتبت باللغة التركية "sen güzel" تذكرت معناها فرفرف قلبها فرحًا حتى كاد أن يتطاير من مكانه
"أيقصدها هي، هي جميلة حقًا؟ ولكن لمَ لا يراها الناس بهذا الشكل لمَ يتجنبها الجميع دائما حتى أصدقائها المقربين"
تذكرت يوم تخرجها عندما كانوا يلتقطون بعض الصور الجماعية للذكرى تركتها صديقتها المفضلة التي تحسبها شقيقتها وضمت فتاتان أخيرتين لها وبقيت هي بمفردها لم تكن هذه المرة الأولى لحدوث هذا ولكن لا هنا وكفى
خرجت من تلك الذكرى وبينها فجوة عميقة بينها وبين نفسها وأمامها حلان إمَ ضمها أو حفرها لتتعمق أكتر، ولكنها فضلت الحل الأخر، امسكت بقطعة من التحف المتواجدة أمامها ثم القت بها في المرأة وهي تصرخ في نفسها
"أنتِ قبيحة ميركلانو.. أنتِ قبيحة"
تحطمت المرآة فتناثرت أجزائها ليصبح كل جزء منها في ناحية ولكن لم تكن المرآة وحدها هي ما تحطمت كان قلبها هو من تهشم، جلست على الأرض وضمت يديها إلى صدرها ثم أردفت بفم مرتعش
"انا قبيحة اكين، الجميع يحسبني شريرة"
انهت حديثها وهي ترمق قطعة الزجاج أمامها ثواني وكانت تمسك بها وتوجها نحو معصمها
"ولكنني لست هكذا"
أنهت كلماتها ثم شددت على قطعة الزجاج حتى كادت أن تنغرس في جسدها ولكن يوقفها صوت صراخ من الأسفل، القتها من يديها ونهضت من مكانها ثم فتحت الباب وبدأت خطواتها وهي تجر قدميها خلفها هما حتى خذلاه لم يستطيعا حملها، وما كادت ان تخطي خطوات الدرج الأخيرة رأت الجميع محاط حول شخص واحد، مدت بصرها حتى رأتها في الوسط، تسارعت دقات قلبها وتناثر العرق على جبينها حتى كادت ان تقع فاستندت على الحائط جوارها وخطت الخطوات الاخيرة
تراجعت للخلف قليلًا لثوان تستوعب سبب وصولها لتلك الدرجة من الألم وعلى صرخة أخرى خطت للأمام وهي تطرق بيدها على كتف عائشة مرددة بخوف وفلق
"ما بها سنا هل حدث لها شئ؟
تجاهلت عائشة حديثها وهبت من مكانها واضعة المنشفة جوار نيدرات، ركضت نحو الهاتف بفزع، أمسكت به ويدها ترتجف لا تستطيع حتى الضغط على شاشته، انتبهت لها كاراجا فأعطت المشروب الساخن لأكشين واتجهت نحوها، أخذت منها الهاتف وقامت بالاتصال على عمها ياماش وبمجرد الرد عليهم هتفت بصوت عالي أظهر القلق في حدته
"عمي ياماش"
توقفت ثواني وهي تدير وجهها ترى وجه سنا الشاحب فنظرت للأمام مرة اخرى وشددت على الهاتف بين يديها في محاولة منها لاستجماع قوتها ولكن ما حدث عكس ذلك انهالت دموعها على خديها ورددت بصوت متقطع
"ليس.. ليست بخير"
كان الحديث يخرج من فاهها بصعوبة فهذه أول مرة ترى هذا المشهد أمامها زوجة عمها ممددة على الأرض مياه معكرة خرجت من جسدها وأحاطت المكان حولها كغشاء وثُقب
"كاراجا ماذا حدث لسنا"
فاقت من شرودها على صرخة ياماش
لتتمتم الاخرى في خوف
"لا اعرف من الواضح انها تلد..تلد"
كررت كلمتها الأخيرة ثم أغلقت الهاتف ووضعته على الطاولة وضمت والدتها إليه وبدأت في تجفيف دموعها...
