ضوء الشارع يسقط عليه عبر النافذة العالية و هو مستلق على سريره الفخم. يدخن لفافته الاخيرة قبل النوم، و يتأمل خيوط الدخان كالأحلام سابحة في نهر الضوء، تأفل في فضاء القبو كالغياب. كان يومه عاديا، كيوم اي قاتل عادي. يغرق عند المساء في التعب، يفكر في ضحيته الجديدة غدا. و لكن ما الذي طير النوم من عينيه؟ ذنوبه المتراكمة؟ اعدائه؟ ابنته الوحيده؟ زوجته؟ "لا...لا" قال هامسا باضطراب و رعشة. فأطفئ لفافته...و راقب الضوء عبر النافذة مستلقيا يجتر يومه المتعب باسترخاء. سمع في داخله صوتا مخنوقا صوتا يشبه نبرة هدوئه و راح يرسم الصوت كنوبات على الضوء فيختنق الصوت اكثر فأكثر، و يوحي إليه بالضياع و الوحدة. و شعر ان الصوت المخنوق سيبوح اخيرا بفنائه، ممجوجا بلهجة تأنيب. فضهر له على شكل ذكريات:
قبل 5 أعوام
عندما رآها كتمثال عاجي تستلقيأمام الباب و الدماء التي حولها توحي لك بالحزن و الفزع الشديد و ابنتها التي هرعت إليها بجنون باكيتا فرفعتها إليها و صرخت "امي!!" كان ذلك المنظر يذير في النفس الرهبة. فبكى دمعا فائرا و لم يجد مناصا برغم ضياع الحقيقة فعندما حملها بين ذراعيه و ذهب بها إلى أقرب مشفى و كان الجميع ينظرون إليه بصمت او قل يشمتون بعد أن عرفوا حقيقة عمله. فآل به الأمر أن يخرج الطبيب من غرفة العمليات يعلن وفاة الزوجة. فترعرعت عينا الطفلة بالبكاء و سقط الرجل من الصدمة و الحزن.
الحاضر
و كاد يمضي الليل حتى اوقد أرواح هائمة مهبطة الوحي في ذاكرته، ففتح عينيه عنوة...غشاوة الدمع اسرف في التقاط الضوء، و هو يرمش ثم يمسح دموعه بكم قميصه الداكن عن وجهه. فكان يحاول نسيان وجعه ببعض الذكريات السعيدة القليلة و التي لم تعد موجوده و تذكر اول لقاء له مع فكتوريا(زوجته) فأصبح يسترجع ذكرياته و هو يضحك بهستريه ممزوج ببكاء و دموع كان يخبئاها طوال هذه السنين.
قبل عشر سنوات
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.