كانت تجلس كالقرفصاء مطاطاه الراس لا تعرف ماذا تفعل هي فقط تشاهد تلك التي تصرخ وتبكي وبالكاد تلتقط انفاسها حتى أصبحت مثلها فُسحبت الدماء من جسدها توجهت أكشين نحو ميركلانو وجلست جوارها ثم أردفت بصوت حاني
"انها تلد.. ستكون بخير"
انهت كلامها ببسمة صغيرة ثم نظرت أمامها مرة اخرى متجاهلة نظرات تلك التي تقبع جوارها ولكن ميركلانو كانت على حق فهذه المرة الوحيدة التي بدت فيها اكشين قوية هي حتى لم تبكي مثلما كانت تفعل عندما تنهرها جدتها ربما زواجها من جيلاسون أعطاها دفعة للأمام فهذا ما كانت تحلم به والأن تحقق بعد موافقة الجميع
أومأت ميركلانو برأسها وقامت بضم يديها لصدرها كأن كلامها هذا لم يؤثر بها لوهلة
"داملا أريد ياماش.. اريد ياماش"
كان تلفظ أسمه بصعوبة وهي تبكي وللحظة شعرت بأن روحها ستخرج من جسدها تلك الالام والانقباضات الشديدة التي اصابتها كل دقيقة، المياه التي تحولت لدماء فأثارت الفزع وأدخلت الجميع في حالة من الجنون لا مثيل لها
التقطت نفسًا أخر وهي تتشبث بيد داملا وتضغط عليها بقوة
"لن يموت.. عديني"
وكأن هذا ما عاشت لأجله طيلة حياتها تلك الروح الصغيرة التي خُبئت بجسدها وأثمرت به
هزت داملا رأسها ثم مسحت تلك الدمعة التي فرت من عينيها هاربة على وجهها ظاهرة ضعفها وحزنها الذي جاهدت على تخبئه أمامها
"أين هي ماذا حدث؟؟! "
هذا الصوت، هذا الصوت الذي بث فيها الحياة من جديد مسحت دموعها واستندت على جسد داملا حتى تنهض ولكنها لم تستطع فخرت قواها وركضت مثلما كانت من قبل ليأتي هو ويحل محل داملا، ربت على رأسها
"ياماش.. ابني امانة لك"
انهت حديثها وهي تنظر إليه منتظرة منه أن يتفوه بأي شئ ولكنه أخلف توقعاتها ونهض من مكانه حاملًا إياها إلى سيارته وضعها على المقعد الخلفي ثم جلس جوارها وقام بحملها على قدميه فأصبح جسدها بين ذراعيه كأم تحمل رضيعها الذي لم يتجاوز من العمر عامين
وهمس في أذنيها برفق
"ستكونين بخير"
___________
جالسة جوار زوجها ترتل جميع ما تذكرته من القرآن الكريم والأدعية لعلها تنفعها في هذا الوقت العصيب حتى انتهت فاستغفرت ربها وهي تمسح بيدها على وجهها، ثم نظرت له ثم أردفت بقلق
"صالح سنا ستكون بخير أليس كذلك؟ "
وبحديثها هذا أرادت إجابة واحدة تُطمئن قلبها، فضمها إلى صدره بيد واليد الأخرى يضعها على مقود السيارة
"ستكون بخير ساديش ستكون بخير"
وضعت يدها على قلبه لتستشعر منه بعض الطمأنينة ولكن دقات قلبه المتضاربة وصوت أنفاسه السريعة أبى ذلك، تلك الكلمات التي خرجت من فمه لم تكن افضل حيلة للاختباء خلف حائط الخوف خاصته، ذلك الحائط الذي هُدم بمجرد رؤيته لزوجته وابنه بين يدي عدوه وعلى حافة الموت، ذاك الحائط الذي تلجلجا من جذوره وأصبح أكثر عرضة للانهيار كلما أتته عاصفة، بداية كانت يتصدى من يهاجمه ولكن الأن قلة حيلته
وفي المقعد الخلفي يجلس سليم في الوسط يضم زوجته وابنته إليه يحاول مواساتهما، لكن لا فائدة ما زال صراخها يرن في آذانهم، مشهدها وهي تتألم يمر أمام اعينهم كشبح في طريقه لسرقة أرواحهم..
لم يكن الأب الجيد والزوج الحنون الذي يهتم بزوجته وأبنائه، ولكنهم لأول مرة يظهرا أمامه بهذا الشكل لا تفترق الابنة عن أمها كأن موجة الخوف ضربت جسدهم في آنٍ واحد ودرجة واحدة، شدد من ضمه لهم ثم طبع قبلة على رأس كل واحدة منهم كوسيلة منه للتهدئة من روعهم، ومن بعدها أردف بحب
"ستكون بخير"
________________________
تجلس على الأرض ترمق الفراغ من حولها بنظرات جامدة لا مبالية، وفي عقلها الآلاف والالاف من الأحزان التي تراكمت عليها في هذه اللحظة، وفي الركن جوارها كان يستند على الحائط يُبصر تعابير وجهها التي تناولت الحزن والعبوس، الضحك والفرح وكل هذا في آنٍ واحد، كانت رؤيته لها بهذا الوجه أشبه بخناجر تُطعن في قلبه فتمزقه رويدًا رويدًا فيزداد الألم في كل ثانية عن الثانية التي تسبقها، تمنى لو كانت زوجته لضمها بين ذراعيه وأخبرها بأنه سيمُر، مهلًا زوجته حقا! كيف هو حتى لم يخبرها بهذا الشئ من قبل لم يسبق له وأخبرها بأنه يحبها، الأ يمكن أن يكون شعوره نحوها مجرد ألفة واعتياد فقط، شعور من الحيرة والتيه كاد أن يفلق رأسه لنصفين لا يعرف على ماذا يستقر، هل يحسبها زوجته ويفوح لها بما في قلبه، أم الحل الأخر وستكون صديقته ومثل شقيقته
أخرجته من شروده على جملتها التي تهامست بها وهي تنظر إليه بعين مترغرغة بالدموع
"لم أكن سيئة ليوم أكين لم أكن سيئة"
رمقها لثواني وكأن حديثها هذا كان مفاجأة له حتى كاد أن يجلي حلقه وينطق ولكنها قاطعته وهي تنهض من مكانها تاركة إياه يرمق أثرها بقلق حتى رآها تتجه إلى غرفة الطعام، فهب من مكانه ليترقب أثرها ولكن لم يكد أن يخطئ خطوة واحدة للأمام حتى كانت تقف أمامه وفي يدها سكين توجهه نحو صدرها، ازدرد ريقه وعلت الصدمة على وجهه حتى أصبح شاحبًا ثم أردف بقلق
"ماذا تفعلين؟ "
تمتم بكلماته وهو يتقدم بخطواته نحوها وهي تعود للخلف أكثر، لتصرخ به مرددة بحزم
"لا تتقدم أكين وإلا أقتلك"
ثبت في مكانه محاولًا التحكم في دقات قلبه، ثانية و كان يتقدم للأمام خطوات أخرى
"لا تفعلي هذا ميركلانو، ستكونين بخير أعدك"
وبانتهاء كلماته تحول بكائها لضحكات مرتفعة تتزايد شيئا فشيء حتى أصبحت هستيرية
"أعدك! أي وعد هذا، لا أحد يحبني اكين لا احد يحبني عليك استيعاب هذا "
كانت تصرخ بكلماتها وهي تشدد من وضع يدها على السكين أكثر فأكثر
صمتت قليلًا ثم اكملت بنبرة هادئة بعض الشئ وهناك بسمة لا تتناسب مع الوقف اعتلت على وجهها
"أتعلم عندما كنت في الرابعة عشر من عمري لم يكن لدي أصدقاء، كان الجميع لديه صديقة واثنتين باستثنائي أنا، في وقت الاستراحة كانوا يخرجون ويشترون الطعام وأنا كنت أجلس في الصف وحيدة أنظر إلى السبورة فقط، كنت انتظر مجيء الساعة الثانية حتى اعود لأمي وتضمني بين ذراعيها وتربت على رأسي مثلما كانت تفعل كل مرة أعود لها باكية فيها"
مسحت بيدها دموعها ثم اكملت وصوت شهقاتها قد أرتفع
"الجميع يظنني مريضة نفسية ولكنني لست هكذا، أنا أردت تكوين صداقات لكنهم أبوا ذلك أكين، هم لم يعطوني الحق في إقامة علاقة ناجحة في الحياة، حتى عندما ذهبت إلى الجامعة كان الأمر أكثر تعقيدًا لا أعرف كيف اتحدث كيف أجامل لا أفقه أي شئ، لأنني لم اتعامل مع بشر من قبل سوى عائلتي، أصبحت انطوائية أكين "
أنهت حديثها وهي تصرخ بكلماتها الإخيرة، فاقترب منها أكثر بخطى مرتبكة، مدّ يده لها في محاولة منه لحماية روحها
"حسنًا ميركلانو، هيا أعطني السكين"
تبادلت نظراتها بينه وبين السكين تارة حتى حررته من يديها، سقط على الأرض، فتدنى بجسده وحمله بسرعة ليضعه في مكان بعيدًا عنها، وما هي إلا لحظات وعاد مرة أخرى لتسترسل بقية حديثها بنبرة متلعثمة
"هم...هم لم يعطوني حق الحياة، البشر أذاني أكين"
أبت قدميها الوقوف فجلست على الأرض وهي تمسح بيديها دموعها لكن كلما فعلت زادت أكثر ، جلس جوارها وتساقطت الدموع من عينيه، لا يعرف أنها تخبئ كل هذا في قلبها، كانت تبكي كثيرًا ولكنه كان مغفلًا عندما ظن أن هذه طبيعتها لم يكن يعلم أن خلف هذه الطبيعة الظاهرة مئات من الحقائق المؤلمة، عانت الوحدة كثيرًا وبمعاشرتها له أصبحت تخشى فقدانه كمن وجد حبل النجاة فأبى السقوط...
اقترب منها وهو يمد ذراعيه لها محاولًا إحاطة جسدها وضمها له ولكنها تحركت بعيدًا عنه بخطوات، لكن الأن هو مُجبر علي فعل ذلك يجب طمأنتها وإخبارها بأنها ليست وحيده وأنه هنا معها، عاد فعلته، تخدل جسدها فضمها إليه وهو يضع رأسها على صدره ومن ثم مسح بيديه تلك الدموع التي انسالت على وجهها فأكملت بتبرة حزينة مؤلمة وكأن الكلمات تخرج من صدرها فتمزقه
"عندما كانوا يروني كانوا يتهامسون فيما بينهم فابتعدت عنهم، اعتقدت دائمًا أنني السيئة وأن مظهري لا يروق لهم، حاولت التغيير لأصبح مثلهم ولكن لم استطع الأمر صعب، كمن يقتلع قلبك من صدرك"
خرجت من بين ذراعيه وجلست أمامه فأصبح وجهها مقابلًا لخاصته، صمتت قليلًا ثم قالت بجدية وبدون أي مقدمات ببسمة واسعة لا تلائم حديثها بأي شكل من الأشكال
"كنت على وشك الانتحار اليوم أكين، ولأكون صريحة معك لم تكن تلك محاولتي الأولى"
أنتهت من حديثها ببساطة جعلت قلبه يخفق برعب وهو يراها ترفع أكمامها أمام عينه، ليتراجع هو للخلف مرتعبًا يرى مقدار الجروح في يديها، بينما ميركلانو اخذت تعد الجروح ودموعها تتساقط دون شعور قبل أن تقول بكل بساطة
"كان هناك مرتين من قبل باستخدام الأدوات الحادة كالسكين وسبقها جرعات زائدة من الأدوية ولكن تعرف الأمر كان غاية في الصعوبة أي إنك تظل تراقب جسدك وهو ينزف الدماء حتى تخرج روحك وتنتهي ولكن هذا فشلت به أيضًا، أنا ... "
ودون أن تكمل حديثها كانت صفعة اكين تسقط على وجهها فيرن صداها في المكان بأكمله ورأسها تتحرك بقوة كبيرة للجانب الآخر وصرختها تعلو في المكان
وضعت يدها على وجهها بصدمة وقلبها يخفق بسرعة مخيفة، لا تصدق ما حدث منذ ثواني، تنظر في وجهه بعدم فهم وكأن عقلها انتزع منها للتو، دموعها تهبط ببطء بعدما ظنت لثواني انها استطاعت التغلب على بكائها، وقبل حتى أن تستوعب ما حدث وجدت يده تنتشلها من تلك اللحظات وهو يهزها بعنف وغضب
" هل جُننتِ! تتحدثين عن محاولة انتحارك بتلك البساطة ميركلانو، أجبيني"
سقطت دموعها وهي تردف بصرخات عالية كادت إن تمزق نياط قلبها
"نعم أنا مجنونة اكين، انت لم تعيش ما عشته حتى تشعر بي"
كان ينظر لها بصدمة لا يصدق ما يخرج من فمها أهي تستوعب ما تقوله قبض على كتفيها بيديه ثم تفوه بنبرة عاتبة
"حقًا أهكذا تقولين! "
لم تجب عليه فأكمل قائلًا
"لم تكوني مثلي ليوم ميركلانو وحمدًا لله أنكِ لم تكوني هكذا"
أمسك وجهها وهو يجبرها على النظر إليه بعدما كانت تتنفس بقوة ووجع
"أنا نشأت في عائلة تحارب وتقاتل لا يمضى أيام إلا ويظهر لنا عدو أخر وهذا ما رأيته منذ شهور كان أبسط نموذج على ذلك عندما أطلق النار علي واصيب ذراعي، لم تكون هذه طموحي ميركلانو فنحن نحارب من أجل اللاشئ، أحيانًا أسال نفسي ماذا لو نشأت بين عائلة اخرى لا تتبع لآل كوشوفالي بأي صلة الم اكن سأعيش انا ووالدتي وشقيقتي بسلام وراحة نفس الآن، حياتنا ليست بسيطة، تخرجين من هذا الباب ولا تعرفين إن كنتِ ستعودين أم لا، أتعرفين ماذا كنت أود أن أكون "
نظرت له في ترقب فأكمل بابتسامة
"طبيب أطفال، أحبهم كثيرًا وأحب اللعب معهم، أعشق ادريس الصغير وكنت أحمله كثيرًا وأدلله وما زلت، لن يتغير شئ"
صمت قليلًا ثم أردف وهو يمسك بيديها
"تعرفين شئ أتمنى أن يكون لدي عائلة حتى يصبح عندي أطفال كثيرة سأنجب ابنتان وولد سأسمي واحدة على اسمك ميركلانو والاسم الأخر ستختارينه أنت ِ والولد سأسميه محمد وسنأخذهم ونبتعد عن هنا سأجعلهم يدرسون في مدارس خاصة وسيكملون تعليمهم الجامعي حتى يصبح كل واحد منهم مثلما يشاء لن اجبرهم على شئ هم احرار ولكن لن اتركهم بين الدماء لن اجعلهم يتذوقوا ما تذوقته أنا"
توقف وهو يبتلع غصة مريرة في فمه ثم ابتسم ففعلت مثل خاصته وهي تربت على رأسها
"أنت لطيف جدًا اكين"
"وأنتِ كذلك ميركلانو"
أنهى حديثه وهو ينهض من مكانه ساحبًا إياها خلفه حتى اتجه إلى الباب وحمل معطفًا وضعه على كتفها ثم أكمل في سيره وهي خلفه حتى أوقفته وهي تنظر إليه بعيون باكية
"ألست قبيحة أكين؟"
"قُبحك محياي جميلتي "
ختم حديثه وهو يقترب منها ويضع قبلة على رأسها وما كادت أن تجلي حلقها وتتفوه بكلمة، كان يحملها بين يديه متجهًا بها نحو سيارته، ظلت تصرخ طالبة منه أن ينزلها ولكنه لم يفعل سوى وهو يضعها على الكرسي داخل السيارة ومن ثم ذهب للجلوس على كرسي القيادة ونظر لها في المرآة
إذن؟"
نظرت له بعدم فهم وهي تردد خلفه كلمته
"إذن؟ "
اردف بحماس وهو يضع المفاتيح في مقود السيارة
"هيا بنا عزيزتي أمامنا رحلة طويلة اليوم "
أنت تقرأ
رحلة إلى الحفرة
Fantasyمرحبًا بك عزيزي القارئ أظنك تسمرت أمام الاسم لثواني، حسنًا هذا حقك لأنني كنت مثلك في البداية ولا أعلم عن أي حفرة يتحدثون حتى اكتشفت بنفسي، أتيت إليك اليوم بشيء مختلف فريد من نوعه وهو كذلك فعلًا ليس قولًا فقط ماذا لو كان ما تتمناه في يوم من الأيام أ...